استعمار جماعي متعدد الجنسيات

قراءة في الملف الأسود

زغلول عبد الحليم

أن الدولة العربية الإسلامية تختلف اختلافاً جذريا عن كل الإمبراطوريات الوثنية التى سبقتها لأنها بالفعل دولة (إمبراطورية) تحرريه أخرجت الناس من عبادة العباد إلي عباده رب العباد وكسرت الوثنيات الفارسية والرومانية، فهي دولة (إمبراطورية) لم تعرف العنصرية أو الحواجز اللونية بل كانت وسطا حضاريا متجانسا متاحا للجميع والدليل قاطع وحي. إنها أول (كومنولث في التاريخ)

د. جمال حمدان

قلب اسم اليهود إلي اسم إسرائيل

من المعلوم  أن بني إسرائيل في أصلهم ونشأتهم كانوا مسلمين وإن كان كفر منهم من كفر أما اليهود فهم اليهود اسما ورسما من زمن بني إسرائيل إلي حد الآن ويلحق بهم كل من انتحل بعقيدتهم من شتى الأمم إذ ليس كلهم قد انفصلوا عن بني إسرائيل. انفصل اليهود بكفرهم عن بني إسرائيل في زمن بني إسرائيل كانفصال سيدنا إبراهيم الخليل عن أبيه أذر لما تبين له أن عدو لله تبرأ منه لأن الكفر يقطع النسب والمولاة بين المسلم والكافر وأوضح مثال هو ما ذكره الله سبحانه وتعالي عن نبيه نوح لما قال : إنه من أهلي  (أي قد وعدتني بأن تنجني وأهلي) فقال رب العزة: يا نوح أنه ليس من أهلك. أصدق دليل وأعظم دليل على إن الكفر يقطع النسب.

إذن هناك (بنو إسرائيل) و (اليهود) وكثير من الناس يختلط عليه الأمر فحين يسأل سائل عن أحدهما تكون الإجابة بالشكل الذي يؤكد للسائل أن بني إسرائيل هم اليهود والعكس صحيح. وهذا خطأ في الاعتقاد لا يجوز أن يقع فيه المسلم ولا ينبغي له. بل نري أنه من الضروري للغاية أن ينبه على التصحيح اللازم في هذا الشأن من الجهات المختصة وأولها الأزهر الشريف، حيث أن هذا الأمر من أكبر أبواب الفتنه التى يمكن أن تؤدي إلي ما لا يحمد عقباه خاصة في الأمد الطويل.

وقد تلاحظ حاليا أن كل الخطاب الإعلامي على مستوى الأمة الإسلامية كلها (يندد بإسرائيل) والأمر في أذهان الكثير من أبناء الأمة الكبيرة أن إسرائيل هو العدو الأكبر ونسوا (اليهود)! مصيبة كبري أن تكون كلمة إسرائيل تعني اليهود عند العامة والخاصة !! واقع مشحون بالتخلف والعجز أن تصبح كلمة (اليهود) مرادفة لكلمة (إسرائيل)!!.

إسرائيل هو بني الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، والذي يثبت النص القرآني أن (اليهود) لا ينتسبون إليه، يقول رب العزة : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ ) آل عمران (68)  وقال تعاظم وأرتفع (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) البقرة (124).

إذن (إسرائيل) شرف يسعي أن ينتسب إليه (اليهود) لأنه يحقق لهم كل رغباتهم فهو نبي الله وهم بهذا يشكلون عقيدتهم المزيفة على أساس صحيح على غفله من الناس الذين يعلمون والذين لا يعلمون ! ويصبح لهم بالانتساب المزور هوية وقامه ولكن الله سبحانه وتعالي يقذف بالحق على الباطل فيدمغه. نعم، أن يعقوب هو إسرائيل وقد ذكر أن سبب تسميه اليهود بهذا الاسم أما         - من قولهم هدنا إليك، أي رجعنا عن عبادة العجل.

                        أو      - من أجل تمايلهم بقراءة التوراة.

                        أو      - نسبة إلي يهوذا الابن الخامس لسيدنا يعقوب

والذي أميل إليه هو أن تسمية اليهود بهذا الأسم ترجع إلي قولهم هدنا إلية أي عدنا وتبنا ورجعنا إليك من عبادة العجل وسعى اليهود إلي مسألة التعديل أو التبديل مسألة خطيرة للغايه كما ذكرنا قبل قليل، وأيضا مسألة محاولة الانتساب إلي سيدنا يعقوب إسرائيل الله مسأله أيضا غايه في الخطورة، إذن تبديل الإسم ومحاولة الانتساب إلي نبي الله يعقوب قلب لحقائق الأمور وتدليس وفجور يهودى مخطط بدقه.. لإثبات الوراثه بالتزوير.

