أي منطق هذا الذي يبرر إلغاء تجريم المفاسد بذريعة انتشارها في المجتمع ؟؟؟

من بوائق المدعو عصيد فيديو تداولته وسائل التواصل الاجتماعي ،عدّد فيه الملايين  من كميات أنواع الخمر المختلفة  جيدها ورديئها المستهلكة في مجتمعنا المسلم ، وعيّن الفئات التي تستهلكها، وهي فئات من طليعة المجتمع من مثقفين وأطر عليا كما وصفها في جميع القطاعات .

واعتمادا على ما قدمه من إحصاء لكميات الخمور المستهلكة سنويا في بلادنا ، طالب بتغيير القانون المجرم لشربها ،لأنها صارت واقعا مفروضا  قد فرض هذا التغييرعلى حد تعبيره ، خصوصا وأن الفئات المتناول لها هي طليعة المجتمع ونخبه المثقفة  ، فأي منطق هذا الذي يبرر إلغاء تجريم أم الخبائث وقد جرمها الله تعالى في محكم كتابه ، وجرمها القانون عندنا انطلاقا من المرجعية الإسلامية  علما بأن مجتمعنا لا زال  يعاني مما يسمى حرب الطرق  وهي  حوادث السير التي تحصد مئات الأرواح سنويا ،والتي سببها الرئيس هو السياقة  في حالة السكر ، وكفى بهذا سببا لتجريمها  شرعا وقانونا ،لأنها أصبحت وسيلة قتل عمد  يجرمه الله تعالى ، وتجرمه كل القوانين الوضعية ، ومع ذلك يطالب عصيد بإلغاء تجريم تناول الخمر لأن  طليعة المجتمع ونخبه المثقفة ـ وهو منهم ـ  تشربها ، وهم أمر واقع ، وما يفرضه الواقع في نظره يعلو على  الشرع والقانون بل يلغيهما . وحسب  هذا المنطق المختل ،يمكن أن يصير  انتشار كل المفاسد والجرائم من لصوصية ، وزنا ، ورشوة ، واعتداء على الناس  وإزهاق أرواحهم .... إلى غير ذلك من الجرائم  أمرا واقعا يبيح إلغاء تجريمها ، والحالة أن عصيد يتحدث عن بلد دينه الرسمي هو الإسلام  كما ينص على ذلك دستوره ، وهو بلد إمارة المؤمنين التي لا تحل حراما ، ولا تحرم حلالا ، وهي تعلن ذلك باستمرار كلما طالبت بعض الجهات بتعطيل شيء من شرع الله عز وجل ، وذلك لأنها حامية حمى الملة والدين .

ولا يقف عصيد عند حد المطالبة بتغيير قانون تجريم شرب الخمر، بل يتعدى ذلك إلى المطالبة بتغيير قانون تجريم الزنا حيث يطالب بما يسمى العلاقة الجنسية الرضائية ، وهي تسمية لا تغير شيئا من الدلالة على هذا الجرم المحرم شرعا ، وقانونا عندها  مفسدة . وبنفس المنطق المختل ،يطالب بتغيير قانون معاقبة الإجهاض الناتج عن السفاح ، وهو  جريمة قتل عمد ، وهو يتذرع فيما يطالب به بدفاعه عما يسميه حريات  وحقوق ، وهي  عنده حرية وحق شرب الخمر، وحرية وحق الزنا ، وحرية وحق الإجهاض ، وحرية وحق عمل قوم لوط ... إلى غير ذلك من الفواحش المستقبحة ، لأنه  يريد سيادة ، وتنزيل ما يسميه مجتمعا مدنيا قوامه الحداثة والعلمانية بمعناهما الغربي  في بلد دينه الإسلام المنصوص عليه في دستوره ، علما بأنه يستهدف بذلك الإسلام وقيمه الأخلاقية ، ولا يخلو له مقال أو تصريح أو مداخلة من إدانة الإسلام وأهله ، وهو يتخذهم مطية  للنيل المباشر منه من خلال الطعن في شرعه، وفي مبادئه لتقويضها بخلفية علمانية وبخلفية عرقية وعصبية أيضا  ترى أن المغرب قد غزاه الإسلام العربي، وأنه عليه أن يغادره  ليعود أمازيغيا كما كان قبل غزوه على حد تعبيره ، وقد وجد في الدعوة إلى الحداثة والعلمانية الغربيتان ضالته من أجل تحقيق حلمه العرقي، ومن أجل أن يشفي غليله العصبي .

ولهذا نجده يجرم  هو ومن على شاكلته في التوجه  العلماني  كل ما شرعه الإسلام من قبيل زواج الفتاة البالغة سن الرشد، والتي يلزمها بلوغها بإقامة الشعائر الدينية من صلاة وصيام وحج ...وعصيد يصفها بالقاصرة دون مراعاة حريتها  وحقها في الزواج، ودون مراعاة وضعها الاجتماعي الذي قد يكون مزريا للغاية فيجعلها حينئذ ضحية  العلاقة الجنسية الرضائية التي يعتبرها حقا وحرية  للحصول على قوتها اليومي . وهو أيضا يجرم التعديد ضاربا عرض الحائط كونه تشريعا إلهيا يراعي مصالح الخلق أكثر مما يحرص هذا الأخير عليها ، فمن لمن تهددهن العنوسة بزواج يحميهن منها ؟ ومن لأرامل لهن أيتام يكفلهن  ويكفل أيتامهن ؟، ومن لمطلقات يعوضن عن زواجهن المتعثر؟ إذا ما عطل تشريع التعديد كما يريد  ذلك عصيد كي تكون كل هذه الفئات من النساء  المحرومة من حق وحرية الزواج الذي يوفره لهن تشريع التعديد ضحايا العلاقة الجنسية الرضائية التي يرغب هو وقبيله في أن تعم  وتسود في المجتمع كما عم شرب الخمر ، وحينئذ سيطالب بإلغاء تجريمها باعتبارها واقعا مفروضا يكون   فوق الشرع والقانون عنده .

ولو اتبع الحق هوى عصيد ومن على شاكلته  لفسد العباد، وفسدت هذه البلاد التي أنعم عليها الله عز وجل بدين الإسلام، وقيّض لها إمارة المؤمنين التي تحمي حمى الملة والدين. 

وسوم: العدد 1021