لقاء الأوصياء على سورية بعيداً عن الشعب السوري وأحلامه

في سابقة خطيرة وبعيداً عن رغبات الشعب السوري وأحلامه، التي مهدها بشلالات الدم ودموع اليتامى وتشردهم، ونواح الثكالى وآهاتهم، والجوع والمرض الذي نخر عظامهم وجفف أمعاءهم، والغازات السامة التي خنقت أطفالهم، والضياع والخوف والرعب والتشتت والنزوح والهجرة، التي ذاق مرارتها الشعب السوري على مدار عشر سنوات، صابراً محتسباً، دافعاً تلك الضريبة الباهظة التكاليف ثمناً للحرية والكرامة الإنسانية، التي ثار من أجلها ونادى بها، وتغافل عنها القريب والصديق، في هذه الأجواء المتلبدة بغيوم الحزن السوداء، التي تتمزق نياط القلب لوقعها، التقى وزير الدفاع التركي ووزير دفاع النظام السوري المجرم الأربعاء 30/12/2022، في إطار اجتماع في موسكو مع نظيرهما الروسي المجرم، شريك الطاغية بشار الأسد، ومثبت نظامه الفاشي المجرم، وقاتل السوريين ومدمر مدنهم، في إطار أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين أنقرة والنظام المجرم، برعاية عاصمة الإجرام وراعية الإرهاب في العالم موسكو، ومنذ اندلاع الثورة في سورية في العام 2011.

وزارة الدفاع الروسية تعلن عن عقد اللقاء المشؤوم

وفي هذا السياق أشارت وزارة الدفاع الروسية في بيان جاء فيه: إن "محادثات ثلاثية جرت في موسكو بين وزراء الدفاع في روسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية وجمهورية تركيا".

وأوضحت الوزارة أن المحادثات بين وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس تطرّقت إلى "سبل حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين"، و"الجهود المشتركة لمكافحة الجماعات المتطرفة".

تصريحات وزير دفاع النظام المجرم حول الاجتماع

قالت وزارة دفاع النظام المجرم في بيان لها جاء فيه: "جرى اليوم لقاء جمع وزير الدفاع السوري واللواء مدير إدارة المخابرات العامة السورية مع نظيريهما وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز المخابرات التركية في العاصمة الروسية موسكو بمشاركة الطرف الروسي، وبحث الجانبان ملفات عديدة وكان اللقاء إيجابياً".

وكان اللقاء هو اللقاء الرسمي الأول على المستوى الوزاري بين تركيا والنظام السوري المجرم منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011 وما نجم عنها من توتر للعلاقات بين أنقرة ودمشق.

وكان وزيرا خارجية البلدين قد أجريا محادثة مقتضبة غير رسمية على هامش قمة إقليمية عُقدت في العام 2021، كما سبق أن أقرت أنقرة بتواصل على مستوى أجهزة الاستخبارات.

ويأتي اللقاء بين أكار وعباس في وقت يهدّد أردوغان منذ أسابيع بشن هجوم عسكري في شمال سورية ضد مجموعات كردية إرهابية، كما أشار أكار إلى أن أنقرة على تواصل مع موسكو من أجل "فتح المجال الجوي" السوري أمام المقاتلات التركية.

بداية الخلاف بين أنقرة والنظام المجرم

شهدت سورية في مطلع العام 2011 تظاهرات شعبية عارمة ضد النظام الديكتاتوري الفاسد والطائفي، سرعان ما تحوّلت هذه المظاهرات بعد مواجهتها بالرصاص والقتل والاعتقال من جانب النظام المجرم، تحولت إلى نزاع مسلّح وتّر بشكل كبير العلاقات بين دمشق وأنقرة.

ومع بدء الصراع المسلح بين النظام المجرم والجماهير السورية الغاضبة، عارضت تركيا بشدة نظام مجرم الحرب بشار الأشد ودعمت فصائل سورية معارضة واستقبلت نحو أربعة ملايين لاجئ سوري على أراضيها.

حصيلة النزاع المسلح بين النظام المجرم والسوريين الثائرين عليه

وتسبّب نشوب الصراع المسلح بين الجماهير السورية الغاضبة والنظام الديكتاتوري الفاسد بمقتل نحو مليون شخص، وفقدان نحو نصف مليون، ومثلهم غيبوا في سجون ومعتقلات النظام، وتهجير نصف الشعب السوري إلى خارج سورية، أو نازحين عن مدنهم وبلداتهم وقراهم داخل سورية، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وجعل من مدن سورية الزاهرة والمتحضرة مدن أشباح تنعق على أطلالها الغربان، بعد تدمير أجزاء كبيرة منها.

التغير التركي في مواقفه تجاه النظام المجرم

غيرت تركيا في الآونة الأخيرة موقفها حيال دمشق في خضم مساع تبذلها أنقرة لتعزيز علاقاتها مع البلدان العربية، ففي السنوات الأخيرة كان يصف إردوغان مرارا الأسد بأنه "قاتل"، لكنّه أشار الشهر الماضي إلى "إمكان" عقد لقاء معه، ففي منتصف كانون الأول/ديسمبر، أشار إردوغان إلى إمكان لقائه الأسد بعد اجتماعات على مستوى وزيري الدفاع والخارجية.