إن تسمية اليهود بإسرائيل هو خلط كبير، ويترتب عليه خطر من اختلاط اسم اليهود بإسم إسرائيل أو بنى إسرائيل الذين ينزل فيهم كثير من آيات القرآن الكريم، فإن أصل بنى إسرائيل أنهم مسلمون وأن كان قد خرج منهم على طول الزمان كفار مرتدون، أما اليهود فهم كفار وليس فيهم مسلمون أبدا. ولا ندري من هو تعيس الحظ الذي اختلط عليه الأمر فاعتقد وأذاع ونشر أن بني إسرائيل الكفرة هم الذين القوا أخاهم في الجب وباعوه بثمن بخس وجاءوا أباهم يبكون، أنه قلب الحقائق، لقد عفى الله عن أخوة يوسف وقد أثبت القرآن توبتهم واستغفار أخيهم لهم. أن نسبة اليهود إلي بني إسرائيل هو قلب لحقائق الأمور، وصدق الله العظيم (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (البقرة : 134)

لا علاقة لليهود ببني إسرائيل البته، لأنه عندما بعث سيدنا موسي برسالة التوحيد إلي بني إسرائيل وفرعون مصر وقومه أمن بها بنو إسرائيل إلا قليلا منهم وهنا نشأت الديانة اليهودية (الموسوعة الإسلامية العامة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ص 1467).

ليس هناك ما يسمي باليهودية كدين سماوي. إنما نشأت اليهودية باعتناق الذين لم يؤمنوا برسالة سيدنا موسي عليه السلام في زمن سيدنا موسي عليه السلام.

يقول تعاظم وأرتفع (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّنَ العَالَمِينَ ). (المائدة : 20)  إن بنى إسرائيل في أصلهم مسلمون متبعون لشريعه موسى وعيسي وسائر النبيين يسيرون على الهدى ودين الحق، فكانوا بسبب ذلك منصورين ومفضلين على سائر العالمين في زمانهم، فلما أحدثوا الأحداث وعبدوا الأصنام وصاروا يهوداً كفاراً فسبب ذلك ذلوا وساءت حالهم وسلط الله عليهم الجبابرة يسوموتهم سوء العذاب، أن اليهود قد سموا يهوداً من زمن بني إسرائيل حين كفروا بشريعه موسى عليه السلام وكذبوا عيسي عليه السلام وانفصلوا عن بني إسرائيل بكفرهم فما هم إلا يهوداً وهم الذين قالوا لسيدنا موسي عليه السلام :

( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهره)

وهم الذين قيل لهم

(ادْخُلُوا البَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ)

فكانوا يزحفون على استاهم ويقولون حنطة "بروشعير" قال الحق سبحانه وتعالي : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) الأعراف 162.

وهو نظير تبديلهم اسم اليهود باسم إسرائيل، وإسرائيل برئ منهم كبراءة إبراهيم ـ عليه السلام ـ من أبيه آذر لما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.

وهم أصحاب السبت الذين قال الله فيهم : (وَاسْئَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ الَتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ البَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ) الأعراف : 163. فكانوا يضعون في شركم في البحر يوم السبت الذي نهوا أن يعملوا فيه ولا يأخذونه إلا يوم الأحد تحايلا منهم في انتهاك حرمه السبت.

وهم الذين أنزل الله فيهم (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) (البقرة : 61).

وهم الذين أنزل الله فيهم (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ العَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (الأعراف 167) .

فهذه الآيات وأمثالها نزلت في (يهود بني إسرائيل) وقد التحق باليهود أخلاط من شتى الأمم والطوائف من أمريكا وروسيا وفرنسا ورومانيا واليونان وبريطانيا وسائر طوائف الكفار فالتحقوا باليهود فصاروا يهودا (طريقه وعقيدة) فلا يصح أن يقال أن هؤلاء اليهود أنهم بنوا إسرائيل فضلا عن أن يقال أنهم إسرائيل كما يزعمون أن هذا يعد من الكذب المبين، وحرام أن يخترع لهم اسم يقتضي تشريفهم وتكريمهم ورفع منزلتهم وقد أهانم الله وأذلهم ووسمهم بسيمة السوء وأسمه لا يفارق رقابهم فإن هذا تبديل صريح لكلام الله سبحانه وتعالي ومخالفة لآمرة تعاظم وأرتفع.

ويقول الشيخ الفقيه عبد الله بن زيد آل محمود (... والله سبحانه وتعالي حينما يخاطب اليهود فإنه يخاطبهم باسمهم المرسوم لهم) ويمكن الرجوع إلي مؤلفه: الإصلاح والتعديل من إصدارات الشروق ص 32 بيروت، القاهرة، ط2، 1402هـ/1982.

ويضيف الفقيه عبد الله بن زيد آل محمود قائلا (أن اليهود هم اليهود اسما ورسما وليسو بني إسرائيل) نفس المرجع السابق ص 28 ومن تأمل الآيات الكريمة التى خاطب فيها الله سبحانه وتعالي بنى إسرائيل نجد الآتي:

التذكير بنعمته سبحانه وتعالي ولا يعبدوا إلا الله.. الخ ما توضحه الآيات الكريمة. وفي نفس الوقت يخاطب رب العزة اليهود بقوله : (لُعِنُوا بِمَا قَالُوا) وغيرها من الآيات الكريمة المبسوطة في هذه الفقرة من البحث.

