صبرك قاتلهم أسماء

صبرك قاتلهم أسماء

عزة مختار

[email protected]

لم يكن له عدو مثل أباها وصاحبه ، يقترب الشيطان من الباب في زينته ، وملكه ، وحاشيته ، ينتفخ بنار الحقد والكراهية ، وسنوات غضب مخبأة في رأس طاغية يحارب فكرة ربانية أتت لتنزع الملك الزائف عنه ، وتحرر عقولا تربت في أحضان العبودية حتى حسبت أن الأرض إنما هي هكذا ، انحناء للظهور وللعقول وللقلوب . يغتصب ملكا ليس من حقه ، ويخون الأمانة ويضيعها ، وينتهك الحرمات ، يقترب من الباب ويقرعه بشدة ، تخرج " أسماء " لتفتح الباب فيلطمها المجرم بشدة علي وجهها فيقع القرط ، وتنزف أطهر الدماء كي تبوح أسماء بمكان والدها الصديق وحبيبه محمد صلي الله عليه وسلم ، فلا تبوح . وتصمد " أسماء ".

صمودا يخجل الطاغية ، يراجع نفسه ، يغض طرفه ثم ينظر حوله ، هل رآه من أحد ؟ إنها فتاة ، مجرد فتاة سلمية، لم ترفع سلاحا ولا تملكه ، وليست في مثل قوته كي يواجهها قوة بقوة ورجلا برجل ، ، تتملكه نار الندم ، ونار العار ، لقد امتدت يده علي فتاة ، علي امرأة ، ينظر لمن حوله خائفا ، تائها ، أكتموا عني عاري ، ستعيرني العرب ،هكذا كان أبو جهل في العصر الجاهلي في ليلة الهجرة " خاف أن تعيره العرب بضربه فتاة وتعديه علي حرمة بيت غاب الرجل عنه " ... والآن في القرن الحادي والعشرين ، عصر الحريات ، الفضائيات ، غزو القمر والكواكب ، عصر التقدم والازدهار والعلم والسرعة هالة ، حبيبة ، أسماء ، وغيرهن شهيدات الحرية في مصر العظيمة ، مصر الحضارة ، مصر التاريخ ، مصر الشهامة ، مصر الرجولة . مصر العظيمة ، وجيشها العظيم ، تمتد يد الجندي المنوط به حماية الحمي ، وحراسة البنات فضلا عن الرجال والشباب . كيف استطاعت يدك أيها الجندي العظيم أن تضغط زنادا وتضرب فتاة ، مجرد فتاة . أبو جهل كان كافرا ، وكان يطارد النبي وصاحبه ، ثم خاف أن تعيره العرب أن امتدت يده لتصفع فتاة ويدخل بيتا ليس فيه رجل . وأنت ............. أنت أيها الجندي المصري ... المسلم .... ألم تخشي أحد ؟ لم تخشي الله ؟ ماذا قالوا لك وأنت تقتل فتاة تحمل في يدها علم مصر أو صورة رئيس اختارته بإرادتها الحرة وأقسمتم علي طاعته ؟ قتلت الفتاة ، قتلت الشريفات العفيفات الراكعات الساجدات ، قتلت البريئات ، ألم تنظر في عينيها ؟ ماذا قالت لك ؟ ألم تسمع أناتها ؟ ماذا كانت تقول غير : يارب ؟ لم تراجع نفسك ؟ لا لم تفعل وإلا لما عدت لتفعل ما هو أبشع من القتل ، إجراما . أن تمتد يدك لتنتهك حرمة البيوت الآمنة ، وحرمة النساء ، نفس النساء البريئات .

أيها الجندي المنوط بك حماية الأعراض ، والشرف ، والعرض ، والأرض ، والبيت ، خنت الأمانة ، وخنت الرجولة . لم تقرع بيتا مثلما فعل أبو جهل ، وإنما كسرته كسرا وهتكت ستر الحرائر في فعل يخدش رجولتك إن قد تبقي لك منها شيء لتقتاد أشرف النساء خلف قضبان صنعها من تعبده ، نعم من تعبده من دون الله ، ذلك الذي تطيعه في معصية رب العالمين . تضع القيد في يد أشرف النساء في زمن تتباهون أنه زمن الحريات وما هو بذلك . عدتم بنا لما قبل أبو جهل ، وليتم فعلتم كفعل أبي جهل .

تخطت أفعالكم كل حدود العقل والمنطق والعداء ، وقد كنا نحسبكم أهل الحمي انتم اللصوص ، وانتم الخونة ، وانتم القتلة ، وأنتم من انتزعت من صدورهم النخوة والرجولة لم يفعلها أسلافكم علي إجرامهم ، ولم يفعلها غيركن علي صهيونيته ، بل كنتم في كل جريمة سباقون علي غير مثال . أبشركم أيها المجرمون كما أن جريمة صفع أسماء لم تمر علي أبي جهل ، فإن جريمة تطاولكم علي الحرائر لن تمر . ستدفعون الثمن غاليا ، سيتمزق ملككم ، وستتحطم أحلامكم علي صخرة الصمود والإباء والرجولة والمروءة في قلب كل أسماء . لن نهزمكم برصاص أو سلاح كما تدعون علينا وانتم أكثر الناس علما بسلميتنا ، ولكن سنهزمكم بصمود النساء وسلمية الرجال وصبر الشباب ، ، وإصرار البنات .

وانت يا جيش مصر ، نعلم أن فيك الكثيرين من الشرفاء ، أنتم منا ونحن منكم ، أنتم لستم جيشا من المرتزقة ،انتم أبنائنا وإخواننا وآبائنا ، أفيقوا يرحمكم الله قبل أن تغرق السفينة بنا جميعا ترضاها لابنتك ؟ ترضاها لأختك ؟ ترضاها لزوجك ؟ وكلهن لك إما أختا أو ابنة أو حتى جارة أو زميلة لابنتك في الجامعة ، منذ متي يا جيش مصر وان تصوب نير غضبك علي شعبك ، منذ متي يا جيش العاشر من رمضان ؟ خذوا علي يد الظالم قبل أن يطالكم عاره وتوصمون به علي مدي التاريخ كله ، لا تدعونهم ينسون شرف العسكرية المصرية أكثر من ذلك وانتم تقفون مكتوفي الأيدي .

وأنت يا أسماء هذا الزمان ، أثبتي فأنت علي الحق يا أختاه ، أنتي رمز الصمود والإباء ، أنت ضمانة الحق والحرية وسبب حفظ الأرض من الزوال ، اصبري أسماء فإنما النصر صبر ساعة ، اصبري أسماء فإنما صبرك قاتلهم أختاه ..........