بعد “قنصه” طفلاً بعمر سنتين ونصف في رأسه.. الجيش “الأكثر أخلاقية” في العالم: “نأسف”

من هم في جيل السنتين ونصف لا يعرفون التحدث إلا قليلاً، لم يفطموا بعد، هم بحاجة إلى الإمساك بهم على الدرج، لا يعرفون الخوف ولذلك يجب إبقاء النظر عليهم. وفي هذا الجيل يبدأون بالتذكر. في جيل سنتين ونصف، حسب القانون، يجب استخدام كرسي الأمان حتى جيل ثلاث سنوات. وحسب جمعية “قبل” يجب الانتظار إلى أن يصل وزن الطفل إلى 18 كغم.

محمد التميمي بعمر السنتين ونصف، وربما لن يصل في يوم ما إلى سن الثالثة. أمس، بعد الظهر، كان نائماً في حالة خطرة في غرفة العناية في قسم “سفرا” للأطفال في مستشفى شيبا. الأطباء ينتظرون تحسن وضعه لإجراء عملية له. جنود الجيش الإسرائيلي أطلقوا النار على رأسه وأصابوا والده أيضاً. خرجا مساء الخميس من البيت في قرية النبي صالح لإجراء زيارة عائلية. ركبا السيارة وأشعلا المصابيح، وفي اللحظة نفسها أطلق الجنود النار عليهما، أربع – خمس رصاصات. أكد الجيش أن الجنود أطلقوا النار على الطفل، وأن الجيش الإسرائيلي لا يخجل من ذلك. ولكن المتحدث بلسان الجيش قال بأنه “يتأسف”، هو التعبير نفسه الذي يجمد الدم في الشرايين. وهو التعبير البخيل الذي يقتصر على مثل هذه المناسبات فقط. الجيش أيضاً يأسف على إصابة “غير متورطين”. الطفل محمد كان غير متورط. إطلاق النار “سيتم التحقيق فيه”.

دخول ناشط الاحتجاج موشيه ريدمان إلى المستشفى بعد إصابته إصابة طفيفة في المظاهرة في قيساريا، أثار صدمة أكبر من ذلك في إسرائيل في نهاية الأسبوع. تمت مشاركة صورته وهو مستلق على السرير في المستشفى، أكثر بكثير من صورة الطفل محمد وعيونه مغطاة ورأسه مضمد والأنابيب في فمه وجسمه. في صورة أخرى له، بعد لحظة على إصابته، يظهر طفل مع شعر أشقر مجعد ووجهه وجه طفل لطيف وإصابة عميقة في ساقه اليمنى، الدماء تنزف منه على الدرج. الأب كان حتى أمس يعالج في المستشفى الاستشاري في رام الله. إصابة في صدره وشظايا في عنقه. والده وعمه كانا بجانبه والجيش الإسرائيلي يتأسف.

على الفور، بعد إطلاق النار على الوالد والطفل، هاجت قرية الاحتجاج (قرية النبي صالح) بطبيعة الحال. وما الذي فعله الجيش؟ قرر أن الأكثر منطقية – حسب رأيه- هو السيطرة الآن بالقوة على القرية كي تتعلم الدرس، وأن يصيب المزيد من السكان وربما القتل. اثنان من سكان القرية أصيبا فوق السطح، المرة السابقة التي زرت فيها القرية كانت عقب قتل قصي التميمي ابن الـ 19. في بيت محمد آخر، على اسم الطفل المصاب، كان هناك صاحب منحلة عمره 83 سنة. سمعت هناك كيف قتل الجنود قصي لأنه أشعل إطار سيارة.

محمد التميمي العجوز ومحمد التميمي الطفل يعيشان في البيوت القريبة من برج المراقبة. “النبي صالح” هي قرية محبوسة فيها برج محصن يطل على مدخلها. بين حين وآخر، يتمرد شبابها ويرشقون الحجارة أو يطلقون النار على البرج المهين، الذي يثير الغضب ويطل على القرية منذ 15 سنة، بعد ذلك، يطلق الجنود النار ويقتلون ويصيبون. هذا هو روتين الاحتلال الذي سيحتفل في الغد بعيد ميلاده الـ 56. مشكوك فيه إذا كان الطفل محمد الضحية الأخيرة حتى الآن. أمامنا يوم طويل. لا تمر أيام كثيرة للاحتلال إلا وفيها ضحايا. مشكوك فيه أيضاً إذا كان محمد سيتعافى من إصابته الخطيرة. الجنود أطلقوا النار على رأسه الصغير.

محمد التميمي ليس “شلهيفت باس”، وهي الطفلة التي أطلق عليها النار في الخليل وقتلت في 2001. لذلك، لن يسمع به إلا قلائل، وبشكل أقل سيسمعون عن الذين أطلقوا النار عليه. الفلسطينيون الذين قتلوا “شلهيفت باس” اعتبروا متوحشين ومتعطشين للدماء وحيوانات وقتلة أطفال. الجندي الذي أطلق النار على رأس محمد الصغير هو جندي في “جيش الأخلاق”، الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، الذي كل هدفه حماية دولته الضعيفة جداً التي تتعرض للهجوم. فالجندي لم يكن ينوي قتل الطفل، إنما أراد إطلاق النار بدون تمييز على سيارة والده التي كانت متوقفة قرب البيت. وبعد ذلك، ليكن ما يكون. الحقيقة: الجيش الإسرائيلي يتأسف. أي جيش آخر لم يكن ليتأسف بهذا الشكل.

يجب تأدية التحية للجندي الذي أطلق النار على رأس الطفل محمد التميمي. فهو بطل إسرائيل.

وسوم: العدد 1035