والمقصود أن تسميه اليهود بإسرائيل لم يثبت لها أصل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه وجميع المؤرخين من المسلمين وغير المسلمين طيله السنين إنما يكتبون باسم اليهود لا باسم إسرائيل وأن تعجب فعجب من اندفاع الناس إلي متابعتهم على هذه التسمية المبتدعه والكاذبة الخاطئة لتشريفهم وتكريمهم ورفع منزلتهم والله سبحانه قد أذلهم وذمهم وسماهم يهوداً تسمية لا تفارق رقابهم. اليهود هم اليهود اسما ورسما بين زمن بنى إسرائيل إلي حد الآن. وبطول الزمان يخشى أن ينخدع الناس بتسميه اليهود باسم إسرائيل فينسبون لهم جميع الفضائل والصفات الحسنه لبنى إسرائيل لما كانوا مسلمين ثم يزول عن اليهود اسمهم الحقيقي الذي هو عقيدتهم والمتضمن لذمهم وضلالهم.

إن التفضيل والفضل إنما حصل عليه بنوا إسرائيل لما كانوا متمسكين بالدين وطاعة رب العالمين فلما أحدثوا الأحداث وعبدوا الأصنام فسبب ذلك ذلوا وساءت حالهم وسلط الله عليهم الجبابره يسمونهم سوء العذاب أما اليهود فهم الذين كفروا بما أنزل على موسى عليه السلام والذي أنزل على عيسي عليه السلام وأيضا بالرسالة الخاتمة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.

لقد انقضي كل ما كان لبني إسرائيل من التفضيل على غيرهم وانتقل إلي ذريه إسماعيل بن إبراهيم وهم العرب فقد فضلهم الله على الناس ببعثه محمد صلي الله عليه وسلم يقول تعاظم وارتفع (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ المُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ) آل عمران (110) فالمهتدون من أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم والطائعون له في سرائهم وضرائهم والمجاهدون معه في سبيل الله هم أكثر من المؤمنين من بنى إسرائيل فكانوا هم أكرم الأمم عند الله.

المشكلة الكبرى أن غالبيه المجتمع الإسلامي الكبير يتعامل مع (اليهود على أنهم بنى إسرائيل) والعكس صحيح أيضا لقد غاب عنهم التصور الصحيح وغلبتهم الغفله.. نعم الغفلة أطاحت بالعقول وخربت النفوس، وأصبحنا لا ندري من حقيقة الأمر إلا ما يعرضه علينا المهازيل الذين انتسبوا زورا إلي عالم الكتابة بدعم الآله الإعلامية الجبارة إلي تصر على إذاعة البغيض من كل فن وتنشط في إذاعة الباطل.

والذي أميل إليه وأرجوا أن يكون نصيبه من الصواب أوفر وأكثر من نصيبه من الخطأ، هو أن (قلب اسم يهود إلي اسم إسرائيل) مصيبه كبرى لأنه أولا: تبديل لكلام الله سبحانه وتعالي . ثانيا: أمل تتمناه (الدولة الاحتلالية الاستيطانية) وتعمل من أجل تحقيقه ليضعها موضع التشريف والتكريم ثالثا: سند ديني قوى للدولة (الاحتلالية الاستيطانية) ومما يؤسف له أن الأمة الإسلامية الكبيرة تتعاطى هذا الأمر بسهولة ويسر واطمئنان !! أنها الغفلة كما بينت قبل قليل ونتج عن هذه الغفلة أن أصبح اسم (اليهود) مرادف لاسم (إسرائيل) والإعلام جميعه يتعامل بحسب هذه الصيغة!! ويقول الدكتور جمال حمدان : (ولابد لنا هنا من وقفة سريعة عند تسمية ـ أو بالأحرى تسميات ـ اليهود . ثمة تسميات ثلاث مترادفات: إسرائيل والعبريون واليهود، والأولي نسبة مباشرة إلي إسرائيل، الأسم البديل ليعقوب أما العبريون فالمعقول ـ هكذا كتبت ـ أنها مشتقة من هجرتهم من كلدان إلي كنعان حيث "عبروا" النهر نهر الفرات أو نهر الأردن لا ندري أيهما المقصود تماما فسموا العبرانيين ويقابل هذه التسمية عن المصريين القدماء كلمة Habiru وعند البابلين Khetirru ولو أن هذه وتلك تعني ، البدو أو اللصوص أو المرتزقة كما وصفهم أعداؤهم في كنعان. أما التسمية باليهودية فتدل أصلا على أبناء يهوذا أحد أبناء يعقوب الذي أصبحوا يمثلوا البقية المهمة من بني إسرائيل بعد الأسر البابلي فصارت تطلق فيما بعد على الإسرائيليين جميعا. ص55 من كتابة اليهودية كتاب الهلال، العدد 542، مصر 1996.

