رب ضارة نافعة بحيث تكون كارثة الزلزال سببا في فك العزلة حيثما وجدت في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب

من العبارات التي تداولتها ، وتناقلتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية ، ووسائل التواصل الاجتماعي  على نطاق واسع عبارة : " صعوبة المسالك  في  القرى والدواوير المنكوبة عقدت من عمليات  الانقاذ  "، وهذا يعني أن هذه الصعوبة لم تعالج  من قبل ، وقد مر على استقلال البلاد ما يزيد عن ستة عقود، علما بأن عبارة " فك العزلة " هي  من الشعارات التي كانت  ترفعها  دائما الأحزاب المتنافسة في الانتخابات من أجل الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، وعلى أكبر عدد من الأعضاء في المجالس الجماعية .

 وها هي كارثة الزلزال المدمرة، قد كشفت الغطاء عن واقع مؤلم تعيشها المناطق التي نكبت إلى درجة أن العزلة  غير المفكوكة عنها ، كانت  هي أول معضلة واجهت عمليات  وفرق  الإنقاذ من الوقاية المدنية، والجيش الملكي ، والقوات المساعدة ، فضلا عن المعنيين المباشرين بالكارثة  أو المتطوعين معهم  من المواطنين . و لا شك في أن الجميع  مأجورين ومشكورين بل منوها بهم قد أبلوا البلاء الحسن ، ولم يدخروا جهدا في ذلك ، وعملوا بنكران الذات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذ من ضحايا قبل هلاكهم  . ولو كانت تلك العزلة مفكوكة من قبل ، لكان الوضع غير ما هو عليه  الآن .

وهنا يصدق المثل القائل : " رب ضارة نافعة " ، وأول نفع بعد كارثة الزلزال هو التفكير الجاد والعملي في فك العزلة عن كل شبر من وطننا حيثما وجد تحسبا لكل طارىء  كارثي  قد يدعو إلى سرعة  التدخل ، والوصول إليه صيانة لأرواح المواطنين أولا ، وحفاظا على ممتلكاتهم .

ولقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لشخص  في منطقة الكارثة، يصرح بأن الساكنة هناك كانت تمنع من استعمال مواد البناء الحديثة  بذريعة المحافظة على طابع البناء التقليدي الذي يجلب السياحة الأجنبية إلى المناطق التي يوجد فيها. ولئن صح ما صرح به هذا الشخص ، ونرجو ألا يكون كذلك ، فإن مثل هذه الذريعة الواهية،  تدعو إلى شديد الحسرة والأسف، خصوصا وأن هشاشة البناء ، وبدائيته  في المناطق المنكوبة ،كانتا هما السبب في الحصيلة الثقيلة  من الضحايا والمصابين ، بل تعدى الأمر ذلك إلى زوال دواوير بكاملها ، وهلاك سكانها جميعا إلا من وجد بعيدا عنها ساعة الزلزال .

وفي الأخير، نأمل أن تتوفر أولا النوايا الحسنة ، وأن تتضافر الجهود  أول من أجل فك العزلة عن المناطق المنكوبة، وثانيا تحويلها إلى مناطق بحلة جديدة ، وما ذلك على الإرادة المغربية بعزيز، خصوصا ،وقد سبقت تجربة إعادة بناء مدينة أغادير التي دمرها الزلزال قبل ستة عقود ، ثم صارت بعد ذلك في أجمل حلة لها ، وصارت منطقة سياحية بامتياز ، يقصدها  السواح من كل أقطار العالم، فضلا عما صارت فيها من أنشطة اقتصادية وازنة . والله تعالى من وراء القصد .  

وسوم: العدد 1049