هل فزنا على الغرب فعلاً في مونديال الصراع الحضاري؟

سواء كانت عفوية أو مدروسة، فإن مشاهد نزول أمهات اللاعبين المغاربة إلى أرض الملعب بعد الفوز العظيم للفريق المغربي على المنتخب البرتغالي واحتضانهن ومعانقتهن لأبنائهن أمام مليارات المشاهدين في العالم، كان واحداً من أجمل المشاهد التي ستخلدها بطولات كأس العالم، وأكبر دليل على ذلك أن تلك المشاهد الرائعة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية والدولية كانتشار النار في الهشيم. وجاءت تلك اللقطات التاريخية في وقت حساس للغاية تجسيداً لصراع القيم بين الشرق والغرب، وكأنها رد رائع غير مباشر على المنتخبات الأوروبية التي أصرت على رفع شعار المثليين في المدرجات وعلى ساحات الملاعب، وأحدثت ضجة إعلامية عالمية حاولت التشويش على البطولة بطريقة رخيصة.

سيذكر التاريخ بطولة كأس العالم في قطر على أنها من أهم المناسبات الدولية التي أظهرت الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب أو العرب والغرب، وهذا الصراع لم يبدأه العرب مطلقاً، بل نبشته بغباء شديد الفرق الغربية ومعها بعض السياسيين الغربيين الذين بدل أن يركزوا الأنظار على المباريات والجانب الرياضي للبطولة راحوا يحشدون الشارع الغربي والدولي عبر وسائل إعلامهم الشيطانية لتعكير أجواء البطولة والتشويش على مجرياتها والتذكير بالصراع الثقافي والحضاري بين الغرب والمسلمين. وكلنا تابع الضجة الإعلامية الرهيبة التي فجرها المنتخب الألماني وغيره من المنتخبات الأوروبية. وكلنا شاهدنا كيف احتالت وزيرة الداخلية الألمانية على المنظمين، وارتدت معطفاً وأخفت تحته شعار المثليين، ثم بعد أن دخلت المدرج خلعت معطفها وأظهرت الشعار بطريقة صفيقة. ولا شك أنكم تتذكرون حركة المنتخب الألماني الذي وضع لاعبوه أياديهم على أفواههم تنديداً بمنع إظهار شعارات المثليين على أرض الملعب. ولاحظنا أيضاً كيف استاء أحد اللاعبين الغربيين عندما وجد أن الطفلة التي سترافقه إلى أرض الملعب محجبة. بعبارة أخرى، في الوقت الذي حاول فيه بعض اللاعبين الأوروبيين جاهدين لإشهار شعار المثليين داخل الملاعب، فقد اشمأزوا من مشهد الطفلة المحجبة، مع أنها تمثل الحشمة، بينما الشعار الذي أرادوا إظهاره يمثل الخروج على كل القيم والنواميس البشرية الطبيعية. ثم جاءت الضربة القاضية بعد مشهد الطفلة المحجبة، حيث، كما أسلفنا، نزلت أمهات اللاعبين المغاربة إلى أرض الملعب بلباسهن الإسلامي وبغطاء الرأس التقليدي، وكأنهن يردّن على المنتخبات الأوروبية التي حاولت رفع شعار الشذوذ البشري.

وعلق أحد الإعلاميين الألمان على لقطة اللاعب المغربي يوسف النصيري وهو يعانق والده وبجانبه زميله جواد الياميق في نهاية مقابلة المغرب مع إسبانيا وكذلك اللقطات الأخرى لأشرف حكيمي وسفيان بوفال وحكيم زياش مع أمهاتهم وعائلاتهم بالقول: “إن هذه المشاهد الحميمية مع العائلة لم نعد نراها في مجتمعاتنا الغربية التي تسودها الأنانية والمثلية الجنسية واندثار مفهوم الأسرة ودفئها وعقوق الوالدين ورميهما في الملاجئ ودور العجزة. العائلة وتحفيزها المعنوي وراء انتصارات الفريق المغربي، أما نحن فجئنا لنساند المثليين ونضع أكفنا على أفواهنا بشكل مخجل، فخرجنا خاليي الوفاض ومن الباب الضيق. هم تعلموا الكرة منا وأصبحوا يتقنونها وتجاوزونا، ونحن يجب أن نتعلم الأخلاق والقيم منهم لعل وعسى أن نرى يوماً أمهاتنا تعانقننا يوماً في المدرجات”.

وسوم: العدد 1011