أنه الواقع الفعلي ولا حول ولا قوه بالله العلي العظيم، وعلينا أن نتعامل مع هذا الواقع (بحذر شديد) نفهمه جيداً ونعرف الفرق بين (يهود) و (إسرائيل) مع الاحتفاظ بالمفهوم الحقيقي لكل منهما.


 

الاستعمار الصهيوني في فلسطين المحتلة

باسم إسرائيل

في كتابة (استراتيجية الاستعمار والتحرير) يفرق الدكتور جمال حمدان بين نمطين من الاستعمار السكني الاستيطاني وهما :

الأول: النمط اللاتيني الذي يضيف المستعمرين إلي الأهالي الأصليين بلا إباده عامة كما في أمريكا اللاتينيه أو الجزائر.

ثانيا: النمط السكسوني الذي يقوم على إحلال المستعمر محل الأهالي الوطنيين بالإبادة أو الطرد كما في أستراليا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية. ص 172 ـ كتاب الهلال رقم 2005، إبريل 1968، مصر.

وما يفعل الآن وقبل الآن في الأرض المحتلة من (إبادة وطرد) هو حاله شاذة وفريدة. بين كل نماذج الاستعمار السكني فقد جمعت بين السيئ والأسوأ (إبادة الجنس كما فعلت استراليا والولايات المتحدة والعزل الجنسي كما في جنوب أفريقيا) ثم نسأل بعد كل هذا ما هي العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية كدولة قامت على إبادة الجنس وهذه الدولة اليهودية التى أقامتها القوى الكبرى على نفس القاعدة؟! لقد كان من المستحيل أن يتحقق حلم الصهيونية بإنشاء هذه الدولة إلا بالمساعدة الكاملة من قوى السيادة العالمية ومن هنا التقت الإمبرياليه العالمية مع الصهيونية  على طريق واحد هو طريق المصلحة الاستعمارية المتبادلة فيكون الوطن اليهودي قاعدة تابعة وحليفا مضموناً أبدا يخدم مصالح الاستعمار وذلك ثمنا لخلقة إياة وضمان لبقائه. وعلى طريق هذه المصلحة الاستعمارية المشتركة تحرك ارتباط الصهوينية بالإمبربالية بحسب تحرك مركز ثقل زعامة الإمبراليه فكانت بريطانيا هي التى خلقت الوطن القومي منذ الحرب العالمية الأولي بينما خلقت الولايات المتحدة الدولة اليهودية منذ الحرب العالمية الثانية ومن قيام هذه الدولة الملعونة نعاني الأمرين على المستوى الداخلي وعلى المستوي الخارجي، وقد عقدنا الأمل على القوى الاستعمارية الكبرى التى ساعدت على إنشاء وقيام هذا النمط الاستعماري الشاذ في قلب الأمة ـ عقدنا الأمل على الدولة الاستعمارية الكبري في أن تخلصنا من نفسها!! سراب ووهم!!.

نعم، سراب ووهم. نحن أمام قوى استعمارية كبرى بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ـ مركز الثقل حاليا ـ وقد يتغير مركز الثقل في قابل الأيام ولا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالي، ولكن الأمر لا يفهم على إنه الانتظار دون العمل والاستعداد، بيدان الفكر الارجائي لا يزال يحكم تصرفاتنا، والميل الجنوني للاستهلاك الذي أفسد الذوق وحطم الرغبة في استخدام وسائل النمو وصولا إلي فهم حقيقي لقضية (الصراع بين الحق والباطل) ولا يمكن للتخمة أن تصنع الأبطال، بل العكس تماما أنها تصنع المهازيل ولا يمكن للمهازيل أن تقوم من رقدتها، ويوم أن تستغني الأمة عن (الترف) ستصبح لها قيمة بين الأمم التى لا قيمة لها إلا قواها (المادية) وهي قوى سريعاً ما تنهار فسقوط النموذج المادي أكبر دليل على ما نقول. وليرجع القارئ إلي كتاب (حفاروا القبور: الحضارة التى تحفر للإنسانية قبرها) للأستاذ الكبير روحيه جارودي، من منشورات دار الشروق، بمصر.

لن ينقذنا إلا فعلنا الخاص كما يقول الدكتور عماد الدين خليل. إن انتظار أمريكا أو غيرها من دول الغرب أو الشرق أمر يضعنا جميعا في خانة التثاقل فتنطبق علينا الآية القرآنية الكريمة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) التوبة (38).

ثم يحذرنا رب العزة بقوله :( إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التوبة(39).

أذن القضية جد لاهزل فيها، والذين ينتظرون أمريكا وفرنسا وانجلترا وألمانيا والمفوضية الأوربية واللقاءات السرية والعلنية وكل هذا البلاء إنما ينتظرون الذي يأتي ولا يأتي أو الذي لن يأت أبداً. وهم سراب كما قلنا قبل قليل.

