العلاقة القائمة بين الرئيس هواري بومدين والأستاذ مالك بن نبي

مقدمة القارىء المتتبّع:

وأنا أعيد ترتيب، وتنظيم المقالات، والمناشير التي كتبتها بشأن الرئيس هواري بومدين، رحمة الله عليه، وأسكنه الفردوس. عثرت بالصدفة على أوراق كتبتها عنه، ففضلت إعادة قراءتها، وتنظيمها، وترتيبها، وإخراجها على الشكل الذي بين يديك.

العلاقة بين الرئيس هواري بومدين، والأستاذ مالك بن نبي، رحمة الله عليهما:

وأنا أقرأ علاقة مالك بن نبي ببومدين[1] استوقفتني هده الملاحظات[2]:

لا يتحدث مالك بن نبي عن بومدين إلا أثناء الانقلاب العسكري 19 جوان 1965 ومن وراء النافذة، وابتداء من هدا التاريخ، ولذلك لا تجد له ذكرا في مذكراته: l'enfant. L'étudiant. l'écrivain

لم يكن مالك بن نبي أبدا من صناع القرار لبومدين.

كل مساعي مالك بن نبي كانت منصبة في لقاء بومدين وكسب رضاه.

جعل بومدين بينه وبين بن نبي حاجزا لا يقربه، ولا يتصل به. ولم يستطع مالك بن نبي إزاله هذا الحاجز وهو الذي ظل يسعى عبثا يسعى لإزالته.

لم يضغط بومدين على مالك بن نبي، ولم يحرمه من التأليف، ولم يمنع كتبه.

منح بومدين كامل الحرية لمالك بن نبي في الكتابة، وترجمة كتبه، وفي السفر إلى الخارج.

أسفار مالك بن نبي إلى الخارج في عهد بومدين كانت كثيرة، ومتعددة، وبعيدة، وبحرية تامة. وتتعلق خاصة بترجمة كتبه في الشام، وإلقاء محاضرات في الدول العربية، وبعض الدول الأسيوية.

لا يتهم مالك بن نبي بومدين إنما يتهم محيطه المحيط به.

كان مالك بن نبي ينتظر من بومدين أن يمنحه وظيفة سفير بإحدى الدول وهو ما لم يتحقق. وقد أثّر هذا المنع في مالك بن نبي.

معلومات مالك بن نبي عن بومدين مستمدة من بعض الشخصيات الصديقة له، والمقرّبة لبومدين، ولم تكن عن معاينة لبومدين.

كل الوساطات التي اتّبعها مالك بن نبي للتقرّب من بومدين عبر المقربين إليه باءت بالفشل.

أزعم أن بومدين يعرف عن مالك بن نبي أكثر بكثير مما يعرفه مالك بن نبي عن بومدين.

يستعمل مالك بن نبي لقب "سي بومدين" حين يتحدّث عن ما يراه إنجازات ومشاريع بومدين، وحين يحقّق أمنيته في الاجتماع به.

يستعمل اسم بومدين مجرّدا من اللّقب حين يتحدّث عن أمر لا يعجبه لكن على لسان غيره، ودون أن يبدي نقدا صريحا، وواضحا.

شهادات الأستاذ عمار طالبي، ومحي الدين عميمور، وخالة مالك بن نبي تؤكّد ماأكّدنا عليه:

بعدما أنهيت مقالي[3] وتمّ نشره قرأت[4] بعدها بالصدفة حوارات لشخصيات جزائرية علمية، وسياسية، وعائلية وهي:

الأستاذ عمار طالبي، ومحي الدين عميمور، وخالة مالك بن نبي.

هذه الشخصيات عايشت مالك بن نبي عن قرب ويتحدّث كلّ منها عنه من زاويته. وفيما يخصّ العلاقة بين مالك بن نبي، وبومدين اتّفقوا جميعا ودون إعداد مسبق، ولا لقاء مبرمج أنّ علاقة مالك بن نبي ببومدين كانت حسنة، وبومدين كان يكنّ الاحترام لمالك بن نبي.

رجعت لمقالي فوجدت أنّي كتبت من قبل أن أقرأ الحوارات، وبالحرف الواحد: " لم يمنع بومدين مالك بن نبي من حضور ملتقى علمي ولا من نشر كتبه ولا من إلقاء المحاضرات" و " مالك بن نبي لا ينتقد بومدين إنّما ينتقد المحيط الذي يحيط ببومدين و السلطة الموازية" ونقاط أخرى أكثر تفصيلا.

أعترف أنّي فرحت لأن قراءاتي لمالك بن نبي وعلاقتة ببومدين تطابقت مع الشخصيات الثلاث والتي لاتربطني بها أيّة صلة، ولم ألتق معها، ولا أعرف وجهة نظرها تجاه العلاقة بين مالك بن نبي، وبومدين.

القراءة لشخصية بعينها والمبنية على الصدق، والنقد، والمقارنة والابتعاد عن التقديس، والتخوين تؤدي إلى تطابق في الرؤية، والنتيجة مع من عايشها، وعرفها عن قرب وإن كان القارىء المتتبّع لا يعرف الشخصية إلاّ عبر كتبها، وتراثها الفكري.

للأمانة، اتّفقت مع الأستاذ عمار طالبي، ومحي الدين عميمور، وخالة مالك بن نبي في العلاقة بين مالك بن نبي، وبومدين وأختلف معهم في نقاط أخرى.

ما وصلت إليه من خلال القراءة لنوعية العلاقة القائمة بين مالك بن نبي، وبومدين يختلف جذريا لما لقّنت إياه في صغري، وما قرأته في شبابي. والحمد لله على نعمة القراءة، والنقد.

الأربعاء 18 ربيع الأوّل 1445هـ، 11 الموافق لـ 3 أكتوبر 2023

معمر حبار – الشرفة – الشلف – الجزائر.

 

[1] Malek BENNABI "mémoires d'un témoin du siècle : l'enfant. L'étudiant. L’écrivain. les carnets " Samar 2ème édition, 2006, Alger, Algérie, Contient 660 pages.

[2] الثلاثاء 10 محرم 1441 هـ - الموافق لـ  10 سبتمبر 2019

[3] بعنوان: "بومدين كما يراه مالك بن نبي" بتاريخ: الإثنين 8 صفر 1441 هـ - الموافق لـ 7 أكتوبر 2019

[4] الخميس 10 صفر 1441 هـ - الموافق لـ  9 أكتوبر 2019

 

وسوم: العدد 1052