اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام

من المعلوم أن العالم من خلال هيئاته الدولية (الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ) قد حدد العام الماضي يوم الخامس عشر من شهر مارس  يوما دوليا لمكافحة كراهية الإسلام بعدما التمست  منه ذلك الدول الستين الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تزامنا مع الذكرى الثانية للمذبحة التي وقعت في مسجد بنيوزيلاندا، والتي راح ضحيتها 51 من المصلين بدافع كراهية الإسلام  يوم الجمعة الخامس عشر من شهر مارس سنة 2019 .

ولسنا ندري هل سيلتفت إلى هذا اليوم الدولي الأربعاء القادم من خلال أنشطة أو تظاهرات دولية على الصعيد الدولي أم أنه سيظل حبرا على ورق كما يقال، خصوصا وأن شعور كراهية الإسلام في تزايد واطراد في العديد من دول العالم إذ لا زالت نسخ القرآن الكريم تبتذل وتحرق ، ولا زال العديد من الأقليات المسلمة في بعض دول العالم مضطهدة أو معرضة لكل أشكال المضايقات بسبب عقيدتها الدينية ؟؟؟

ودون الخوض في أصل أو مبعث ما بات يعرف باسم " الإسلاموفوبيا"  ،وهو شعور كراهية الإسلام تحت ذريعة الخوف من مبادئه ، ومن معتنقيه خصوصا وقد أصبح ذلك الأصل أو المبعث معلوما ، نريد في هذا المقال رصد بعض أشكال كراهية الإسلام خارج  البلاد التي تدين به،  وفي بعضها أيضا .

أما كراهية الإسلام خارج بلاده ،فإنها تتخذ أشكالا مختلفة ما بين  بعض دول الشرق الأقصى التي توجد فيها جاليات مسلمة مضطهدة، وعلى رأسها الصين ، وميانمار ، وبين  بعض الدول الغربية  التي تضايق فيها الجاليات المسلمة أو يساء إلى مشاعرها  الدينية ، وعلى رأسها  الدنمارك وفرنسا  تمثيلا وليس حصرا ، علما بأن الدافع إلى هذه الكراهية هو التوجه العلماني لتلك الدول التي تريد صهر كل من يوجد فوق ترابها من جاليات مسلمة داخل البوتقة العلمانية دون احترام لحرية معتقدها ، ولخصوصياتها الدينية والثقافية حيث ترى في بعض تلك الخصوصيات تهديدا مباشرا لها من قبيل زي المرأة المسلمة أو لباس استحمامها كما هو الشأن في فرنسا أو من قبيل نحر الأضاحي في عيد الأضحى أو من قبيل رفع أذن الصلوات الخمس .... إلى غير ذلك من  مختلف الأنشطة الدينية المرتبطة بالإسلام .

وأما كراهية الإسلام في بعض الدول الإسلامية ، فهي صادرة عن بعض الأفراد وبعض الجهات التابعة إيديولوجيا لتلك البلاد ذات التوجه العلماني ، والتي تعتبر طوابيرها الخامسة المسخرة للدعاية لتوجهها الذي يراد له أن يصدّر إلى بلاد الإسلام من أجل طمس الهوية الإسلامية لشعوبها تحت شعارات من قبيل الحداثة  أو إقامة ما يسمى بالحياة المدنية كبديل عن الحياة الإسلامية ، وقد صارت تلك الجهات تطالب بحق وجودها ، وبإقرار تصوراتها المناهضة للتصور الإسلامي  داخل المجتمعات الإسلامية ، وهي تحظى بدعم ومساندة الدول العلمانية المطالبة بما تعتبره حقوقها وحرياتها التي تصب كلها في كراهية الإسلام من خلال انتقاد شرعه، واتهامه بتهم مفبركة وباطلة من قبل الادعاء بأنه يدعو إلى الكراهية والعنف والإرهاب ... ووصفه بأنه صار متجاوزا، وأنه قد عفا عنه الزمن، وأنه يخالف ما يسمى بمبادىء وقوانين دولية ، أوقيم إنسانية ... علما بأن تلك المبادىء والقوانين ، والقيم إنما هي صناعة البلاد العلمانية وحدها ، وأنها مفروضة على الجميع دون مراعاة الخصوصيات العقدية والثقافية للمجتمع البشري ، ودون احترام حريات وحقوق أصحاب تلك الخصوصيات ، وهكذا صارت كل خصوصية عقدية أو ثقافية في نظر أصحاب التوجه العلمانية مصدر تهديد لمبادئه ولقيمه .

ويجدر بالدول الإسلامية المنضوية تحت منظمة التعاون الإسلامي مع حلول الذكرى الأولى لإقرار المنتظم الدولي ( جمعية عامة ، ومجلس أمن )  الخامس عشر من شهر مارس يوما دوليا لمكافحة كراهية الإسلام أن تسلط الضوء على كل شكل من أشكال مظاهر كراهية الإسلام، ليس خارج نطاق بلادها فقط  بل  داخلها أيضا ، وذلك من طرف  مجموعة أفراد أوجهات مسوقة لهذه الكراهية ، وهي محسوبة على كل التوجهات المعادية للإسلام، وعلى رأسها التوجه العلماني من قبيل ما ينشر ويسوق عبر بعض وسائل الإعلام ، و بعض وسائل التواصل الاجتماعي ،والذي يتخذ من حرية التعبير وحرية الرأي ذريعة لبث الكراهية ضد الإسلام من خلال التظاهر بانتقاد المسلمين ، وهو في الحقيقة تمويه على انتقاده واستهدافه المباشر والمكشوف .

ويجدر أيضا بكل علماء الإسلام في كل البلاد الإسلامية أن يضطلعوا بمسؤولياتهم من أجل فضح كل أشكال الكراهية التي تستهدف الإسلام الصريحة منها والضمنية ، وعليهم أن يعقدوا ندوات ولقاءات بمناسبة  حلول اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام ، وأن يكون التركيز على مظاهر هذه الكراهية داخل وخارج بلاد الإسلام على حد سواء ، وفضحها ، وتوعية المسلمين بها ، وكذا توعية الرأي العام الدولي بها .

وسوم: العدد 1023