سيّدنا الأمير عبد القادر، لم يستسلم طواعية، إنّما أجبر على الاستسلام

مقدمة القارىء المتتبّع:

القارىء المتتبّع للكتب الجزائرية، والعربية، والغربية، والفرنسية التي تطرّقت لسيّدنا الأمير عبد القادر، رحمة الله ورضوان الله عليه، سيقف على آراء كثيرة، ومتضاربة حول الأيّام الأخيرة من جهاده، ومحاربته للاستدمار الفرنسي، ومنها:

أوّلا: الذين يرفضون فكرة استسلام سيّدنا الأمير عبد القادر:

سيّدنا الأمير عبد القادر لم يستسلم:

يتزعّم هذا الرأي حفيدته بديعة الحسني، ودافعت عنه بقوّة وشراسة عبر كتابها[1]، واعتبرت من الخيانة القول أنّ سيّدنا الأمير عبد القادر استسلم للعدو الفرنسي، وطالبت من القائمين على التّعليم في الجزائر بحذف كلّ مايدلّ على أنّ سيّدنا الأمير عبد القادر استسلم. وقد أجبنا على ماذهبت إليه الأستاذة الحفيدة، عبر مقال مستقل، لمن أراد أن يعود إليه[2].

طلب أمان وليس استسلام:

وقسم يتبناه بعض الأساتذة الجامعيين الجزائريين، بقولهم أنّ سيّدنا الأمير عبد القادر، لم يستسلم إنّما طلب الأمان. فهو إذن -في نظرهم-، طلب أمان وليس استسلام.

وقلت حينها -وما زلت-، للزملاء الذين يتبنون هذا الرأي: لايطلب الأمان من عدو.

سيّدنا الأمير عبد القادر، هاجر ولم يستسلم:

ينفي الأستاذ أبو عبد الرحمن الجبّاري، عبرمقال له أنّ سيّدنا الأمير عبد القادر استسلم، ويرى أنّها هجرة وليست استسلام. وقد ردّ القارىء المتتبّع على الأستاذ، وبيّن خطأ ماذهب إليه، عبر مقال[3] لمن أراد الزيادة.

للتذكير، سبق للأستاذة الحفيدة بديعة الحسني، أن رأت وتبنت هذا الرأي.

ثانيا: الأبناء، والأحفاد والأعداء يصفون استسلام سيّدنا الأمير عبد القادر:

أحفاد وأبناء سيّدنا الأمير عبد القادر، يصفون تفاصيل استسلامه بصدق وأمانة:

وصف حفيده الأمير خالد الجزائري، استسلام الأمير عبد القادر في كتابه[4]، بدقّة متناهية، وبصدق بالغ، وذكر جزئيات صغيرة جدّا عن كيفية الاستسلام، ونقلناها عبر مقال[5]، لمن أراد الزيادة.

وكذلك وصف ابنه محمّد بن الأمير عبد القادر، استسلام سيّدنا الأمير عبد القادر، في "تحفة الزائر"، وخاصّة في الجزء الثّاني من الكتاب[6]. وقد تطرّق القارىء المتتبّع للكتاب عبر مقالاته، ومناشير عبر صفحته[7].

الحاقد نورالدين آيت حمودة على سيّدنا الأمير عبد القادر:

قرأت عن استسلام الأمير عبد القادر من طرف الحاقدين، والمبغضين الجزائريين وغيرهم على سيّدنا الأمير عبد القادر، ومنهم الحاقد المبغض نورالدين آيت حمودة. وقد رددنا عليه في مقال مطوّل[8]، نبيّن عبره كذبه وبهتانه وشهادة الزور، ودافعنا عن عظمة سيّدنا الأمير عبد القادر.

الحاقد المجرم المحتلّ شارل فيرو:

تطرّق المجرم المحتلّ شارل فيرو عبر كتابه[9]، للحظات استسلام سيّدنا الأمير عبد القادر، واستغلّها فرصة لينفث حقده وسموه وإجرامه، ويصف لحظات الاستسلام بأنّها مهينة مذلّة. ورددنا على المجرم المحتلّ عبر مقال[10]، وبأنّه تعمّد عدم ذكر الظروف الصّعبة التي دفعته للاستسلام، وبأّنّه أجبر عليه.

احتفال محمود بوزوزو بذكرى استسلام الأمير عبد القادر:

قرأت البارحة مقال للأستاذ محمود بوزوزو، بعنوان: "ذكرى استسلام الأمير عبد القادر، معنى جهاد وعبرة استسلام"[11].

استنكرت عليه[12] -وما زلت-، احتفاله باستسلام الأمير عبد القادر، رغم أنّه ظلّ يدافع عن سيّدنا الأمير عبد القادر، ويرفض بقوّة أنّه استسلم.

وصف استسلام الأمير عبد القادر من طرف الفرنسيين المجرمين المحتلين:

القارىء لكتاب القسّ الفرنسي[13]dupuch ، سيقف على أربعة روايات لاستسلام الأمير عبد القادر، وهي: رواية سيّدنا الأمير عبد القادر، وقد ذكرها بالتّفصيل وأمانة وصدق. ورواية القس الفرنسي، باعتباره سمع لحظات الاستسلام من سيّدنا الأمير عبد القادر من فمه الشريف، حين كان في سجن لامبواز، وطيلة خمس سنوات. والجنرال المجرم لامورسيار باعتباره الشاهد، والمعني بكيفية الاستسلام، والمتعامل مباشرة مع سيّدنا الأمير عبد القادر، خاصّة تلك اللّحظة الحاسمة الحرجة. والرواية الرسمية الفرنسية عبر الحكومة الفرنسية المجرمة المحتلّة للجزائر، وهي تتفاوض معه عقب الاستسلام.

