الفرعونية من عبرة للعالمين إلى قدوة وعقيدة في الغرب

 مرت بتاريخ البشرية  نماذج لطواغيت أشهرها طغيانا، واستكبارا  في الأرض فرعون موسى الذي وصفت شخصيته رسالة القرآن الكريم الخاتمة المنزلة للعالمين على أشرف المخلوقين عليه الصلاة والسلام  العالمين  ، وكان الغرض من وصفها في آيات تتلى إلى قيام الساعة ، كي تكون عبرة للبشرية حتى لا يتكرر أمثال هذا الطاغية  الجبار الطاغية مرة أخرى إلا كثير من البشر لم يعتبر ، ولا يعير أخباره الواردة  في القرآن الكريم  أدنى أهمية ،  إما غفلة أوجهلا أو استكبارا ، لهذا ظلت نماذج  الطغاة الشبيه به تتكرر إلى يوم الناس هذا .

ومن مواصفات الفرعون كما جاءت في كتاب الله عز وجل ما يلي :

1 ـ  كفره بالله تعالى وإدعاؤه الألوهية : (( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي  يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين )) .

2ـ استعلاؤه على قومه ومفاخرته بملكه : (( ونادى فرعون في قومه يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون )). (( وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين ))  

3 ـ تضليل قومه واستخفافه بهم  : (( وأضل فرعون قومه وما هدى ))   (( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين )) .

4 ـ استبداده : ((  قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى  وما أهديكم إلا سبيل الرشاد  )).

5 ـ ضلاله  : (( فاتبعوا أمر فرعون  وما أمر فرعون برشيد )) .

6 ـ إصراره على فساد اعتقاده : ((  وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني  أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد )) .

7 ـ  علوه وإفساده في الأرض :(( إن فرعون علا في الأرض  وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين)).

8 ـ  تماديه في الضلال  بالرغم من نزول العقاب به وبقومه: ((  ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون )) .

9 ـ تهديده بتصفية من يخالف ضلاله : (( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر  في الأرض الفساد )).(( قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنّك من المسجونين ))

10 ـ عد وانه  على المستضعفين : (( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا )) .

11 ـ بذخه وإسرافه  وفساده هو وبطانته : ((  وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ))، (( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا في فاكهين ))، (( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة )) ، (( وقارون وفرعون وهامان جاءهم موسى بالبيّنات فاستكبروا في الأرض  وما كانوا سابقين ))

12 ـ  ضعفه وهوانه لحظة احتضاره : (( حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أن لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن  وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية  وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )) .

ومعلوم أن الله عز وجل لم يجعله عبرة لمن خلفه من البشر إلا  لتحذيرهم من الحذو حذوه في  كفره ، و ضلاله ، و جهله ، وعلوه ، و طغيانه ، و استبداده ، وعدوانه ،وظلمه ، وفساده ، وإسرافه ، كل هذه الصفات التي تدل على جبروته، كانت  تخفي وراءها شخصية  ضعيفة هينة لما حلت لحظة هلاكها .

ولقد ذكر القدماء بعض صفاته الخًلقية التي تعكس تناقضا صارخا بين ظاهر طغيانه ،و خفي  ضعفه هوانه ،وكانت العيون تقتحمه و تزدريه  إذ كان قصير القامة ، أحمر اللون ، أصلع  الرأس، أخنس الأنف، أي أنفه مرتفعة أرنبته ، أثرم  إحدى  الثنايا، أي مكسورة أو منزوعة ، فبهذه الصفات  الخًلقية  اجتمعت  فيه عيوب، ولدت لديه عقدة الشعور بالنقص،  فحاول تخطيها بأقصى درجات الطغيان .

ولما كانت العبرة بعموم لفظ كلام الله عز وجل ، لا بخصوص أسباب نزوله ، فإن ما قصه علينا سبحانه من صفات فرعون ، تكرر عبر التاريخ عند غيره من الطغاة ، وسيتكرر إلى قيام الساعة ، ولكن كثيرا من الناس  في كل العصور التي تلت هلاك فرعون لم تتعظ . ولقد اطلع العالم  اليوم  كله على جسده المحنط ، ولكن ما أكثر الطغاة الذين يحيون طغيانه ، ويجعلون من الفرعونية عقيدتهم . ولو عرضنا طغاة هذا الزمان على الصفات التي وصف بها الله عز وجل فرعون وبطانته لوجدناها  تنطبق على أكثرهم ، خصوصا في العالم الغربي المتشدق حكامه بالوصاية على القيم الإنسانية في العالم ، وبرعاية الأمن والسلام فيه ، وبسيادة القانون والعدل ، وبحقوق الإنسان ، وبالحريات .... إلى غير ذلك مما يتبجحون به وواقع  الحال يكذبهم ، ولسان حالهم المضلل لشعوب العالم مقولة فرعون : " ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا  سبيل الرشاد " . وطغاة العالم الغربي  اليوم لكل منهم هامانه وقارونه ،وكلهم من اللوبي الصهيوني الذي ينفق الأموال الطائلة لتكريس طغيانهم وفسادهم في الأرض .

ولقد سقط آخر قناع من أقنعة تورطهم في الطغيان والفساد بعد السابع من أكتوبر، وكلهم يتحملون مسؤولية إبادة الشعب الفلسطيني على طريقة فرعون موسى .

أما أذنابهم في ما يسمى بالعالم الثالث ، فإنهم يتخذونهم إسوة وقدوة ، وهم يطبقون تعليماتهم  وإملاءاتهم حرفيا ، ومن يزغ منهم عنها تطوى صفحته إلى الأبد ، ويمضي كأن لم يك من قبل طاغية وفق مقاس وضعوه له  وأطاعهم  فيه. ولا يختلف هؤلاء الأذناب عن طغاة الغرب ثراء ، وطغيانا ، وفسادا ... وسوء خلقة وخلقا ، وكل ما كان عليه فرعون معلمهم الأول  الذي علمهم الطغيان، وواضع العقيدة الفرعونية السائدة اليوم وبامتياز في هذا العالم البائسة شعوبه المستضعفة .

وإلى أن يحين زوال هذه الفرعونية المنتنة  بقضاء يقضيه الله عز وجل ، نقول للشعوب المستضعفة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني حسبك الله ونعم الوكيل في طغاة فراعنة  يسومونك سوء العذاب ،ويبيدونك إبادة جماعية، وقد تورطوا فيها جميعهم بلا استثناء  بالفيتو الجائر  ، و بتزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة الفتاكة ، وبتجويع أهلك في غزة ، وبقنصهم إذا ما حاولوا التقاط ما يلقى إليهم جوا من فتات ،لا يسد رمق صغار يموتون جوعا وعطشا بين أهليهم ، ويموت آباؤهم وأمهاتهم كمدا عليهم، قبل موتهم جوعا وعطشا أيضا.

وسوم: العدد 1073