العمه في السكرة

العمه في السكرة، ذاك هو الواقع السائد في المشهد السوري المعارض...

وما يزال كثير منا مولعين بالقيل والقال أكثر، ولا أحد يهتم بمعرفة الحقائق، ماذا جرى؟؟ وكيف جرى؟؟ وما المخرج مما نحن فيه؟؟ تلك أسئلة لحظتنا المهمة...

لا أحد يريد أن يسأل: لماذا نحن هنا مع كثرة التضحيات؟؟ لا أحد يريد أن يحقق في كل خطوة خاطئة خطوناها، كيف خطوناها ، وكيف نرتق الخرق الذي أحدثته؟؟!!

في الأيام الأولى لنشأة العلوم الإسلامية، كانت حلقات القصّاص التي تحدث الناس عن اسم الذئب الذي أكل يوسف، أو الذي لم يأكله، وعن اسم "إبليسة" أعني زوجة إبليس، وعن الأرض المحمولة على قرني الثور، تغص بالرواد والمتابعين؛ أكثر بكثير من جلسات العلماء الراشدين المرشدين...

يكتب أحدنا اليوم على طريقة القصاص: سننتصر لأن الله وعدنا بالنصر...!! والله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده، ولكن الله قال: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) نتمسك بالوعد وننسى دلالة الشرط، وننسى الأولى، ننسى نصرتنا لله، نجهل كيف تكون؟؟ وفي عشرة أعوام خرج سيدنا رسول الله صلى الله وسلم عليه في نحو من ثلاثين غزوة، ولكل غزوة كان ترتيب، كان تكتيك، كانت مقدمات، هل تعلمون غزوة واحدة هي أحد التي خرج فيها جيش سيدنا رسول الله مخذولا، وكلنا يغرف الأسباب، وفي حنين حين كاد يكسرُ جيشَ الرسول الكريم، إعجابُ المعجبين بأنفسهم، ثبت الرسول الكريم مع ثلة أقل من أصحابه، يقول: أنا النبي لا كذب .. أنا ابن عبد المطلب..

السؤال عن : أنى هذا ؟؟ وكيف نتلافاه؟؟ وكيف نصحح وضعنا؟؟ ومن أين نستأنف، أعني نبدأ من جديد؟؟ وماذا وقد أسفر الصبح لذي عينين؟؟ وتقطعت بنا كل حبال الغرور "التي دلّى بها الشيطان أبوينا من الجنة"؟؟ كيف نتلافاها؟؟ ونعيد الخروج منها، وهذا الذي يجب أن نسأل عنه ليس مرصوفات بيانية، بل هو حقائق علمية عملية ملزمة، وواجب وقت العقلاء والمفكرين.....

الناس جل الناس من حولنا: لا تريد أن تسأل، ولا تحاول أن تعلم فتجيب. (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)

وورد "العمه" في نحو سبعة مواطن من الكتاب والعزيز، وكل معانيه تطوقنا من خلفنا ومن بين أيدينا وعن أيماننا وعن شمائلنا!!

 وقالوا ومن معاني العمه: العمى/ والتحير/ والتردد/ والشك/ والضلال/ والارتباك/ والخطو على غير هدى/ - خبط العشواء-...

خبط العشواء: هو سير الناقة العشواء لا ترى عند المساء. ومنه لقب العرب يعض رجالهم بالأعشى...

(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) والعمه في السكر أو من السكر هو سيد حال الناس اليوم. ومن ظن أن السكر لا يكون إلا من ابنة الكرم فقد أبغد. وقد تاه قوم في سكرهم من قبل أن تخلق الكرم...

قد يعز عليك أن تخوض مع الخائضين...

والله ياقوم إن الطريق الذي نحن عليه ليس لغد الرشد بطريق...

بل إن ما نصبح ونمسي عليه ما هو إلا خبط العشواء، وتردد قوم ما زالوا منذ اثني عشر عاما يعمهون...

ليس اليتيم من انتهى أبواه من... همّ الحياة وخلفاه ذليلا

إن اليتيم هو الـــــــــــذي تلقى له .. أما تخلت أو أبا مشغولا

تلك حالنا في اليتم يختزلها أحمد شوقي..

أما آن لصاحب الغمرة أن يستفيق؟؟ أما آن للسكران أن يصحو؟؟ أما آن للحالم أن يدرك ما حوله؟؟

وحسبنا الله ونعم الوكيل...

وأعجب شيء أن يحدثك المحطوم بلغة الظفر، ويقول لك: هو تبشير وتأميل، بل هو غرور وتغرير...

أيها النوام ويحكم هبوا ..

والله إن نصركم لقريب قريب قريب عندما تريدون!!

لعله يسألني: وما هو اسم زوجة إبليس..؟؟

وسئل الإمام الشعبي- وهو الملقب أمير المؤمنين في الحديث الشريف- عن اسم زوجة إبليس، فأجاب : ذاك عرس لم أشهده.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1014