ولكن الأمة معرضة للاستبدال كما حذرنا رب العزة فمتي تنفر؟.

أن الاستعمار الصهيوني في فلسطين باسم إسرائيل، أكل الأرض وهتك العرض والأمة العربية التى قوامها مليار وأكثر من نصف مليار مسلم غارقة في مشاكلها الداخلية والتى أغرقتها فيها الدول الاستعمارية الكبري، حتى تنسي بفعل الهم اليومي المتزايد مشكلتها الأساسية: احتلال الأرض الإسلامية العربية في فلسطين والجولان وكل أرض ينطق فيها باللسان العربي وكل أرض يشهد فيها اللسان أيضا شهادة التوحيد.

متى ننفر؟

أن قوى الاستعمار الصهيوني تعمل في جد ونشاط وذكاء ونحن نعمل في بطء وتخاذل واسترخاء.

متى ننفر؟

والأمة الإسلامية مشغولة بتفسير الأحلام والرؤي والحديث على المد الشيعي وحقوق المرآة التى أعلن أخيراً في الولايات المتحدة الأمريكية عن أحدث حقوقها وهي أن تسير عارية الصدر تماما كالرجل حتى تستكمل حقوقها الضائعة!.

لقد نجح (فرويد وماركس وإميل دور حايم) في تحطيم منظومات القيم في العالم أجمع وأصبحت السيولة هي الصفة الملازمة للمجتمعات حاليا أي لا توجد مرجعية ومن أسف تجد من الأمة الإسلامية من يرفع هذه اليافطة، يافطة اليهود فرويد وماركس وإميل دور حايم! يعرضونها وقد ملكهم الإعجاب ماذا نقول؟!

يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد في كتابة :( الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين) يقول رحمة الله "... ولما قامت لهم دولة ـ أي اليهود ـ لم تنهض لهم مع الدولة ثقافة أدبيه.. ثم ذهبت الدولة ولم تعقب بعدها أثراً من آثار الفكر أو الوجدان أو الذوق أو الخيال كتلك الآثار التى حفظها التاريخ لكل دولة من الدول القديمة والحديثة، أما في دور الشتات بعد دور البداوة ودور الدولة. فلم يكن لهم مجتمع واحد تنسب إليه ثقافته ولا تنسب إلي غيره، ولكنهم ظلوا في دور الشتات عاله على ثقافات الأمم". ص 77 وختم رحمة الله الفقرة بقوله :

" ولنا أن نقول بالتعبير الشائع في عصرنا أن هؤلاء العبريين منذ بداوتهم إلي هذا القرن العشرين قد كانوا مستفيدين ولم يكونوا قط منتجين، وأن محصولهم في الثقافة العالمية محصول المستغل و الوسيط وليس بمحصول المالك العامل الذي يعطي وينتج ما يعطيه". ص79.

وقد ضاعت أرضنا في فلسطين عن طريق السماسرة! وقد فصل الكاتب المسرحي الكبير (على أحمد باكثير) هذه القضية  كأروع ما تكون عليه الأعمال الأدبية الهادفة التى ترقي بالأمم وتشحذ الهمم رحمه الله على أحمد باكثير رحمه واسعة، ولكن بعض حملة الأقلام في أمتنا العريضة لا تزال تنظر بعين الاعتبار (لفرويد وماركس وإميل دور حايم) ولله في خلقه شئون، ويوم أن ترفض كل هذه الأفكار المخربة المنحلة التى تتصدام مع فطرة الإنسان يوم أن تكون لنا القدرة ـ بعون الله ـ أن نفحص معرفتنا لنعود إلي ديننا وعقيدتنا ونلتزم بالأمر والنهي الإلهيين ونضعهم موضع التنفيذ.

إن الاستعمار الصهيوني في فلسطين المحتلة باسم إسرائيل (عدوان قائم ومستمر) ليس هناك ما يسمي بالهزل في قاموس الاستعمار الصهيوني، أنه لا يعرف إلا (الإبادة) إبادة الجنس التى قامت عليها أمريكا والذي يبدأ تاريخها كدولة منذ حرب الاستقلال في 1783 أي أواخر القرن 18 فقد خرجت من ثورتها على بريطانيا برقعة محدودة بالولايات الثلاث عشر ومحددة بجبال اللينجي ثم في مرحلة ثانية بالمسيسبي لا تزيد عن 4 مليون نسمة فكانت تلك هي النواة التى انفجرت في نمو عارم لتعمل في النهاية إلي أن تصبح أعظم قوة في العالم.

قامت بالسرقة والنهب والاستيلاء لتصبح بعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بلاد الحرية والديمقراطية!! القائمة على سياسة الإبادة الشاملة للجنس البشري والاستيلاء على أرض الغير بالقوة! هل هذه الدولة الأمريكية هي التى ستعيد الحقوق الإسلامية العربية المغتصبة؟! وهم وسراب!! خرافه أسمها 99.9% من أوراق اللعبة في يد أمريكا!! اللعبة انتهت بالاستيلاء على الأرض ولا عزاء بعد ثلاث!! وقد مر أكثر من نصف قرن من الزمان!

