يكتب إليّ إخوة وأصدقاء أنت تؤلمنا ، فخف علينا قليلا.. وإني والله أكثر ألما لإيلامكم

والذين كذبوا على السوريين سبع مرات؛ ثم يقول لي بعضنا: لا خيار لنا إلا أن نصدقهم..!!

فماذا وكيف أقول لكم..

وفي حكاية الراعي الكذاب، التي تعلمناها في الصف الثالث الابتدائي وليس الإعدادي ولا الثانوي:

كان زيد راعيا في البراري والقفار

نادى يوما صائحا ذئب .. ذئب يا رجال..

في حكاية الراعي الكذاب تلك، يصدق في المرة الثالثة الراعي ،ويكذّب الرجال، وتقع الكارثة..

أكره شخصنة ما أكتب، ولكن تعالوا أيها الأوفياء، نسجل على ورقة وبقلم رصاص ماركة النسر أو الوطن، قائمة بعدد الوعود التي صدرت من كل طرف من الأطراف التي وعدتنا ..وبحجمها أيضا..

ونعد السنوات 2011 - 1012- 2022 ..

أمر ما يذكرني بقول الريحاني أو جبران:

ونعزم في كل يوم عزما فينقضي ..بلا أثر ، من لم يطق ، قيمَ يعزم؟؟

ماذا قيل عند كل محطة، وكيف قيل، وكيف ؟؟ وكيف هذه أنتزعها من خاتمة أغنية أظنها لمحمد عبد الوهاب: لا تسلني أين كنا ؟؟ أين أصبحنا ؟؟ وكيف؟؟!! سل دماء الشهداء ، سل دموع الأبرياء ..وكيف؟؟ لا أريد من هذه الذكرى كثيرا، لا أريد أن أذكرنا بمحنتنا وألمنا وانكسارنا وذلنا وتعتيرنا... فقط أسعى لنجتمع على موقف نفسي مضمر، ألا نصدّق أحدا من الزيود الذين حولنا، مع الاعتذار لكل من اسمه زيد..هم في المدرسة الابتدائية سموا الراعي زيدا، وليس شهابا كما في أدب الأطفال الحديث.

في حديث أهل المطل، أن دائنا كان يطالب مدينا له عنده، دينان قديم وجديد، فتجرأ المدين وقال للدائن، اسمع يا أخي أما الدين القديم فأنا لا أستطيع سداده، استبشر الدائن، وقال: طيب والدين الجديد؟؟ قال المدين ببروده المعهود: نتركه حتى يقدم. في لغة القانونيين كثير من الجرائم ومنها جرائم القتل: تسقط بالتقادم. فإذا كانت الحقوق المتعلقة بالدماء والأعراض والأموال يجري عليها التقادم، فكيف الوعود ؟؟ ولاسيما وغود المحبين، وظل شعراء العرب يضريون المثل بوعود المحبين، يشبهونها بمواعيد عرقوب، كعب بن زهير في بانت سعادـ التي أنشدت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

مواعيد عرقوب كانت لها مثلا ..وما مواعيدها إلا الأباطيل..

لها، يعني لسعاد، ولكل حال سعاده، وسعاد: المرأة المسعدةـ التي تزيل الهم والحزن وتبعث الفرح..

وسعدى هي السعيدة، وسعاد المسعدة . ومنها كثر اسمها عند العرب. وفي حكاية الوعود المتلاشية يقول جميل:

وإني لراض من بثينة بالذي.... لو أبصره الواشي لقرت بلابله

بلا، وبأن لا أستطيع، وبالمنى ..وبالأمل المرجو قد خاب آمله

وبالنظرة العجلى وبالحول ينقضي ... أواخره لا نلتقي وأوائله

أكتب كل هذا تعليقا على وعد جديد، وعساي ما أورثتكم غما ولا نكدا، وقد كنت يا قوم النذير العريان، ويقولون لي: لم لا تكتب بالمقشر. ولو رأيتم الأمور كما هي في مرآتي لتذكرتم لو تكاشفتم ما تدافنتم. وأسئلتنا الصعبة أصعب من أن تطرح...

حكايتنا معهم مثل حكاية الذي كان يقول لأخته الأرملة عن أطفالها الأيتام: خلي يقرطو .. خلينا نقرط يا أحباب عسانا وعلنا... بس احذروا التقشير والتكشير..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1004