هجوم الإعلام الإسرائيلي على قطر .. إسرائيل عدو كل العرب

لا تفرق إسرائيل في عداوتها العميقة بين عربي وعربي إلا ظاهرا ومؤقتا . تعادي من اعترف بها وأقام معها علاقات من الدول العربية مثلما تعادي من لم يعترف بها ، ولم يقم معها هذه العلاقات . الفرق في العداوة ظاهري مؤقت فحسب . هي تكره مصر مثلما تكره سوريا إلا أنها لا تهاجم مصر بالسلاح علنا مثلما تهاجم سوريا ، وإنما تهاجمها سرا بالتجسس الواسع المتنوع عليها ، وتراقب أي تنامٍ لقوتها العسكرية ، وأي تحسن في أحوالها العامة ، وذات الشيء تفعله مع الأردن وبقية المطبعين العرب علنيين أو سريين ، وتفعل كل المنكرات بالفلسطينيين الذين عقدت مع منظمة  تحريرهم اتفاقا خطفت فيه الاعتراف  بشرعية ملكيتها 78 % من وطنهم . وقطر مطبع كبير مع إسرائيل ، وهي  أول دولة خليجية سمحت لها بافتتاح ممثلية في عاصمتها تحت غطاء الاقتصاد في 1996 ، وتناول  الكاتب الإسرائيلي سامي ريفيل العلاقات  بين الدولتين في كتابه " قطر وإسرائيل .. ملف العلاقات السرية " الذي أصدرت " مكتبة جزيرة الورد " في القاهرة ترجمة له أعدها محمد البحيري . وبعد انفجار خرافة الربيع العربي كانت الأموال القطرية في خدمة الاستراتيجية الإسرائيلية ، فأسهمت في تخريب سوريا وليبيا وتمزيق وحدة ترابهما ، وشاركت قطر في العدوان على اليمن ، ولم تنسحب منه إلا بعد أن عبس النظام السعودي في وجهها وقلب له ظهر مجنه . وفي مونديال العالم الحالي وافقت على حضور المشجعين الإسرائيليين بطائرات مباشرة بين الدولتين . فماذا كان جزاؤها إسرائيليا ؟! هاجمها الإعلام الإسرائيلي بضراوة لمسوغات تافهة تليق به وبأحقاد كيانه لكل من هو عربي وما هو عربي . رسمت صحيفة " جلوبس " الاقتصادية كاريكاتيرا لكرة قدم ترشح دما ، وصاح الكاتب بن درور يميني في مقال في صحيفة " يديعوت أحرونوت " ( آخر الأخبار بالعبرية ) : " مرحبا بكم في مونديال العار ! " ، والعار في رأيه وفي رأي سواه من الإعلاميين الإسرائيليين المستائين من قطر هو انتهاك حقوق الإنسان ، وحقوق العمال تخصيصا الذين عملوا في تأسيس البنية التحتية للمونديال ، وحظر نشاط المثليين ، وحظر شرب البيرة مع أن حظر شربها قُصِر على محيط الملاعب الثمانية ، وسمح بها في مناطق إقامة المشجعين واحتفالاتهم . وسخر الكاتب الأميركي ستيفن كنج من كل المتذمرين من الحظر الموضعي المحدود للبيرة ، فغرد : " إذا لم تتمكن من الذهاب إلى مباراة في كأس العالم دون بيرة ، فمن المحتمل أنك تعاني من مشكلة ! " . وما من انحطاط أخلاقي وبؤس وعي ثقافي مثل لوم قطر على حظر نشاط المثليين . أقل الأخلاق ترفعا ، وأضيق مستويات الوعي الثقافي والمعرفي تحترم التمايز بين المجتمعات في أعرافها القيمية وتوجهاتها السلوكية . والانحطاط المطلق هو أن تتوقع من الآخرين أن يماثلوك في انحطاطك القيمي والتواء توجهاتك السلوكية ، وهو ما يريده الإعلام الإسرائيلي من قطر . ولا يقولنَ أحد إن الهجمة على قطر تقتصر على الإعلام  ، ولا تمتد إلى الساسة . هذا الإعلام صوت لقناعات ومواقف هؤلاء الساسة . كل المجتمع الصهيوني كيان واخد في معاداته للعرب والمسلمين مهما بدا عليه من علامات الاختلاف . وكل إعلام في النهاية صوت بيئته السياسية والاجتماعية والثقافية وما يموج فيها من تطلعات حالية ومستقبلية . ولن تتوقف هجمات الإعلام الإسرائيلي على قطر مدى أيام المونديال الثمانية والعشرين ، وهي هجمات على كل ما هو عربي وإسلامي ، وسيؤجج من قسوة هذه الهجمات وتطاولاتها خيبات هذا الإعلام الموجعة ما لقيه من صدود شعبي عربي للكيان الإسرائيلي جسده رفض المواطنين العرب من كل الجنسيات ، وأولها القطرية ، التحدث مع مراسلي هذا الإعلام ، ومنهم الشاب القطري محسن في سوق واقف ، وشابان لبنانيان قالا لمراسل إسرائيلي إنهما لا يعترفان بوجود شيء اسمه إسرائيل ، ويعترفان بفلسطين . وسيتلاحق هذا الرفض القومي الشريف ، وتتلاحق معه أوجاع الخيبات الإسرائيلية . وسيء النية والفعل ممقوت ومنبوذ فطرةً من كل البشر العدول الأسوياء . قناة إسرائيلية استهدفت استدراج المغني الكولومبي مايوما الذي شارك بأغنية في افتتاح المونديال ؛ للإساءة إلى قطر ، فانسحب واصفا مستدرجه بالوقاحة . وآزر قلة من الإعلاميين العرب ، جهالة ودون عمد ، الإعلام الإسرائيلي في حقده ومختلقاته على قطر، فاستهجنوا  استهلال المونديال بتلاوة  آيات من القرآن الكريم ! ترى هل أشرقت  ومضة من عظمة القرآن وبهاء قدسيته في قلوب هؤلاء  المستهجنين  ؟! الإسرائيليون الذين يتصايحون كل يوم " الموت للعرب ! " طبيعي أن يحزنهم أي نجاح عربي ، فما الحال إذا كان في عظمة المونديال الحالي ؟! ولا يصد حزنَهم حسن علاقة قطر بكيانهم اقتناعا منهم بأن أي حسن في هذه العلاقة مع الدول العربية سببه قوة إسرائيل والإعجاب بها والرغبة في حمايتها والتعاون الاستخباري والعسكري معها ، وليس  تفضل هذه الدول  عليها ، ويبشر نتنياهو ناخبيه بإشهار تطبيع كيانه السري مع النظام السعودي إلى فضاء الرسمية والعلنية . ولا زوال لهذا الكيان الحاقد الجاحد العدواني إلا حين تواجهه  الأمة وفق حقيقته بصفته عدوا لها كلها ، لا لجزء منها ابتداءً بالفلسطينيين . 

وسوم: العدد 1007