تعبيرا عن تضامنه مع فلسطين الرئيس التشيلي يرفض اعتماد السفير الاسرائيلي

المحامي علي أبوهلال

في خطوة تستحق التقدير والثناء، وتعبيرا عن دعمه وتضامنه مع فلسطين والشعب الفلسطيني رفض رئيس تشيلي غابرييل بوريك، الخميس الماضي 15/9/2022، تقبل أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي جيل أرتزيلي بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.

 

وقالت صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية، الجمعة: "كان السفير ارتزيلي موجودًا بالفعل في القصر الرئاسي لحضور اجتماعه المخطط له مع بوريك، عندما أبلغته وزيرة الخارجية التشيلية أنطونيا أوريجولا أنه لن يتم قبول أوراق الاعتماد في ذلك اليوم". وأضافت: "تم تأجيل الحفل إلى أكتوبر/تشرين الأول".

موقع (إكس أنتي) الإخباري التشيلي نقل عن مصدر حكومي أن بوريك قرر عدم مقابلة السفير، "لأن اليوم هو يوم حساس للغاية"، بسبب وفاة طفل فلسطيني على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف الموقع أن الرئيس التشيلي المعروف بانتقاداته لإسرائيل غاضب جدا إزاء قتل فتى فلسطيني يبلغ من العمر 17 عاما في الضفة الغربية على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية، وهي الحادثة التي تزامنت مع التحضيرات لاعتماد السفير الإسرائيلي.حيث استشهد الفتى عدي طراد هشام صلاح (17 عاما) برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها قرية كفر دان غرب جنين، يوم الخميس الماضي.

علما أنه منذ مطلع العام الجاري، استشهد 149 فلسطينيا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 98 شهيدا في المحافظات الشمالية و51 شهيدا في المحافظات الجنوبية، غالبيتهم من الشباب والفتية والأطفال.

وفي خطوة إسرائيلية احتجاجية ضد رفض الرئيس التشيلي غابرييل بوريك، قبول أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد لدى بلاده، أعلنت الخارجية الإسرائيلية أن رفض الرئيس التشيلي قبول أوراق اعتماد سفير تل أبيب، جيل أرتزيلي، يضرّ "بشكل خطير" بعلاقات البلدين. ووجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم الجمعة الماضي، استدعاء للسفير التشيلي المعتمد لدى إسرائيل إلى جلسة توبيخ بعد عدة أيام، وذلك في أعقاب الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.وأعربت الجالية اليهودية في تشيلي عن مخاوفها بشأن موقف بوريك الصريح المعادي لإسرائيل، الذي وصف إسرائيل بأنها (دولة قاتلة) في لقاء مع الجالية اليهودية خلال حملته الانتخابية الرئاسية العام الماضي.

ومن الجدير بالذكر أن الرئيس التشيلي بوريك يبلغ من العمر 36 عاما، وهو أصغر من تولى المنصب سنا في تاريخ بلاده، وهو معروف بأنه من منتقدي إسرائيل، وحينما كان نائبا في البرلمان أيّد مشروع قانون يقترح مقاطعة البضائع الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية والقدس ومرتفعات الجولان المحتلة.

تأتي خطوة الرئيس التشيلي هذه في الوقت الذي تمعن فيه حكومة الاحتلال في انتهاكاتها الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني، وفي الوقت الذي تقوم فيه قوات الاحتلال بتصعيد عملياتها العسكرية واعتداءاتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، على مرأى ومسمع من دول العالم، ومن المجتمع الدولي الذي لا يحرك ساكنا ضد ممارسات الاحتلال غير القانونية، وربما تكون هذه الخطوة الدبلوماسية مؤقتة وغير قادرة على وقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، لكنها تعبر عن موقف سياسي ودبلوماسي رافض لسياسة الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، في هذا الوقت بالذات الذي تواصل فيه بعض الدول العربية سياسة التطبيع مع حكومة الاحتلال، وتوفر لها الغطاء لمواصلة عدوانها ضد شعبنا في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إن خطوة الرئيس التشيلي رفض اعتماد السفير الإسرائيلي تشكل عقوبة مؤقتة ومتقدمة ضد حكومة الاحتلال، وهي في غاية الأهمية، لكونها لم تكتفي فقط بموقف الإدانة والشجب والرفض لسياسة الاحتلال واعتداءاته المتواصلة ضد شعبنا، بل تجيء في محاولة لفرض عقوبة عملية وان كانت عقوبة صغيرة ومؤقتة، لكنها عميقة الأثر وتشكل ضربة موجعة لحكومة الاحتلال، وهي تستحق الاحترام والتقدير من قبل شعبنا، وتشكل نموذجا يحتذى من قبل الدول الصديقة والشقيقة لفلسطين.

وينبغي التنويه في هذا الصدد بموقف الجالية الفلسطينية الإيجابي والمؤثر في دولة التشيلي، على كافة الصعد الاقتصادية والسياسية، حيث يوجد في تشيلي أكبر تجمعٍ فلسطيني في بلدان المهجر والشتات، فعدد أفراد الجالية هناك يقدر بنحو نصف مليون شخص. الفلسطينيون وصلوا هذا البلد منتصف القرن 19، واستطاعوا التأثير في كثير من مجالات الحياة هناك، ولا شك أن هذا التجمع الفلسطيني الهام والكبير له ثقله وتأثيره الكبير على القرار السياسي والسيادي لدولة التشيلي، الذي يقودها رئيس يساري وصديق للشعب الفلسطيني، وينبغي أن تتواصل جهود الجالية الفلسطينية في دولة التشيلي، من أجل تطوير وتعزيز العلاقات الفلسطينية والتشيلية نحو مزيد من المواقف العملية ضد حكومة الاحتلال وسياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، ومن أجل المزيد من المواقف الداعمة  والمؤيدة للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.

وسوم: العدد 998