بيان "فتح" نزق وفاحش يتناغم مع السرد الصهيوني

لا أظن أن من كتب بيان حركة فتح ردا على بيان 6 قوى سياسية في الساحة الفلسطينية، كان في وعيه، وأظن أن من كتبه شخص يعاني من اضطراب وسوء تقدير فهو بيان يعبر تماما عن وجهة نظر الاحتلال والأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

بيان فتح، يدين فتح، أمام الشارع الفلسطيني والعربي، فتح الحركة التي قادت النضال الفلسطيني لسنوات، وكانت الحاضنة الأوسع لجماهير الشعب الفلسطيني وحتى العربي، تصدر بيانا بهذه اللهجة الفجة!!.

البيان المضطرب والغاضب والفاحش الذي لا يخدم فلسطين وشعبها جاء ردا على بيان أصدرته حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بالإضافة إلى "الجبهة الشعبية" وحركة "المبادرة الفلسطينية" و"الجبهة الديمقراطية"، والتي اعترضت فيه على قرار تشكيل حكومة جديدة، متهمة السلطة الفلسطينية بـ"التفرد والهيمنة في صنع القرار".

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن "فتح" قولها إن: "من تسبب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة وتسبب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وخصوصا في قطاع غزة، لا يحق له إملاء الأولويات الوطنية".

وتساءل البيان: "هل شاورت حماس القيادة الفلسطينية أو أي طرف وطني فلسطيني عندما اتخذت قرارها القيام بمغامرة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي قادت إلى نكبة أكثر فداحة وقسوة من نكبة عام 1948؟".

وقالت "فتح": "هل شاورت حماس القيادة الفلسطينية وهي تفاوض الآن إسرائيل وتقدم لها التنازلات تلو التنازلات وأن لا هدف لها سوى أن تتلقى قيادتها ضمانات لأمنها الشخصي".

البيان الفتحاوي الذي هو أقرب للردح لقي استهجانا كبيرا على منصات التواصل واعتبره البعض بيانا صهيونيا بامتياز.

ولا يستدعي الأمر التحدث بمثل هذه اللغة في ظل حرب الإبادة التي تشن ضد الشعب الفلسطيني، كما أن توقيت تشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد مصطفى كان خارج السياق الوطني ومنفصل عن الواقع بشكل لا لبس فيه.

وانتقدت فصائل فلسطينية بينها "حماس" تشكيل الحكومة الجديدة قائلة إن هذا "قرار فردي" من شأنه "تعميق الانقسام" في وقت يتطلب توافقا ووحدة.

ووفقا لما نشر حول هذه الحكومة فقد جاءت نتيجة ضغوط أمريكية وعربية وأوروبية.

وذكر رئيس مجلس إدارة المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) هاني المصري، أن هدف الحكومة "الاقتراب من تجريد عباس من صلاحياته وتحويله لرئيس فخري، وتكليف شخصية قوية لديها صلاحيات على غرار ما حدث بين الرئيس الراحل ياسر عرفات وعباس".

وكان واضحا أن تشكيل حكومة كان في غياب توافق وطني عليها، في ظل حرب الإبادة التي يشنها العدو ضد قطاع غزة، وكان الأصل أن تعمل السلطة بكل ثقلها على وقف الحرب وضمان الانسحاب الإسرائيلي من القطاع وعودة النازحين وإيصال المساعدات الغذائية لجميع المناطق في القطاع.

المصري يرى أن "الهدف من كل هذه الشروط تحويل السلطة إلى عميلة وليس فقط متعاونة مع الاحتلال".

وبدا تشكيل الحكومة وبيان "فتح" كأنهما جزء من العبث والفوضى وضياع الرؤية لدى "فتح" والسلطة الفلسطينية، وكان لافتا أن "فتح" تعاملت مع المقاومة من زاوية فصائلية وحزبية ضيقة وليس من زاوية وطنية تقدم مصلحة الشعب الفلسطيني على أي مناكفات ومناكدات، وكان واضحا من خلال الاستفراد بهذا القرار نية تجاوز حركة حماس والمقاومة، وكان يفترض بالسلطة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع القوى الفلسطينية لتحديد أولوية متفق عليها وهي وقف الحرب في غزة ووقف جرائم الاحتلال اليومية في الضفة الغربية.

ونتمنى أن يقوم العقلاء في حركة فتح بالتبرؤ من هذا البيان الذي يتناغم تماما مع السرد الصهيوني ويزيد من الاحتقان والانقسام الفلسطيني ولا يليق بحركة تحرير وطني بحجم "فتح".

وسوم: العدد 1073