الرسالة المثيرة للجدل.. بين سفيرهم السابق روبرت فورد.. ورئيسنا القائم بالأمر أحمد الشرع.. هكذا هي اللعبة السياسية، فلنكن أكثر حصافة

ولكي أفهم أكثر كان عليّ أن أبحث أكثر. لا أدعونا إلى تسليم قيادنا، بل أدعونا أن نكون أكثر حصافة. في ميراثنا الشعبي: حرّص ولا تخوّن. في ميراثنا الأدبي: لكل حديث يا بثين جواب. في واقعنا السياسي:

إن لم يكن إلا الأسنة مركب..

فما حيلة المضطر إلا ركوبها.

وكنت أتمنى أن الرئيس الشهيد محمد مرسي لعبها صحيحة، واستمر. ولقد أطربني يوم وقف ينادي: لبيك ياسورية، وأضناني!! وقلت ليته لم يفعل. وأنشدته في خلوتي من حيث لا يسمعني:

جُبلت على كدر وأنت تريدها.. صفوا من الأقذاء والأكدار..

ومكلف الأيام ضد طباعهــــــــــا.. متلمس في الماء جذوة نـــــــــار..

أيها القائم فينا امض بنا برفق، واتق الله.. ولا خير فينا إن لم نقلها عند عقبة ومنعرج.

وقاية الله أغنت عن مضاعفــــــــــــــة

من الدروع وعن عال من الأطم..

أيها الناس قد عُلمتم فتعلموا، ولا تتعجلوا فتندموا.. !!

أعود إلى أصل الرواية..

"مجلس بالتيمور للعلاقات الخارجية"

منظمة أمريكية غير ربحية. تأسست عام 1980. في مدينة "بالتيمور" مدينة ساحلية في ولاية ماريلاند الأمريكية. هدفها تعزيز الوعي بين المواطنين الأمريكيين، وتثقيفهم بالشؤون الدولية -شي بشهي-

ومجلس بالتيمور مؤسسة أمريكية همه تعريف المواطنين الأمريكيين بما يدور حولهم. فينظم ندوات ومحاضرات وفعاليات تعالج الشؤون الدولية الكبرى، ويستضيف المجلس نخبا سياسية من صناع القرار السابقين واللاحقين حول العالم.

ومع أن هذه النخب لا تكون منبتة عن جذورها أو عن أطرها أو عن خلفياتها..

وأعيد الآن توصيف المشهد على ضوء ما سبق:

سفير أمريكي سابق مقال أو مستقيل احتجاجا على سياسات أوباما الديمقراطي الذي استثمر عميقا في الإيرانيين على حساب الدم السوري.. والدم الفلسطيني أيضا

تتاح له فرصة ليتحدث عن الملف السوري محاولا استرجاع دور له خلا، فيكبر الصغير ويعزز الضعيف..يفعل ذلك وهو في 1 / 5/ 2025 وعنده إحاطة أن الرئيس الجمهوري ستكون له زيارة للمنطقة العربية، وسيقدم تقدمة تجاه سورية، فيرغب أن يبردغ قرار ترامب ويحسنه ويجمله..يسمى ذلك في علم التكتيك العسكري أو السياسي "قصف التمهيد"

فيرسل رسائله عبر منبر بالتيمور:

الأولى للرئيس ترمب أو لوزير خارجيته: أنا هناك كنت وأنا اليوم هنا، بانتظار إشارتكم سيدي.. وهل من عيب على سفير سابق لو بحث عن دور!! أيَّ نهر تعبرونا؟؟

ثم يرسل رسالة للجمهور الأمريكي عبر الحضور: لا تقلقوا من التوصيفات السابقة التي كنا نبالغ بها قليلا.. فنحن كنا هناك نرعى التحول الذي نحن عليه وكلاء، وبه كفلاء؛ كذا يدعي وكذا يقول: رجل يتحدث عن دور فيبالغ، وفي الرواية في كتب الرواية عن سيدنا سليمان؛ أنه سمع عصفور يناغي عصفورة فيقول لها: لولا أنا لضاع ملك سليمان، فتبسم سليمان ضاحكا من قوله وقال له: عيد وزيد…

ويرسل فورد رسالة ثالثة إلى بطانتهم الأمريكية في سورية، البطانة متعددة التلاوين: نحن ما زلنا هناك فاطمئنوا.. واللعبة تلعب بشروطنا..وتحت إشرافنا فلا تضطربوا..

ويرسل رسالة رابعة لي ولكم: احذروا فنحن فبالمرصاد..!! ونجيب ونحن نريد في سلتنا قليلا من الهواء والماء والعنب وكثيرا من العدل نريده لنا وللسوريين على السواء. وأقولها له ولنا وللعالمين، كل قيمة يمكن الحيف في قسمتها إلا العدل. متى حفت فيه قتلته…

ويرسل رسالة للإدارة السورية الجديدة: صورة لأمريكي مقطب الجبين منفرج الأسارير.. هذه الصورة ركبها بشار بن برد منذ أكثر من ألف عام: زرق العيون عليها أوجه سود. فتصور..

كنا يوم كنا في حلب إذا تحدثنا عن براعة الرجل نصفه بالقول: فلان بيسبح في المازوت…

وأعود لأؤكد على ضرورة أن نعلم، وضرورة أن نتأمل.. وضرورة أن نفكر.. وضرورة أن نحضر.. وضرورة أن يكون لنا مجلس مثل مجلس بالتيمور لا يخاطب غرائزنا.. ولا عواطفنا.. ولكن يخاطب عقولنا..

وأخاطب السيد أحمد الشرع رئيس الجمهورية: كبروا جمهوركم، وجمهوركم جمهور ثائر عظيم، بمزيد من المصارحة والمقاربة والمشاورة.. وبكثير من مثل مجلس بالتيمور يقرب البعيد، ويمهد للغريب..

تحدث السيد فورد عن سورية ورئيسها والدور الأمريكي فيما زعم أنه جرى على أرضها.. في 1/ 5/ 2025 وفي 14/ 5/ 2025

كان الرئيس ترامب يستقبل الرئيس الشرع أمام أعين الأمريكيين..

بعين مفتوحة وعلى طريقة المتحدثين على منبر بالتيمور أحاول أن أقرأ لكم..

نتأمل ونحذر ولا نخاف ولا نحزن..وكنت قد حدثتكم عن إرث كوهين.. وربما يكون لي عود.. حتى لا نتوه ولا نتيه.. تهنا بين تاه يتوه وتاه يتيه...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1126