"الله" جل الله.. ليس مشجبا نعلق عليه خطايانا وآثامنا وشرورنا وتقصيرنا

ولم تتعثر هذه الثورة المباركة الممهورة بدم مليون شهيد، لأن الله أراد لها أن تتعثر.. بل هذا كذب وافتراء على الله..

تعثرت هذه الثورة لأن الذين تولوا أمرها لم يكونوا قط على مستوى المسئولية لا معرفة ولا إرادة ولا قدرة؛ فأوردوها والمخلصين من أبنائها الموارد..!! وآن لنا أن نراجع أنفسنا فنقول..

هل تعلمون كل فتوحات المسلمين من الصين حتى الأندلس لم تكلف عشرة آلاف شهيد..!!

وغزوات الرسول الكريم القائد الحكيم صلى الله عليه وسلم، التي قاربت الثلاثين لم يتجاوز عدد شهدائها المئات..!!

مخادع كل فقيه أو عالم أو محلل يرد سبب ما نحن فيه من هزائم وخذلان وانفراط عقد وضياع، إلى الله..جلّ الله

مخادع تماما كما كان يخادعنا شارب الخمر عندما ننهاه بقوله "مكتوب على الجبين" !!

مخادع كل عالم وفقيه مثل شبيحة محمد عبد الستار السيد تماما، كل من يقول إن الشهداء الذين صدقوا وقضوا ومضوا لم يكونوا على المستوى المطلوب..!!

إن دماء مليون شهيد كان حريا بها أن تغير العالم إلى الأجمل والأكمل والأنقى -ولا أزعم أن تغيير العالم كان من مشروع ثورة السوريين-

لا تجعلوا "الله" جل الله، مشجبا لعجزكم وضعفكم وإخفاقكم وتنازعكم وفشلكم…

واعلموا أن ما أصابنا - أيها السوريون جميعا- هو من صنع الفريق الذي تولى أمرنا عن ضعف وعجز وإثم وفجور ..

وكان من إثمنا نحن المستضعفين، أننا غفلنا عنه، أو تساهلنا فيه، أو أسكتتنا عن خطاياه العصبية حينا، وحب السلامة حينا آخر..!!

ثم غفلنا عن قول نبينا صلى الله على نبينا "شر الرعاء الحطمة" هل تعلمون من هم الحطمة!! وكيف يكون الراعي من الحطمة، صورة بشار الأسد أنموذج، ولكن الحائك لا يحوك إلا بلحمة وسداة، فوافق في أمرنا شنٌ طبقة، فجنوا هذه الجناية التي لم يجن مثلها جان في الأولين ولا في الآخرين..

لا أدري لماذا يتظاهرون بالغضب إذا قلت بشار الأسد وشركاه في جنيف، وفي ٢٢٥٤ وفي أستانا وسوتشي، وبقية العناوين التي العطف بالمغايرة بينها وبينه من قول الزور!!

هل تعلمون أولى معاركنا يوم خسرنا القصير…

يوم خسرنا القصير.. وورد في الأخبار ولم أحقق أن فرسان نصر الشيطان اغتصبوا بناتنا على مكبرات الصوت في المآذن، ومن يومها لم يعنِ ذاك لنا شيئا، ومنه كانت البداية!!

كانت تلك هي المحطة التي تستدعي أن نعيد التفكير التقدير والتدبير في كل شيء!!

لا تجعلوا "الله" جلّ الله مشجبا لكل ما جنيتموه، تسببا أو مباشرة، من إثم وقتل وتدمير، فهذا ليس من فعل المؤمنين الموقنين..

والمؤمن الموقن إذا أصاب خيرا أو برا قال تواضعا وعرفانا (هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي)…

وإن كانت الأخرى وقل لمن اتقى ربه، وأحكم أمره ، أن تكون على يديه مثل هذه الجناية، رجع إلى نفسه يسألها عن موقع "الرماة" الذين استعجلوا أمر الدنيا، وغفلوا عن أمر الآخرة!!

أجمل ما في درس "أحد" أن الذين كانوا يريدون الدنيا، لم يكونوا في موقع القيادة والسيادة والريادة ..يقول سيدنا عبد الله بن مسعود، ما علمت أن فينا - يقصد أصحاب رسول الله- حتى نزلت..

نعم كانوا، ولا يخلو عن مثلهم جيل، ولكن الذي أعان على التدارك أنهم لم يكونوا في موضع القيادة فيجعلوا من معارك المسلمين كلها "أحدات" مضرجة بدماء الأبرياء..

والعاقل من دان نفسه والجاهل والمغرور وضعيف الإيمان من ألقى المسئولية على ربه…

أيها السوريون ثورتكم ما تزال حية..

نار ثورتكم التي ذكّاها شهداؤكم بدماهم ما بتنطفا إلا إذا قررتم…

وترمون فيرمي اللهُ برميكم ، وتنصرون الله فينصركم، ومن رتب المعادلة على غير هذا فقد كذب على الله!!

(قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ؟؟!!

قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ)

هكذا قال الله.. جل الله

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 996