وقد عرض، وتطرّق القارىء المتتبّع لكلّ هذه الروايات، عبر مقال[14] مفصّل لمن أراد الزيادة.

ثالثا: سيّدنا الأمير عبد القادر، فرض عليه الاستسلام بسبب قوّة الفرنسي المحتلّ، وخيانة الداخل والخارج:

يتّضح من خلال مختلف الأراء المتضاربة، والحاقدة، والغافلة، والصّادقة، والأمينة، والسّاذجة، أنّ:

الحاقدين المجرمين يرون في استسلام سيّدنا الأمير عبد القادر خيانة، وهذا كذب وزور، وبهتان لأنّه لم يختر الاستسلام طواعية، بل فرض عليه.

ومنهم من يرفض الاستسلام جملة وتفصيلا، وتحت عدّة أسماء تمّ ذكرها. وهذا مبالغ فيه، ولا أساس له من الصحة لأنّ شهادات أبنائه، وأحفاده، ومحبيه، وأعدائه من الفرنسيين المجرمين المحتلّين، تنفي ذلك.

وما يجب ذكره، أنّ سيّدنا الأمير عبد القادر، فرض عليه الاستسلام، لأنّه حوصر من طرف الجيش الفرنسي المجرم، والخونة من كلّ جهة، ولم يكن يملك حينها القوّة الكافية لمواجهة عدو فاقه عدد وعدّة، ولا طاقة له حينئذ بمواجهة العدو الفرنسي والخونة من الداخل والخارج.

إنّ الذي حارب الاستدمار الفرنسي مدّة سبعة عشرة سنة، وهو في زهرة أيّامه، لايمكنه بأيّ حال من الأحوال، أن يستسلم للعدو الذي يحاربه طواعية، بل فرض عليه الاستسلام، وتحت ظروف رهيبة قاسية لاقبل له بها.

 

[1] "الأمير عبد القادر، حقائق ووثائق بين الحقيقة والتحريف"، الأميرة بديعة الحسني الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، الطبعة الثانية 2008 ، من 386 صفحة.

[2]  مقالنا بعنوان: "الأمير عبد القادر كما تراه حفيدته بديعة الحسني "، وبتاريخ: الجمعة 8 رمضان 1441 هـ، الموافق لـ 1 ماي 2020

[3] مقالنا بعنوان: "الأمير عبد القادر ..لم يهاجر"، وبتاريخ:  السبت7 شوال 1438، الموافق لـ 01 جويلية 2017.

[4] "الأمير عبد القادر الجزائري"، لحفيده الأمير خالد الجزائري، الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى 1434 هـ - 2013، من 59 صفحة.

[5] مقالنا بعنوان: " الأمير عبد القادر .. استسلام ورجولة"، وبتاريخ:  الجمعة: 21 صفر 1437 هـ الموافق لـ 04 ديسمبر 2015.

[6] الكتاب: "تحفة الزّائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر" لمحمد بن الأمير عبد القادر، الجزء الثاني، دار الوعي، رويبة، الجزائر، عني به الأستاذ داوود بخاري والأستاذ رابح قادري، الطبعة الثانية، 1436 هـ - 2015، من 613 صفحة. 

[7] سلسلتنا عبر صفحتنا:: #تحفة_الزّائر_عن_الأمير_عبد_القادر_الجزء_الثاني.

[8] مقالنا بعنوان: "جرائم نورالدين آيت حمودة في حقّ سيّدنا الأمير عبد القادر"، وبتاريخ: [8] الثلاثاء 12 ذو القعدة 1442 هـ الموافق لـ 22 جوان 2021

[9]  الكتاب: شار فيرو، "بوعكاز وأولاد عاشور، حكام مشيخة فرجيوة، خلال القرن 17، و18، و19"، ترجمة: عبدالحليم حدمسعود، دار خيال، برج بوعريرج، الجزائر، من، أفريل 2022، من 140 صفحة.

[10] مقالنا بعنوان: "الجزائر، وسيّدنا الأمير عبد القادر، والأتراك من خلال المجرم المحتلّ شار فيرو"، وبتاريخ:  السبت: 19 ربيع الأوّل 1444 هـ، الموافق لـ  15 أكتوبر 2022.

[11]  محمود بوزوزو: "ذكرى استسلام الأمير عبد القادر، معنى جهاد وعبرة استسلام"، جريدة المنار، الجمعة 26 ربيع الثاني 1373 ه، الم افق ل:1 جانفي 1954.

[12] منشورنا بعنوان: #عظمة_سيّدنا_الأمير_عبد_القادر.

[13] ANTOINE Adolphe DUPUCH « ABD-EL-KADER L’LLUSTRE CAPTIF DU CHATEAU D’AMBOISE», Fondation EMIR ABDEELKADER, Edition DAHLAB, ALERIE, Contient 113 Pages.

[14]  مقالنا بعنوان: "الأمير عبد القادر استسلم ولم يكن خائنا حسب القسّ الفرنسي وظلّ عظيما"، وبتاريخ: الجمعة 6 شوال 1441 هـ الموافق لـ 29 ماي 2020

وسوم: العدد 1003