لا تأبه يا بن عطوان ! على نفسها وعلى أهلها جنت " براقش " الإسرائيلية

كل من يعرف إسرائيل وأذرعها التي تمارس بها جرائمها المتباينة لا يستغرب منها أي جريمة أو تصرف منافٍ للمتعارف عليه من القيم الأخلاقية والمُتبعات القانونية . إنها تقتل الفلسطينيين قتلا شبه يومي ، فإذا دافعوا عن أنفسهم بأضعف الوسائل سمت دفاعهم إرهابا ، وإذا مجدوا مواطنيهم الذين يضحون بأرواحهم في هذا الدفاع الذي تقره كل شرائع الله والإنسان غضبت من الممجدين ، واتهمتهم بتشجيع الإرهاب ، وطلبت من العالم إدانتهم . إنها مثل اللص الذي أخفق في السطو على البيت لوجود صاحبه فيه ، فذهب إلى الشرطة ، واشتكاه لوجوده في بيته . وحقا ليس بعد الكفر ذنب ، فلا عجب في كل ما تقوله إسرائيل عن الفلسطينيين من القبائح أو تقترفه في حقهم من الجرائم بعد أن اقترفت الذنب الأكبر بسرقة وطنهم . كل قبائحها وجرائمها بعد سرقته متفرعات وامتدادات سياقية لتلك السرقة . ونحن الآن في مواجهة موبقة  إسرائيلية جديدة من تلك المتفرعات والامتدادات ، وهي اتهام عبد الباري عطوان رئيس تحرير " رأي اليوم " بتشجيع " الإرهاب الفلسطيني " ضد إسرائيل لامتداحه العملية التي نفذها الشهيد رعد حازم في تل أبيب ، وقتل فيها ثلاثة إسرائيليين وجرح عشرة . وتولت حملة الاتهام صحيفة ال " جويش كرونيكل " اليهودية الصهيونية اللندنية ، وتطلب فيها تطبيق قانون محاربة الإرهاب بحقه الذي _ لاسمح الله _ سيؤدي لسجنه خمسة عشر عاما في حال نجاح حملة اتهامها له من خلال رفع قضية عليه . وعبد الباري لم يشجع إرهابا ، كل ما قاله في قناته على اليوتيوب ، وكل ما كتبه في " رأي اليوم " لا يتعدى الإقرار المشروع بحق شعبه ، وهو ابن سدود التي اغتصبتها إسرائيل وشردت أسرته منها مثلما شردت مئات آلاف الأسر الفلسطينية من مدنها وقراها ؛ في حماية حياته وحقوقه في وطنه . إسرائيل وأنصارها وأذرعها المتنوعة بما فيها الإعلام ، ومنه ال " جويش كرونيكل " ، يستهولون أن يدافع فلسطيني بمفرده عن شعبه مثلما فعل رعد ، ويرون عمليات القتل والاعتقال والاقتحامات التي ينفذها آلاف الجنود والمستوطنين الإسرائيليين المسلحين شيئا عاديا ودفاعا عن النفس وحربا على الإرهاب . يضعون معايير تلائم عدوانهم وتسوغه ، وبستنكرون حق ضحاياهم في أن يكون لهم معاييرهم التي يتصرفون  وفقها لرد شيء من هذا العدوان ، وهي معايير ربانية وبشرية مجمع عليها . هل يريدون من الفلسطينيين أن ينثروا الورود على جنودهم ومستوطنيهم المعتدين ؟! لا أحد ينثر وردا على معتدٍ . وأبدت إسرائيل في الحين الأخير قلقا واضحا من عودة القضية الفلسطينية إلى أخذ حيز من الاهتمام العالمي ، وبدت هذه العودة في كثرة واصفيها بالعنصرية في مؤسسات أكاديمية وحقوقية وتشريعية مرموقة في أوروبا وأميركا ، وهي قطعا أسوأ كثيرا من دولة عنصرية . العنصرية قد تكتفي بالتفرقة بين الناس في الحقوق ، ولكنها لا تقتلهم وتعتقلهم وتسرق أرضهم وتهدم بيوتهم مثلما تفعل إسرائيل في الضفة والقدس ، وهي لا تحاصرهم وتحدد عدد ونوع السلع المسموح لهم باستيرادها مثلما تفعل في غزة . ثلث يهود أميركا قالوا في استطلاع منذ يومين أن إسرائيل دولة عنصرية . وكشف ، قبل أمس ،  استطلاع مشترك لقسم القضايا الحرجة في جامعة ميريلاند ومشروع  العلوم السياسية للشرق الأوسط بجامعة جورج تاون اعتبار 60 % من الأكاديميين والباحثين الأميركيين إسرائيل دولة فصل عنصري . وهذه النسبة العالية من هذه النخب الأكاديمية ذات المعرفة الموثوقة بما تبدي رأيها فيه ؛  انتصار معنوي مبين  للحق الفلسطيني ، وهزيمة معنوية صادمة للباطل الإسرائيلي . وترعب هذه الاستطلاعات إسرائيل ، وتنفذ سهاما نارية في قلبها لكونها من بلد هو المؤيد الأكبر لها ، ولها في مجتمعه ومؤسساته وسائل تأثير كثيرة ، وأخفقت هذه الوسائل في صبغ صورتها الحقيقية باللون الديمقراطي والإنساني الذي أصرت دائما على أنه لونها . فجرائمها التي تقترفها ضد الفلسطينيين يستحيل إخفاؤها بأي وسيلة في زمن صار العالم فيه تحت الأضواء الإعلامية بالصورة قبل الكلمة ثانية بثانية . تردي صورة إسرائيل في العالم ، وتعري دمويتها وسوادها وبشاعتها ، وموجات الرعب والكرب والقنوط التي عجنت روحها عجنا عاصفا حارقا بعد العمليات الفلسطينية في عمقها ، والوسواس الذي قبض على تلك الروح الشريرة المظلمة من عمليات أخرى ؛ سلبتها كثيرا من السيطرة على أقوالها وأفعالها ، فصارت تطلق سهامها الطائشة في كل اتجاه على من تعدهم معادين لها ومؤيدين للحق الفلسطيني في الدفاع عن النفس ، واتجه أحد سهامها عبر ال " جويش كرونيكل " إلى عبد الباري عطوان ، وخدمته بهذا السهم وخدمت قضيته وقضية شعبه . كثيرون في العالم سيتحدثون عنه وعن شعبه وعن ظلم إسرائيل لهما ، وسيذكر كثيرون أنه من أسدود الفلسطينية التي سرقتها إسرائيل  ،  وستنهال من كل العالم سهام كثيرة على جسدها الذي  يتغذى من خيرات فلسطين الني سطت عليها في وضح التاريخ   ، وستكون مثل الكلبة " براقش " التي جنت على نفسها وعلى أهلها في الحكاية العربية الشهيرة حين نبحت أعداءهم ، فاستدلوا على وجودهم ، وقتلوهم وقتلوها . ودائما وأبدا ، وهذا قضاء إلهي عادل ، لا يحيق المكر السيء  إلا بأهله . فزت يا بن عطوان _ إن شاء الله _ وفازت قضية شعبك العادلة . 

وسوم: العدد 977