الغارديان: الليبيون فقدوا الثقة بتوقف الطبقة السياسية والميليشيات والمرتزقة عن سرقة البلاد

لندن-  نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن الليبيين فقدوا الثقة بالطبقة السياسية، وأشار إلى شهادة قدمها مستشار للبعثة الأمريكية في الأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي يوم الإثنين. وجاءت بعد مواجهات دامية جرت بين الميليشيات في العاصمة طرابلس.

وقال الكاتب إن الليبيين لا يصدقون أن الطبقة السياسية والميليشيات والمرتزقة ستتوقف عن سرقة ثروة البلاد، خاصة بعد المواجهات الأسوأ التي شهدتها العاصمة منذ سنوات، وقتل فيها أكثر من 32 شخصا وجرح 150 في المعارك بين الميليشيات الموالية لكل من عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا. وتسيطر حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها الدبيبة على غرب ليبيا بما فيها العاصمة طرابلس، فيما انتخب مجلس النواب في طبرق، فتحي باشاغا رئيسا للحكومة المنافسة وهو يحاول دخول العاصمة، بدعم من أمير الحرب خليفة حفتر. ودخلت الميليشيات الموالية لباشاغا بما فيها الكتيبة التي يقودها الثري وأمير الحرب هيثم التاجوري، العاصمة للإطاحة بحكومة الدبيبة، لكنها تلقت هزيمة منكرة.

وقدم جيفري دي لورنتيس، المستشار لبعثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، تقييما قاتما للوضع في ليبيا أثناء لقاء لمجلس الأمن الدولي يوم الإثنين. وقال إن الليبيين “يفقدون الأمل من أن بلدهم سيتعافى من الفساد والتأثير الأجنبي ووحدة القوى المسلحة وانسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلاد. وهم محرومون من الخدمات الأساسية في وقت يتقاسم القادة موارد الثروة النفطية بالطريقة التي تخدم مصالحهم، وتحديدا الميليشيات التي تسيطر عليها الفصائل، بحيث يُحرم الشعب الليبي من الثروة الوطنية”.

وقدم النقاش في الأمم المتحدة أفكارا جديدة، إلى جانب دعوة المجلس للموافقة على مبعوث جديد إلى ليبيا، التي ليس لديها مبعوث منذ تشرين الثاني/ نوفمبر بسبب الانقسامات السياسية. وتم طرح اسم الدبلوماسي السنغالي عبد الله باثلي، لكن بعض الليبيين وقفوا أمام المقترح لخوفهم من عدم فعاليته. واستمع مجلس الأمن من لجنة الخبراء، أن تركيا هي الدولة التي تقوم بخرق حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

وقال طارق المجريسي، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن عنف الأسبوع الماضي شهد المرة الأولى التي استخدم فيها السلاح الثقيل والمدفعية، قائلا: “تترك النتيجة الدبيبة في موقع قوي بالوقت الحالي، لكنها تؤكد الحاجة للعملية السياسية الغائبة”.

وتبدو الانتخابات التي رعتها الأمم المتحدة في العام الماضي ونظر إليها باعتبارها الطريق لمنح القادة السياسيين والمؤسسات تفويضا جديدة، بعيدةً أكثر من أي وقت مضى. وكان من المفترض أن تُعقد الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، إلا أن الخلافات حول دستوريتها ومن يحق له الترشح فيها أدى لتأجيلها إلى وقت غير مسمى، بشكل خلق فراغا في السلطة ملأته المعركة العسكرية المتجددة على السلطة.

ويعارض الكثير من الساسة عقد الانتخابات لأنها تحرمهم من الرعاية والوصول إلى السلطة والمصادر. وتم تعيين الدبيبة في عملية رعتها الأمم المتحدة في شباط/ فبراير 2021، كرئيس وزراء مؤقت، لتحضير البلاد للانتخابات، لكنه مصرّ على عدم المغادرة حتى تعقد، ومكّن فعليا نفسه في السلطة. وزعم أن حكومته تواجه عدوانا جديدا خطط له من الداخل والخارج.

من جهته قال باشاغا: “كان الدبيبة هو من استغل ثروات الدولة لتدعم الجماعات المسلحة”. وعبّر حفتر عن عدم رضاه من الانتكاسة التي تعرض لها حليفه الجديد، باشاغا. ولم يرض على ما يبدو بالتراجع، ودعا لإنقاذ ليبيا، لكنه لم يكشف عن الكيفية.

ونفى باشاغا أي علاقة له بمعارك الأسبوع الماضي، إلا أن الميليشيات الموالية له تم التصدي لها ثلاث مرات وهي تحاول الدخول إلى طرابلس. ويرى كريم مرزان، من المجلس الأطلنطي، أن الميليشيات في ليبيا هي “منظمات إجرامية مكرسة بشكل كامل للسلطة والمال، ومن الخطأ النظر إليها على أنها منظمات سياسية أيديولوجية. ولكنها بدلا من ذلك، منظمات مافيا لها مصلحة راسخة بعدم نشوء دولة فاعلة”.

وترك النزاع الحالي آثاره الجيوسياسية وإن كانت قصيرة الأمد، فقد استخدمت جورجيا ميلوني، التي يتوقع المراقبون فوز حزبها المتطرف في الانتخابات الإيطالية، العنف في طرابلس، ودعت المهمة التي يقودها الاتحاد الأوروبي لفرض حظر بحري على شمال إفريقيا ومنع المهاجرين من الوصول إلى الشواطئ الإيطالية.

ووصل في الستة أشهر الأولى من العام الحالي 27.633 مهاجرا إلى إيطاليا عبر البحر، بزيادة عن 20.532 في نفس الفترة من عام 2021، حسب أرقام المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة.

ولهذا يُنظر لتعيين مبعوث جديد إلى ليبيا متوازن وقوي، بأنه خطوة مهمة للمرحلة الحرجة والمقبلة في هذا البلد. وخاضت ستيفاني ويليامز، المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، ولكنها لم تكن مبعوثة مجلس الأمن في السياسة الليبية. وحاولت ويليامز، الكشف عن خلل الطبقة السياسية في الغرب والشرق الليبي، ودعمت ولادة طبقة سياسية جديدة وشابة.

وكادت أن تحقق هدفها من خلال وقف إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، والتوافق على خطة طريق عبر منبر الحوار السياسي الليبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، والتقدم بين الشرق والغرب بشأن الإطار الدستوري للانتخابات. لكن تقدما أقل حصل من أجل إخراج القوى الأجنبية والمصالحة الضرورية لعقد الانتخابات.

وسوم: العدد 995