نعم، ليس هناك ما يسمي بالهزل في قاموس الاستعمار الصهيوني، أن الصهيونية، أعلي مراحل الأمبرالية العالمية فالاستعمار العالمي هو الذي خلق إسرائيل بالسياسة والحرب وأمدها بكل وسائل الحياة من أسلحة وأموال، ثم هو يحميها ويضمن لها البقاء لأنها أداته وقاعدته لقد كانت بريطانيا (الاستعمار القديم)، هي التى خلقت (إسرائيل) ولكنها سلمتها طواعية لوصاية أمريكا (الاستعمار الجديد) فكانت الأولي ( الأب البيولوجي) والثانية (الأب الاجتماعي) وإن كانت ملتحمة كلية في الولايات المتحدة الأمريكية فإنه ليس من الواضح تماما من الذي يستعمر من؟ إسرائيل تكاد تبدو اليوم وكأنها أمريكا في الشرق الأوسط.

آثار الانتساب لإسرائيل

وترديد اسمه

مما يوسف له أن إسرائيل أصبح علماً لدولة اليهود التى خلقتها بريطانيا وسلمتها طواعية لأمريكا! خلقت الأولي الوطن القومي وخلقت الثانية الدولة اليهودية من الحرب العالمية الثانية، واليهود هم أحرص الناس في هذا العصر على الانتساب لإسرائيل وترديد أسمه حتى جعلوه علما على دولتهم التى أقيمت (أقامها الاستعمار العالمي) بقوة المال والسلاح أولا والحماية والضمان أولاً وثانياً وعاشراً...

قلنا قبل قليل أن اليهود هم اليهود اسما ورسماً منذ زمن بنى إسرائيل الذين هم بدورهم ذابو بين الأمم ولم تعد لهم باقية تذكر بهذا الاسم. اليهود هم الطائفة الكافرة من بنى إسرائيل منذ زمن بني إسرائيل ومن إنتحل عقيدتهم أو من إنتحل نحلتهم والتحق بعقيدتهم من كل الدول في القارات الحاضرة وخاصة القارة الأوربية من تشيك وبولندا والمجر والنمسا أو كما يوضح لنا العلامة العراقي محمد بهجه الأثري في كتابه : درائع العصيبات. من منشورات المجمع العلمي العراقي عام 1965 والذي قضي عليه بوش الأب لا رحم الله فيه مغرز إبره كما يقول أهل العراق.

ينجح يهود بمساعدة الصهوينه (أعلي مراحل الاستعمار) في معظم نشاطاتهم المبنية على القوة لا الحق، في الوقت الذي اختزلت فيه قضيانا وأصبحت قضية احتلال الأرض الإسلامية قضية تخص دولة بعينها وعليها أن تتصرف فمثلا فلسطين مسئولة عن أرضها المحتلة وسوريا مسئولة عن أرضها المحتلة وباكستان مسئولة عن أرضها المحتلة وغيرها من الجروح الدامية صراع عميق الجذور بدأ مع اليهود وانتهي بالصهيونية اليهودية مارا بمراحل مختلفة أعلاها مرحلته الأخيرة والتى نحن في مواجهتها الآن ولكن لم نعد لها العدة فبدلا من أن يكون الصراع مع قوى الاستعمار الصهيوني أصبح الصراع مع القوي الوطنية على اختلاف مذاهبها بعضها مع بعض والعدو الحقيقي على بعد خطوات في انتظار أن ينقض على الفريسة وينتهي الأمر، والأمة مشغولة بما لا يفيد أو بما أراد لها (النظام العالمي الجديد) أن تنشغل به عدا بعض الصيحات القليلة التى نسمعها بين الحين والآخر ربما لتهدئه الخواطر! واليوم اليوم يقول (أوباما) رئيس أمريكا ـ مركز الثقل الصهيوني الآن ـ أن السلام صار بعيداً ويرجع من يشاء إلي صحف يوم الأربعاء الموافق 14/4/2010 (أوباما)  الذي علقت عليه الأمة الـ (.....) كل أمالها في استعادة حقها !! وقد كان أحدهم من أصحاب البرامج المشهورة في أحدي الفضائيات المشهورة أيضا قدم لهذا (الأوباما)  صورة أكثر من رائعة قبل تنصيبه رئيسا لأكبر دولة في العالم: أمريكا الصهيونية التى إبادت صاحب الأرض لتكون الولايات المتحدة الأمريكية!!

