حسن التعامل مع الناس

الناس في حياتهم يجتهدون من أجل  معرفة واتقان فنون التعامل  في شتى مجالات التخصص ، تجد الكثير  يولع بتحكم فنون التعامل التجاري،  بحسن التعامل مع الزبائن ، وتعلم فنون العرض ، بغرض  لتحسين الأرباح ، وبعضهم الآخر  مولع بفنون إدارة وبتحسن خدامتها   ، ولا أحسب تحصيل هذه المعارف والخبرات لا أهمية لها ، بل أن تحصيلها واجب لتحقيق التكيف الإيجابي الذي يكسب الإنسان إثبات جدارته في الاستفادة من الآخر .

و تظل الحاجة ماسة لنتعلم فنون التعامل  في علاقاتنا الاجتماعية ، فنحسن معاملة الوالدين  ، ونحسن معاملة الأزواج ،  ونحسن معاملة  الجيران ، ونحسن معاملة الفقراء والمساكين   ، إن حسن التعامل يتعدى في غاياته ومراميه من نختلف معهم  في   القناعة والدين والعرق  .

وقد وجدت  في ديننا صور خلق فن التعامل  غاية في الروعة والجمال  وجدتها تبسط جمالها  في الحرب في غير السّلم ، زينته بآداب و شمائل ؛  فحرمت  قتل النساء و الصيبان، كما حرمت  هدم البيوت ، وقطع الشجر المثمر ، وقتل الحيوان ، وأقرت حسن معاملة الأسير ،  وأظهرت احترامها  دور العبادة ، فلا تدنس ولا تهدم .

تلك هي أخلاق من ينتسب لهذا الدين ، لأن ميزان فن التعامل محدد معياره وغايته  ، محددة  أخلاقه  وشمائله .

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: 

(إن من أخيركم أحسنكم خلقا) صحيح البخاري.

من واجب  كل الأفراد في المجتمع أن ينالوا نصيبهم من خلق فن التعامل ، ليكون خلقا عاما  تسعد به الإنسانية جمعاء ،  يشعر فيه الجميع بالأمان  والمحبة ، مصداقا لقوله تعالى :   

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)) المائدة .

إن ميزان التعامل قوامه الاحترام المتبادل ، لا مكان فيه للتعالي ، أو المفاخرة ،  أو الترفع على الخلق بمنصب أو جاه أو مكانة اجتماعية ، لا يفضل فيه رجل بجنسه عن امرأة إلا بفضل التكاليف والرعاية .

يقول تعالى:﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾

علينا أن نحرص على حسن التعامل مع الغير ، لتقوية الأواصر المجتمعية،  بها نعيد الثقة المهزوزة بين مفاصل المجتمع، فنقبل تنوعنا واختلافنا ،   نحرص على تقوية التواصل المجتمعي في إطار مشاريع النفع العام ،  فنبني علاقتنا على الاحترام والتقدير ، مع التركيز على احترام  خصوصيات الغير ، وأن نعامل الناس كما نحب أن يعاملنا الناس ، وهذا هو الميزان الصحيح .

وسوم: العدد 1060