إنما أنا ناقل عِلْمٍ ولست بعالِمٍ

أقولها منذ عشرات السنين

وقد تخطيت الثمانين

وكلما مرت السنون

اقتنعت بذلك

فأين أنا من قول الإمام الشافعي:

كلما أدبني الدهر * أراني نقص عقلي

وإذا ما ازددت علمًا * زادني علمًا بجهلي

ذلك أنني تعلمت الدين تعليما غير نظاميٍ، بينما الشيخ "عالِمُ الدين" قد أفنى عمره في حفظ وتعلم وفهم المتون على أساتذة علماء في كل مادة على حِدَةٍ

رغم أنني شيخ ابن شيخ ابن شيخ؛ فجدي السيد الإمام محمد رشيد رضا صاحب المنار هو سليل عائلة المشايخ في القلمون طرابلس الشام، وهو منسوب إلى الحسين بن علي من جهة أبيه وللحسن بن علي من جهة أمه

وما زلت أُدعى هناك بـ "الشيخ فؤاد"

ولكن (وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)

"ولا محاباة في العلم والدين"

كما قال السيد رشيد رضا

والباحث عن الحقيقة

دائم البحث

لا يكل ولا يمل

فقد رُئي الإمام أحمد على كبر سنه وفي يده دواة وكاغد يكتب به وهو يركض بين الشيوخ، فقال له قائل: يا أحمد، هذا على كبر سنك؟ فقال: نعم، مع المحبرة إلى المقبرة.

والباحث عن الحقيقة

لا ينزعج من الرأي المخالف

فكما قال الإمام مالك بن أنس: "كل أحد يؤخذ من كلامه ويُرَدُّ عليه، إلا صاحب هذا القبر". ويشير إلى قبر النبي ﷺ. كما أوردها السيد رشيد رضا.

وقال الإمام الشافعي:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي * فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقـال لـي إن الـعـلـم نـور * ونـور الله لا يهـدى لـعــاصـي

وقال:

بقدرِ الكدِّ تكتسبُ المعالي * ومن طلب العلا سهر الليالي

ومن رام العلا من غير كد * أضاع العمر في طلب المحال

تروم العز ثم تنام ليلاً * يغوص البحر من طلب اللآلي

وقال:

العلمُ مغرسُ كلِّ فخرٍ وَاحذَرْ * يَفُوتُك فَخْرُ ذَاكَ المغْرَسِ

اعلم بأنَّ العلم ليس ينالهُ * مَنْ هَمُّهُ في مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ

إلاَّ أَخُو العِلمِ الَّذِي يُعْنَى بِهِ * في حالتيه عاريا أو مكتسي

فاجعل لنفسكَ منهُ حظاً وافراً * وَاهْجُرْ لَهُ طِيبَ الرُّقَادِ وَعَبسِ

فَلَعَلَّ يَوْماً إنْ حَضَرْتَ بِمَجْلِسٍ * كنتَ الرئيس وفخرّ ذاك المجلسِ

ويقول أبو المعالي الجويني الملقب بـ "إمام الحرمين":

أخي لن تَنَالَ العِلمَ الا بسِتَةٍ * سانبيك عن تفصيلها ببيانِ

ذكاءٌ وحرصٌ وافتقارٌ وغربةٌ * وتلقينُ أستاذٍ وطولُ زمانِ

فهيئ نفسك لذلك، لترى ما هناك

وإلى الباحثين عن الحقيقة غير المتعصبين لآرائهم، أهدي هذه الكلمات لعلها تنفعني وتنفعهم:

 "إن الفلسفة بحر، على خلاف البحور، يَجِدُ راكِبَهُ الخطر والزيغ في سواحله وشطآنه، والأمان والإيمان في لُجَجِه وأعماقه". كما قال الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس الشام في "قصة الإيمان، بين الفلسفة والعلم والقرآن" على لسان الشيخ أبو النور الموزون السمرقندي إلى تلميذه حيران بن الأضعف المائي البنجابي.

أما اختلاف الآراء فيحكمه قول الله تعالى:

{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}[هود:118]

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: (الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها)، رواه الترمذي في جامعه، وابن ماجه في سننه، والعقيلي في الضعفاء، وابن عدي في الكامل، وابن حبان في المجروحين.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث - وفي رواية فحيث - وجدها فهو أحق بها - وفي رواية جذبها)، رواه الترمذي وابن ماجه وابن حِبان بإسناد ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.

والمعنى يظل صحيحا، ذلك أن المؤمن لا يزال طالبا للحق حريصا عليه، ولا يمنعه من الأخذ به شيء، فكل من قال بصوابٍ قُبِلَ قوله وإن كان بعيدا بغيضا، وقد قال تعالى في كتابه الحكيم: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:8]

ويقول محمد رشيد رضا في "قاعدة المنار الذهبية": "نتعاون على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

فؤاد رضا حفيد رشيد رضا

حفيد تخطى الثمانين وغادر العشرين منذ ستين

وسوم: العدد 981