الولايات المتحدة الأمريكية هي قوى (الاستعمار العالمي الجديد) كما كانت بريطانيا (الاستعمار العالمي القديم) وكل الرجاء أن يعلم الناس أن أمريكا هي بريطانيا وأن بريطانيا هي فرنسا وأنهم جميعا يمثلون (الصهيونية العالمية) دون أدني شك. متى نفهم؟! هذا الكلام قاله العبقري الفلته (جمال حمدان) رحمه الله رحمة واسعة وقاله العبقري الفلته (عبد الوهاب المسيري) رحمه الله واسعة ماذا ننتظر الأمة؟! أنها تلعب في (سيرك المفاوضات) وحتى هذا السيرك لا تجيد اللعب فيه!!

أمة أفسدها الترف، بل أهلكها!

أمه أهلكها التساقل، بل ضيعها!

ماذا تنتظر الأمة من لعبة المفاوضات؟!

مطلوب حد أدني من الوحدة حتى نستطيع  أن نرى لنعمل

أن التحذير ألقراني واضح كل الوضوح في مسألة (اليهود) وأنهم أشد الناس عداوة والدليل الآية القرآنية الكريمة: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) المائدة (82) هذا كلام رب العالمين. ماذا تفعل الأمة مع أشد الناس عداوة؟! ماذا تفعل الأمة مع هذا الإخبار الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلقه؟!

إن الإجرام اليهودي موغل في القدم. نعم موغل في القدم فتاريخه يبدأ منذ كان من أبيهم يهوذاً مع (يوسف) وأخيه. ويذكر التاريخ أن (اليهود) بنو (يهوذا) أكثر ذريات بني إسرائيل بعدا عن الله وما أنزله من دين. لقد بين الله سبحانه وتعالي في  سورة الأعراف الآية 155  أن كفار بني إسرائيل ويهودهم قد كتب عليهم الغضب والضلال إلا من يؤمن بخاتم الأنبياء محمد صلي الله عليه وسلم الرسول النبي الأمي الذي يجدوه عندهم في  التوراة والإنجيل فالذين يؤمنون به من بني إسرائيل فأولئك هم المفلحون. أن (اليهودية) من صنع يهود بني إسرائيل.. لم ينزل الله بها من سلطان.. وما كانت يوما دينا من عند الله وما كان نبي الله موسي عليه السلام يهوديا بل كان مؤمنا بما بعث به من عند ربه وكان من المسلمين.

وقد عاش سيدنا موسي فيهم سنين يدعوهم إلي دين الله (الإسلام) ويبين لهم آيات الله وما أنزل عليهم من نعم، فما استجابوا له وما أمنوا بالله حتى أدركه اليأس من إيمانهم فراح ساخطا عليهم يدعو ربه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ )المائدة  (25).

والآن نلخص إلي الآتي:

1.     اليهود هم اليهود اسما ورسماً من زمن بني إسرائيل إلي حد الآن.

2.     اليهود هم الطائفة الكافرة من بني إسرائيل وقد انضم إليهم من انتحل والتحق بعقيدتهم من شتى الأمم.

3.     إصرار اليهود على تسميتهم (بإسرائيل) قلب للأمور وتزييف للتاريخ.

4.     الصهوينية أعلي مراحل الاستعمار.

5.     الاستعمار السكني أعلي مراحل الصهيونية (أمريكا وإسرائيل).


 

        أن الأمة الإسلامية الكبيرة والتي قوامها مليار وأكثر من نصف المليار مسلم تواجه بلا شك حضارة مادية صهيونية فاسدة مسيطرة على العالم أجمع، أنكسر جناحها الشرقي وانتهي وآيل للسقوط ذلكم البناء الهائل من الوثنيات المسمي الحضارة الغربية!! وما أصدق الفيلسوف الفرنسي (روحيه حارودي) الذي عبر عن هذه الحضارة بقوله : (كشف تدمير العراق في عام 1992 عن حرب من نوع جديد ـ حرب قائمة ليس فقط على استعمار دولة أوربية متنافسة مثل انجلترا وفرنسا ولكن على استعمار جماعي متعدد الجنسيات متآلف تحت سيطرة القوى الأقوى: الولايات المتحدة الأمريكية) من كتابه حفار القبور ص 7 نشر مكتبة الشروق بمصر.

وقد سبق الأستاذ (محمد أسد) إلي هذا التوضيح قبل مائة عام تقريبا من اعتراف (روحيه جارودي) فقال رحمة الله واسعة:

وخلاصة القول: (أن المدنية الأوربية قائمة في أساسها على المدنية الرومانية الوثنية ولا تزال في واقعها وثنية مادية لا تؤمن بغير القوة) من كتابه: الإسلام على مفترق الطرق، ص41) نشر الجماعة الإسلامية بجامعة القاهرة بدون بيانات أخرى.

ولكن الصهيونية الأمريكية لا تسمع ولا تري إلا صوتها وصورتها! وذيول أمريكا في عالمنا الإسلامي لا يرون إلا ما تري أمريكا ولا يسمعون إلا ما تريد أمريكا إن يسمعونه هكذا ينتهي البساطة. هل هم صهاينة؟! الواقع المر يكاد ينطق بهذا الأمر. بلاء عظيم.