مجريات المحادثات كما ترويها الصحافة التركية

قالت صحيفة "خبر تورك" التركية: إن اللقاء الوزاري الأمني الذي عقد في موسكو أمس، وجمع روسيا وتركيا والنظام السوري، تناول مسألة عودة اللاجئين، و"حزب العمال الكردستاني".

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن "تركيا وروسيا والنظام توصلا إلى نقاط مشتركة في 7 عناوين تتعلق بمسألة التنظيمات المسلحة وحزب العمال من أصل 9 عناوين".

وشهدت موسكو، اجتماعاً بين وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام السوري، ورؤساء أجهزة الاستخبارات، حيث ذكرت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أن الاجتماع الثلاثي ناقش الأزمة السورية، ومشكلة اللاجئين، والمكافحة المشتركة للتنظيمات الإرهابية في سورية.

واتفق المجتمعون خلال اللقاء "الذي عقد في أجواء بنّاءة"، على استمرار الاجتماعات الثلاثية "من أجل ضمان الاستقرار والحفاظ عليه في سورية والمنطقة".

توضيحات وزير الدفاع التركي حول اللقاء الثلاثي في موسكو

أوضح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أنه بحث خلال اللقاء الثلاثي الذي جمعه بوزيري الدفاع الروسي والنظام السوري تأمين السلام والاستقرار وملف مكافحة الإرهاب في سورية.

وقال أكار لدى عودته من اللقاء الثلاثي في موسكو، إنه أكد خلال الاجتماع على ضرورة حل الأزمة السورية بما يشمل جميع الأطراف وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، مضيفاً أن هناك جهوداً ستبذل خلال الأيام القادمة للمساهمة في إحلال السلام والأمن في سورية والمنطقة.

وأوضح أكار أن اللقاء الذي دام نحو ساعتين، بحث الخطوات التي يمكن اتخاذها "من أجل تأمين السلام والهدوء والاستقرار في سورية والمنطقة، وتحويل التطورات فيها إلى مسار إيجابي"، مؤكداً أن المجتمعين أجمعوا على مواصلة الاجتماعات الثلاثية.

وأكد الوزير التركي أن ملف مكافحة الإرهاب من أبرز الأمور التي ذكرها خلال الاجتماع، وقال: "شددنا على احترامنا وحدة وسيادة أراضي دول الجوار في مقدمتها سوريا والعراق، وأن هدفنا الوحيد مكافحة الإرهاب، وليس لنا أهداف أخرى" هناك.

وإذ اعتبر أن هدف بلاده تأمين حدودها من خطر وحدات حماية الشعب الكردية وتنظيم "داعش"، أكد أن بلاده تبذل جهوداً لوقف مزيد من الهجرة السورية إلى تركيا.

انطباعات النظام السوري عن سير المحادثات

ذكر وزير الدفاع في حكومة النظام السوري أن الاجتماع كان ايجابياً، وقال في بيان مقتضب: إن "وزير الدفاع السوري واللواء مدير إدارة المخابرات العامة السورية" اجتمعا مع نظرائهم الاتراك وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز المخابرات التركية في العاصمة الروسية موسكو بمشاركة الجانب الروسي، موضحةً أن الجانبين بحثا "ملفات عديدة وكان اللقاء إيجابياً".

ونقلت صحيفة "الوطن" السورية شبه الرسمية عن مصادر في النظام تأكيدها أن الاجتماع جاء بعد سير الاجتماعات الأمنية "بشكل مقبول ووفق ما تريده دمشق" خلال الأشهر الماضية، وإلا "لما كان هذا اللقاء قد حصل".

ومع تقديرنا لمواقف الشقيقة تركيا النبيلة والأخلاقية والإنسانية تجاه سورية والسوريين، فإننا نعتب عليها تجاهلها رغبات السوريين وأحلامهم، ودمائهم التي روت تراب الوطن، والأرواح التي أزهقت في سبيله، وإجرائها اجتماعات مع قاتل الشعب السوري دون أن يكون هناك ممثلاً للشعب السوري المنكوب، وهو صاحب الوجع الحقيقي وليس النظام المجرم الفاسد والعنصري والطائفي، ونتمنى عليها تصحيح مسار المحادثات مستقبلاً إن جرت، بمشاركة وفد رسمي من السوريين المعارضين وفصائل جيشهم السوري الحر الذي لا يزال على العهد مصمما على مواجهة النظام الطافي المجرم، عاقد العزم على تحرير سورية كل سورية من هذا النظام المجرم الفاسد، مع كل أركانه ومرتكزاته، وطرد المحتلين الغاصبين لتراب الوطن من روس وفرس وروافض.

المصدر

*القدس-28/12/2022

*المدن-29/12/2022

*العربي الجديد-29/12/2022

وسوم: العدد 1013