أي ضمير وأية مصداقية بقيت للعالم الغربي وهو يكيل بمكيالين

أي ضمير وأية مصداقية بقيت للعالم الغربي وهو يكيل بمكيالين فيدين العدوان على الأوكرانيين ويغض الطرف عن العدوان على الفلسطينيين ؟؟؟

من المؤسف جدا ونحن في القرن الواحد والعشرين، وهو عصر التطور التكنولوجي الباهر، وعصر المباهاة بالقيم الحضارية والإنسانية الراقية  أن يشهد  عالمنا عدوان بلدان وشعوب على  أخرى بكل وحشية وشراسة تذكر بما كانت يحدث في عصور سيادة الهمجية وسيادة قانون الغاب من حروب مهينة لآدمية بني آدم .

 فها هم الروس يهاجمون أوكرانيا بأعتى ما يملكون من أسلحة فتاكة تبيد الإنسان وتدمر العمران ، والله وحده  يعلم إلى اي  مدى سيستمر هذا العدوان ؟ وإلى أي حد سيصل تلويح وتهديد الروس باستعمال أسلحة الدمار الشامل ؟

 ومعلوم أن للروس ملفا في غاية السوء والقبح بخصوص الاعتداء على بلدان وشعوب نذكر منها أرض أفغانستان وشعبها المسلم ، وسوريا وشعبها المسلم . ومن نفاق العالم الغربي الذي درج عليه الكيل بمكيالين بخصوص إدانة العدوان في بلدان ، والسكوت عليه في أخرى، مع أن ملفه  هو الآخرلا يقل سوء وقبحا عن الملف الروسي  من حيث العدوان على بلدان وشعوبها ، والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر  فيتنام ، وأفغانستان ،والعراق... والقائمة طويلة.

وها هو نفاق الغرب المدعي للتحضر ، والوصاية على القيم الإنسانية والحضارية ، والقوانين الدولية ، وحماية الديمقراطية ، و حماية الحقوق والحريات ينكشف مرة أخرى من خلال اتخاذ موقفين على طرفي نقيض حيث أدان بشدة العدوان الروسي على أوكرانيا  ، ووقف إلى جانب الشعب الأوكراني ماديا ومعنويا  بينما يتعرض الشعب الفلسطيني للعدوان الصهيوني الذي دأب على التنكيل به كلما حل شهر الصيام دون أن يدين الغرب عدوانه بل أكثر من ذلك يدين بشدة رد الشعب الفلسطيني على العدوان الصهيوني دون أدنى  إدانة أو حتى مجرد إشارة إلى هذا الأخير، فأي ضمير ، فأية مصداقية بقيت له وهو ينهج نهج الكيل بمكيالين المخزي ؟

 إن الشعب الفلسطيني مثله مثل الشعب الأوكراني يتعرض هو الآخر للظلم والعدوان ، فلماذا لا يعامل بنفس المعاملة ، ولا يكال له بنفس المكيال الذي كيل به للشعب الأوكراني ؟  

وإذا كان العدوان الروسي على أوكرانيا قد تسبب في تهجير الملايين من شعبها ،فالعدوان الصهيوني قد هجر من الفلسطينيين أضعاف ما هجّر الروس من الأوكرانيين ، فماذا يتحسر  الغرب على هؤلاء ، ولا يبالي بالفلسطينيين ؟

إن الأحرار في العالم الغربي وهم من النخب النيرة ، وذات الوزن الفكري  قد بثوا العديد من الفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يدينون فيها ازدواجية  مكيال الأنظمة الغربية في التعامل مع القضية الأوكرانية ومع القضية الفلسطينية  ، وتعرضوا فيها أيضا لسكوتها على العدوان الروسي  الذي لا زال مستمرا  لحد الساعة على الشعب السوري ، وبهذا  يكون شهود من  أبناء الغرب  لا يطعن في شهادتهم قد شهدوا على هذه الازدواجية  الصارخة في الكيل بمكيال التي تعتمدها الأنظمة الغربية دون خجل أو وخز من ضمير .

ولقد تبين  مؤخرا بما لا يدع مجالا للشك أن الأنظمة الغربية تستهين بدماء الفلسطينيين وأرواحهم ، وبدماء وأرواح عموم المسلمين عربا وعجما وحتى بدماء وأرواح غير المسلمين من  ذوي البشرة السمراء ، والشعر الجعد ،وقد عبرت عن ذلك مؤحرا  بازدواجية مكيالها أيضا خلال عملية نزوح الأوكرانيين فرارا من الحرب الدائرة في بلادهم حيث تم التمييز بين عيون زرقاء وأخرى بألوان أخرى، وبين شعر أشقر وآخر بألوان أخرى ، وبين عرق أوروبي وآخر غير أوروبي ، وقد صرح بذلك مسؤولون كبار دون خجل عبر وسائل الإعلام بوجوه كالصفيح كما يقول المثل المغربي . فأية حضارة هذه ؟ وأي تحضر هذا ؟  ونحن في القرن الواحد والعشرين ـ يا حسرتاه ـ

إن العالم الغربي مطالب اليوم أبناؤه من ذوي الضمائر الحية أن يعملوا على  إحداث تغيير جذري  في معايير التصرف مع بني آدم فوق سطح المعمور، وذلك بوضع حد لكيله بمكيالين في أمور واحدة لا اختلاف بينها إما بدافع التعصب العرقي ، أو بدافع تغليب المصالح على المبادىء .

وأخيرا  نقول إننا إذ نعبر عن تضامنا الكامل  والصادق مع الشعب الأوكراني المعتدى عليه لنكيل بنفس المكيال بالنسبة للشعب الفلسطيني المعتدى عليه من جنس نفس العدوان . وإذا كان الشعب الأوكراني قد وجد الدعم الكامل في البشر ، فلك الله رب البشر يا شعب فلسطين ، ولن يجعل سبحانه لعدوك عليك سبيلا .

وسوم: العدد 977