أن الدولة العربية الإسلامية تختلف اختلافاً جذريا عن كل الإمبراطوريات الوثنية التى سبقتها لأنها بالفعل دولة (إمبراطورية) تحرريه أخرجت الناس من عبادة العباد إلي عباده رب العباد وكسرت الوثنيات الفارسية والرومانية، فهي دولة (إمبراطورية) لم تعرف العنصرية أو الحواجز اللونية بل كانت وسطا حضاريا متجانسا متاحا للجميع والدليل قاطع وحي. إنها أول (كومنولث في التاريخ) كما يقول العبقري الفلتة جمال حمدان.

الإمبراطورية الإسلامية العربية عاشت أكثر من 1300 سنة ! تعلم الناس وتهدي إلي الحق، تعلم العلم النافع وتخرج الناس فعلا من الظلمات إلي النور رغم الدعاية الفاجرة الكاذبة التى يطلقها كتاب الغرب بأنها كانت إمبراطورية استعمارية!! نعم، أن الأمة الإسلامية تراجع دورها ـ كسنة من سنن الخلق ـ ولكنها أمة شاهدة على الأمم لذا فإنها لا تموت أنها فقط تذبل حتى يأذن الله لها أن تقوم بعد أن تعود لسابق حرصها على عقيدتها والتمسك بها.

الصهيونية هي النظام العالمي الجديد! نعم، ولا شك لدنيا في هذا الأمر مطلقا مهما أدعي الكهنة والسدنة وحملة المباخر الذين يمجدون النظام الصهيوني الجديد الذي هو امتداد للاستعمار القديم ولكن في شكل جديد هو الهيمنة: العلم، التقنية، الاقتصاد! التعديل الجديد للمبدأ القديم دعه يعمل، دعه يمر! ولم نسأل أنفسنا يوما: ماذا يعمل، وإلي أن يمر؟!

ماذا يعمل؟!

وإلي أين يمر؟!

مشكلة المشاكل أننا لا نعي ما نسمعه جيداً، مع أن ديننا ينهانا عن الغفلة! وهل هناك غفلة أكثر من تسليم أبناء الأمة إلي المستشرقين وقناصل أوربة لتعليمهم وتربيتهم  كما حدث لرفاعة الطهطاوي على سبيل المثال وهل هناك غفلة أكثر من أن يكون لورانس صديقا للعرب وقائداً عسكريا فيما أطلق عليه الثورة العربية الكبري! وهل هناك غفله، أكبر من أنه يكون الوطن العربي الكبير مسرحاً لكل فكر ساقط وتألف!

أن قضيتنا كبيرة معقدة ومؤسفة.

ماذا تنتظر الأمة من أمريكا وغيرها؟

ماذا تنتظر الأمة من أمريكا التى قامت أصلا على الإبادة والسرقة والنهب والاستيلاء؟

أن الرئيس الأمريكي(أوباما) لا يستطيع أن يحرك ساكنا إلا بمعرفة (مجلس العلاقات الأمريكية) وإلا يكون مصيرة كمصير (جون كنيدي) وأسرته (كيندي) التى أجبرت أن تصمت للأبد وألاّ تتقدم لكرسي الرئاسة!! ولتراجع كتابات الأستاذ الكبير (محمد يوسف عدس) المستشار السابق باليونسكو ومترجم كتاب (الإسلام بين الشرق والغرب) لعلي عزت بيجوفيتش وهو أهم كتاب في القرن الـ 20 والحائز على جائزة الملك فيصل العالمية.

ماذا تنتظر الأمة الإسلامية من الولايات المتحدة الأمريكية؟

سؤال كبير؟! أمريكا التى قامت على السرقة والنهب والاستغلال ! أن القرصان الأمريكي ليس لديه ما يعطيه لأحد ومتى عرف القرصان الشرف؟!

أن أمتنا العريضة مصابة بأمراض عديدة أخطرها الغفلة! أن أرضنا ضاعت بسبب الغفلة، ضاعت في فلسطين وكشمير والجولان والبلقان والصومال ودارفور وارتريا وغيرها.

لا تزال قضايانا تدور على محور إدارة الأزمة عقود طويلة من الزمن ومشكلاتنا لا تزال في إطار إدارة الأزمة! متى تحل الأزمة؟ عقود طويلة من المفاوضات والكلام الفارغ والمماطلة حتى أصبح الأمر الواقع هو الحل ويبتلع يهود الأرض يوميا ونحن جلوس على مائدة المفاوضات ! أي مفاوضات؟.

ماذا تنتظر الأمة الإسلامية من أمريكا؟

أمريكا التى تنتج المخدرات وتزرعها وحاليا يوليو 2010م تعاني ولاية كاليفورينا من انهيار اقتصادي عظيم ورأي حاكمها أو مجلسها الحاكم أنه بزارعة الماريجوانا وإباحة تداولها كالخمر سيدر على الولاية حوالي 3 مليارات دولار!! ويقولون الحل عند أمريكا!!