أما آن الأوان كي يتحرك الضمير العالمي من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والاستقلال ؟؟؟

إن ما حدث يوم السبت في محيط قطاع غزة الذي تعتبره إسرائيل جزأ من أرضها ، وتفرض سيادتها عليه بقوة السلاح ، كان نتيجة  حتمية للتمادي في غطرستها وطغيانها ، وتنكيلها بالشعب الفلسطيني في الأماكن المقدسة، حيث بلغ الأمر بالمتعصبين والمتشددين من مستوطينها أقصى درجات إهانة شعب يرتاد مسجده الأقصى للعبادة . ولقد أطلق الاحتلال الصهيوني لمستوطنيه العنان ليعيثوا فسادا في أقدس المقدسات ، وكانت تلك إرادة المواطنين الإسرائليين الذي صوتوا على أحزاب يمينية متطرفة شعارها العنف ، ومكنوها بذلك  من مركز القرار لتجلب عليهم نقمة شعب مقهور سلب منه وطنه قبل سبعين عاما ، وقد تسلمه الكيان الصهيوني  من يد الاحتلال البريطاني البغيض ، وأقرته على ذلك كل الدول الغربية دون استثناء ، ودون وخز من ضمير .  

ولقد دأب المحتل الصهيوني على قتل وتهجير وأسر الشعب الفلسطيني على مرآى ومسمع العالم بأسره خصوصا العالم الغربي دون أن يحرك هذا الأخير ساكنا ، وقصارى ما كان يصدر عنه حين يعذب هذا الشعب المسكين وينكل به  أن يدعو الحكومة الإسرائلية إلى ضبط النفس مع عبارة لتأييدها مفادها حقها في الدفاع عن نفسها  حتى وهي المعتدية والبادئة بالعدوان .

ومع تراكم الإجرام في حق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة ، وفي قطاع غزة المحاصر والمجوع ، والمعرض للدمار الشامل في كل مرة ، حصل ما حصل بالأمس مما احتار له العدو المتغطرس، وكل من يقفون معه من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية مع أم ما حصل إنما هو عنفوان سببه العنف الصهيوني المتكرر .

والمؤسف أن العالم بأسره، وخصوصا الغربي منه عوض أن يسارع إلى إعطاء الشعب الفلسطيني حقه المهضوم والمسلوب بعد هذا الذي حدث ، ويلزم الكيان الغاصب لحقه بقبول ما أصدره مجلس الأمن من قرارات ، وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية ، والعيش الكريم بأمن وسلام مقتسما أرضه مع مغتصبها كما كان الوضع سنة 1967 مع ما في هذه القسمة الضيزى  من حيف، لا زال العالم الغربي يردد مقولاته الداعمة دون حدود أو شروط  للكيان الصهيوني  بحيث  لا يُندد بإرهابه ضد شعب أعزل ، بينما يندد بالمقاومة ردا على عدوانه  . ومن المؤسف أن تتمادى  الولايات المتحدة  في تنكب ممارسة  الضغط على هذا الكيان المارق ، والمستخف بكل القرارات الأممية المتراكمة في رفوف مجلس الأمن، وفي رفوف الجمعية العامة، وتعيد تكرار  مقولاتها الداعمة له دون حدود أو شروط أو ضوابط . وها هي بالأمس قد حركت أسطولها الحربي  لدعمه عوض أن تضغط عليه من أجل التوقيع على سلام دائم وشامل ظل الشعب الفلسطيني يترقبه لما يزيد عن سبعة عقود متوالية .

ومن المؤسف أيضا أن تأسف الولايات المتحدة  وحلافاؤها  الغربيون لوقوع ضحايا في صفوف الإسرائليين  مع أن حكومتهم المتطرفة هي المسؤولة الأولى عن ذلك، لأنها أرخت العنان  للمستوطنين المتطرفين كي يعيثوا فسادا في  مقدسات الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين دون أن تأسف  لوقوع ضحايا فلسطينيين ، وهذا لعمري أسوأ كيلة تكيل بها هذه الدول التي تنصب نفسها وصية على الأمن والسلم العالميين .

 وأغلب الظن أن ما صار واجبا  عليها بعد الذي حصل وقد  علم العالم كله  بما حصل أن تغير من سياسة هذه الكيلة الجائرة  بمكيالين ، وأن تتخلى عن سياسة تدليل الكيان الصهيوني فوق مستوى الدلال  بالسكون على ضربه عرض الحائط كل القرارات الأممية المتتالية طيلة سبعة عقود . وإن ما وقع من ضحايا بين الطرفين تتحمل هي  أيضا  مسؤوليته، لأنها تمادت في التراخي  لتطبيق تلك القرارات ، وانصاعت كليا  لإرادة كيان مارق لم يعبر في يوم من الأيام عن نيته بصدق  في إنهاء مشكل الشرق الأوسط نهاية عادلة تضمن له ولجيرانه السلم والأمن ، وهو ما يضع حدا لمخاوفه ، ولعسكرة مواطنيه الدائمة  ، وتسليحهم ، وتسلحه الدائم بمختلف أنواع الأسلحة ، وحملهم بذلك  على العيش خلف جدران  وسياجات حديدية شائكة ، ملقيا في روعهم أنهم مستهدفون في حياتهم وسط كيانات عربية مع أن هذه الأخيرة احتضنت من عاش معها من أجدادهم لقرون دون أن يحتاجوا إلى  مثل تلك الأسوار أو الأسلاك شائكة أو  إلى أسلحة تحميهم ممن احتضنوهم بتوجيه من دينهم الإسلامي الحنيف الذي أوصى بهم خيرا، باعتبارهم أهل كتاب ، ورغب أهله في ذلك .

وأخيرا نتمنى أن يوضع حد لهذا الصدام الذي طال  أكثر من اللازم  ، وذهب ضحيته خلق كثير من الفلسطينيين والإسرائليين نتيجة سياسة الغطرسة التي لا يريد قادة الكيان الصهيوني التخلي عنها ، أو الجنوح للسلم مع أهل أرض اغتصبت منهم بالقوة  في فترة احتلالها من طرف الإنجليز .

وسوم: العدد 1053