والله كنا عايشين

أعزائي القراء..

أعتى نظام ديكتاتوري في القرن الماضي والذي أورث الديكتاتوريات للأنظمة الصغرى حتى الان  كان الاتحاد السوفيتي بلا منازع وأسالوا ستالين عن ضحاياه ، و المضحك  أن حكام  هذه الأنظمة الصغرى  وعلى رأسها بطلي الصمود كانوا يضعون قدماً لدى السوفييت وأخرى لدى امريكا في لعبة (التوازن الاستراتيجي)، ورغم ذلك فقد حكم السوفييت أكثر من ١٠ ديكتاتوريين خلال ٧٠ عاماً تقريباً يعني وسطيا ً ٧ سنوات لكل حاكم ،  كان  على رأسهم:

لينين-ستالين-مالينكوف- خروتشوف-بريجنيف-أندروبوف-تشيرنينكو-غورباتشوف.

وخلال  مدة تقترب من ٦٠ عاماً حكم سوريا ديكتاتوريين إثنين فقط ، هما بطل الصمود الأول وبطل الصمود الثاني . فتغلب هذا البطلان حتى على أبطال الإتحاد السوفيتي البالغ عددهم حوالى ١٠ ديكتاتوريين، ولما قام الشعب بطلب التغيير لهذا النظام الأقلوي المبني على رضاء الدول الكبرى مستعيناً  بطائفته  التي تشكل ٦٪؜ من الشعب السوري  والمتعاونة مع مافيات الفساد مستعينين بأقذر المخلوقات تم انتقاؤهم من الطوائف الأخرى للتنويع . قال البسطاء وماسحي الجوخ : يا جماعة ليش قمتوا بالثورة إنتو خربتوها والله كنا عايشين ويكملون : 

- كنا "ناكول  جنق" الفول من عند أبو عبدو الفوال مع ( فحلين  بصل و٣ ارغفه خبز ومخلل لفت ب ٣ ورقات سوري).

وكأن البصل والفول واللفت من إنتاج مؤسسة معامل الدفاع  ؟

- كنا "ناكول" كيلو اللحمة  ب ٥ ورقات  سوري، ونسوا أن الخرفان كان يحق لكل تاجر استيرادها  وان كثرة التجار  خلقت منافسة  بينهم ، وقد حدثني خالي الدكتور البيطري والذي عمل  في منطقة عفرين الحدودية مع تركيا في خمسينات وستينات القرن الماضي حيث كان أسبوعيا يشرف على الكشف على الاغنام قبل دخولها سوريا في عربات القطار   قال أن عدد المستوردين للاغنام بلغ العشرات  وأن جميعهم يتنافسون بالاسعار وان نسبة الامراض بين الاغنام كانت محدودة، بينما في عهد "الصمود والتصدي"استولى  زبانية النظام على كل تجارة سوريا وهم من يحدد أسعارها ويحتكرها ويعرضها وقت ما يشاء  ويحجبها وقت ما يشاء ، إضافة إلى صرف مخزون العملات الأجنبية من قبل بطل الصمود  على السلاح لقتل الشعب من كيماوي وفوسفوري وبرميلي وبيع ثروات الأرض للمحتلين ، 

- كانت النوادي "عبتعج بالخلق" للساعة ٢ الصبح و الطاولات "مليانة" من جميع الأصناف وأغنيات أبو وديع  وسوف.. "عبترقع رقع" .  وكأن كرامة الانسان كانت بالعودة للبيت فجرا ً نصفهم سكارى يتمايلون من العرق الزحلاوي صنف أول والمستورد من مليشيات المقاومة   المستوطنة في بيوت الغلابة من الشعب السوري.

- كانت البنت ترجع الساعة ٣ الصبح وما حدا "يلقشها" ، معتبرين فجور العائلة هو مقياس تقدمها .

- وكانوا يسهروا بالصيف على الرصيف ويمدوا الحصيرة ويلعبوا الطرنيب ويتعشوا على ضو "الليكس" ويناموا للصبح ، و بعدها يركبوا "الطرطيرة "ويروحوا على بيوتهم ويناموا للعصر ويتركوا الزبالة "متللة" على الرصيف … ثم يقولون : الله وكيلكم ما حدا كان "يلقشهم"او يمد أيدهم عليهم!.

ثم يتابعوا ويقولوا لك :"لسه بدكون" حرية اكتر من هيك .

فعلاً ياشعب "لسه بدك حرية فوق هالحرية" .؟

الحق على أطفال درعا  اللي حملوا سلاح التدمير الشامل وهو القلم وكتبوا على "الحيط" "منا حرية"  وكان نصيبهم نزول الوحدات الخاصة  والفرقة الرابعة والحرس الجمهوري من الوديان والجبال لتأديب هؤلاء العصاة فلعلع صوت الرصاص ونثرت اجزاء من اجساد هؤلاء الاطفال بالشوارع ولم يكن في بداية الثورة وجود لخرطوشة واحدة بيد الشعب ، ومن يجروء ان يخبيء في مطبخه   في ذلك الزمن اكثر من سكينة ( متلمة) لتقشير  البطاطا، ولما انشق الضباط وصف الضباط والعساكر بسلاحهم الفردي للدفاع عن أهلهم واقربائهم وأبناء بلدهم ، صاح ماسحو الجوخ  "ياغيرة الدين كنا عايشين و اجوا الارهابيين خربوا البلد".

أعزائي القراء ..

بعد كل ما ذكرته  من حال البلد حيث  كان الغريب أيام زمان يفتخر به وبتقدمه وبعلمه و بصناعته وتجارته وبعملته ، حتى اني اذكر وانا طفل صغير كيف كانت ( سيارات البلدية المجهزة بخزانات المياه ) ترش الشوارع صيفاً ليس لتنظيفها فهي نظيفه، ولكن لتبريد الجو  ليهنأ المواطن ببعض البرودة بالصيف الحار ، وكانت هذه السيارات تجوب شوارع الفقراء والاغنياء على حد سواء وليس حول قصر المحافظ وفيلا رئيس البلدية كما يحصل اليوم ، هذا ، ان بقي لديهم مثل هذه السيارات .

اليوم يبحث المواطن عن مكان آمن حتى في  بلاد الماو  ماو  راكبا ً امواج البحار مخاطراً بنفسه وعائلته دافعاً نصف ثمن بيته قيمة جوازات سفر له ولعائلته ، ثم يقرأ الفاتحة على نفسه وعلى عائلته، ويتوكل على الله  ويركب موج البحر ،

والبسطاء وماسحي الجوخ واقفين على الشاطيء يلوحون له ويقولون :

"وين رايح  يا ابو احمد  إرجاع والله كنا عايشين واليوم على أحسن والكبتاجون على قفا مين يشيل والمتة معبيه المدارس وبكرة روضات الاطفال  حتى ولادنا اليوم صاروا مبسوطين .. رجاع  حبيبي ابو احمد انت والعيله   نحن بانتظارك" ..

وسوم: العدد 1014