شَيْطَنَة الْمُخَالِف

هي خلاصة تجربة تعايش و تواصل اجتماعي مع شرائح متنوعة ، مختلفة في أعمارها و مشاربها الثقافية و وجهتها الفكرية، في خضم هذا التواصل من الطبيعي لا عجب أن تنشأ بين الناس نقاشات و تبادل آراء و وجهات نظر ، لكن الاستثناء يحصل أن يقابلنا شرائح غريبة الأطوار ، غريبة المواقف و الأحكام ، هذه الشرائح عينة قد يصدق أن تسمى أصحاب الحق المطلق ، من يحتكرون الحقيقة ، يحتكرون المعرفة ، فهم في نظر غيرهم ملاك الحقائق و دونهم اتباع ، واجبهم السمع و الطاعة العمياء ، حين تخالفهم سلوا في وجوه من يخالفهم سيف الحجاج ، تكون المختلف عن نسقهم شيطان يستحق الرجم و اللعن .

جُرِّبْ أَنْ تَسْتَقِلَّ بِرَأْيِكَ ، جُرِّبْ أَنْ تَكُونَ لَكَ وَجْهَةُ نَظَرٍ ، جُرِّبْ أَنْ يَكُونَ لَكَ تَجْرِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ ، جرب أن تؤسس لك رؤية و قناعة اجتهادية، حتما سيكونُ نَتِيجَةَ تِلْك التَّجَارِب و ذلك التميز أنْ يُلْبِسُوكَ ثَوْبَ الْخِيَانَةِ ، لِأَنَّك ببساطة مُخْتَلَفٌ عَن تشكيلةِ الْقَوْم ، في الحقيقة الأمر أَنَّه التَّرَدِّي و السُّقُوطُ ، فِي أَسْمَى صُورَه. .

في اعتقادي لَا أتصورُ أَنَّ الْخِلَافَ الِاجْتِهَادِيّ أَوْ الِاخْتِلَافَ فِي وِجْهَاتِ النَّظَرِ ، أَوْ حَتَّى اخْتِلَافَ القناعاتِ يُؤَدِّي بِنَا إِلَى مَسْخِ الْحَقَائِقِ و تَسْوِيدِ المسارِ ، أَنَّ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ حَظِّ العقول خَصْلَةٌ ، و لَا مِنْ العدل شِيَمِةٌ و لَا مِنْ رِحَابِةِ الصَّدْرِ فُسْحَةٌ ، أتَخَيَّل هَؤُلَاء أَخَذُوا مِنْ كُلِّ الصِّفَاتِ الدونيةِ أَثَرًا ، يَكْفِي ، أَن تلمحَ آثَارَ سَيْرِهِم ، الْقِدْحُ ، التخوينُ ، اِسْتِصْغارُ الْمُخَالِفِ ، و نَبْشُ الْقُبُورِ الْمُحَرَّمَةِ ، كَأَّنَ هَؤُلَاءِ مَلَائِكَةٌ مصطفون ، وُلِدُوا بِلَا خَطَأٌ ،ولدوا بلا عيب ، مُنَزَّهُونَ عن النقص البشري ، وَجَدْتَهُم متعلمون أو يحسبون من النخبة و يَقْرَأُون الْمَوَاعِظَ ، و مَعَه يَمْشُونَ بِالنَّمِيمَةِ و الْغِيبَةِ ، إنْ عاشرتَهم و خَالَفْتَهُم أَخْرِجُوا لَك الْمَسْتُورَ ، و داسُوا عَلَى جَمِيلٍ الْأَيَّامِ .

يئس عَشْرَةُ هَؤُلَاء ، أَنَّهُم بِالتَّذْكِيرِ( يُنْكِرُونَ الْعَشِيرَ )

وسوم: العدد 993