التطبيع العلني بين النظام السعودي وإسرائيل بات قريباً

يتوق النظام السعودي وإسرائيل توقا عارما حارا إلى علنية تطبيع علاقاتهما التي كانت دائما سرية التطبيع . وينعقد إجماع الآراء على أن البحرين والإمارات ما كانتا لتخرجا من سرية التطبيع مع إسرائيل إلى علنيته في 2020 إلا بموافقة النظام السعودي ومباركته . وأخرت اعتبارات عديدة مبادرته إلى أن يفعل فعلهما ، وعلى رأسها منزلة بلاد الحرمين الدينية التي تلزمها بوجوب التظاهر بالحرص والمسئولية تجاه القضية الفلسطينية التي يراها العرب والمسلمون قضية ذات بعد إسلامي لوجود المسجد الأقصى في فلسطين . ولزحزحة هذا البعد الديني تمهيدا للتطبيع ؛ قلل ذباب النظام الإلكتروني من قيمته ، فقال صوينع الشمري إنه صلى في مسجد في أوغندا أبرك من القدس وأهلها ! وما أسهل بعد ذلك زحزحة البعد السياسي الذي يشترطه النظام للتطبيع العلني ، أي إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة عاصمتها القدس الشرقية .  وفي منتدى  دافوس الاقتصادي  الأخير في سويسرا أعاد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ذلك الاشتراط واصفا التطبيع مع إسرائيل بأنه " يصب في مصلحة المنطقة إلى حد كبير . " ، والتفسير النفسي لكلامه يوضح التوق السياسي لهذا التطبيع العلني . الإمارات تحججت  لعلنية تطبيعها بأنها أقنعت إسرائيل بعدم ضم الضفة ! ولن يعجز النظام السعودي عن الإتيان بحجة  خاصة به  ، والسلطة الفلسطينية جاهزة لابتلاع أي حجة ، فما يهمها هو البقاء على قيد الحياة بأي صورة من الصور محافظة على مناصب ومكاسب رموزها الكبيرة ، ويعلم هؤلاء علم اليقين السافر المبين أن إسرائيل  لن تعطيهم أي شيء ذي قيمة سياسية سيادية ، وأنها لا تريد لهم ومنهم سوى خدماتهم الأمنية وكفايتها حملَ عبء أهل الضفة وغزة في شئون حياتهم  اليومية ، وإظهار إسرائيل في صورة دولة لا تسيطر على شعب آخر . وتتحرق إسرائيل لسرعة التطبيع العلني مع النظام السعودي الذي وصفه نتنياهو في وزارته السابقة بالجائزة الكبرى ، وزار خلال تلك الوزارة بلاد الحرمين سرا . وهو في وزارته الحالية المحاطة بالعواصف والمظاهرات الداخلية المتوقع اتساعها واشتدادها وامتدادها زمنيا ؛ محموم التوق للفوز العاجل  بتلك الجائزة لتعزيز موقفه المهلهل المهتز .وعقب  اجتماعه  قبل يومين  بجيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي القادم من بلاد الحرمين ؛ قال إنه لاحظ انفراجة دبلوماسية مع هذه البلاد ، والإلماح واضح ، وهو  أنه سمع من سوليفان ما بشره بقرب التطبيع العلني معها ، وينتظر معه كيانه أن يفتح ذلك التطبيع الباب واسعا للدول العربية والإسلامية لتفعل ما فعله النظام السعودي دون حرج ، وسيحث النظام هذه الدول لتفعل فعله ليبدو التطبيع إجماعا عربيا وإسلاميا لا ملامة فيه على أحد . وفي الأخبار أن جالية يهودية آخذة في الاستقرار في بلاد الحرمين ، وهذا نوع من التمهيد العميق  للتطبيع العلني . ولدى الإسرائيليين خزانة  مليئة بالأهداف المستقبلية الكبرى من التطبيع العلني الحر مع بلاد الحرمين ، ولم يكفوا يوما عن التطلع إلى تلك الأهداف ، والحديث عنها سرا وتلميحا وتصريحا ، ووعيدا ووعدا . فور الانتصار في حرب 5 يونيو 1967 ، واحتلال الجانب الشرقي من القدس قال موشيه ديان وزير دفاعهم في تلك الحرب :" هذه بخيبر. " ، وصار عاديا أن يتظاهر بعض الإسرائيليين صارخين :" مخمد ( بالخاء ) مات خلف بنات . " ، وبعد حين وقفت جولدا مائير الأوكرانية أولا والأميركية  ثانيا ، والمستوطنة الإسرائيلية نهائيا ؛ في إيلات ، وقالت إنها تشم رائحة أجدادها في خيبر ! السلافية المهاجرة للاستيطان في فلسطين لها أجداد في جزيرة العرب !  وشمال بلاد الحرمين جزء من جغرافية إسرائيل الكبرى . وسيفتح التطبيع العلني مع بلاد الحرمين  الطريق واسعا لذلك الحلم الشيطاني الذي تبدو إسرائيل ذاتها بصراعاتها الداخلية أعجز ما تكون عن الوصول إليه إلا أن الأنظمة العربية التي تفتك بقدرة الشعب العربي على إغلاق سبيل ذلك الوصول بالفتك  بإسرائيل ذاتها بوسائل لا عد لها ؛ هي التي تيسر خطوات إسرائيل إليه ، وتؤازرها أميركا  بكل قوتها ونفوذها لدى تلك الأنظمة . ودائما لأسفنا تصدق أخبار إسرائيل عن تطبيعها مع الدول العربية والإسلامية ، وتكذب الأخبار التي تبثها تلك الدول عن تمنعها واشتراطها على إسرائيل حل مشكلتها مع الفلسطينيين أولا ، ولن يخرج النظام السعودي عن هذه المتوالية ، وبناء على هذا الاستخلاص نرى أن تطبيعه العلني مع إسرائيل بات قريباً . 

وسوم: العدد 1016