ضعف نظام بشار الأسد هو الذي يُخيف أوباما!

ماهر شرف الدين

في العادة تخشى الدولة التي تنوي مهاجمة دولة أخرى من قوة تلك الدولة.

لكننا في حالة الضربة الأميركية المرتقبة للنظام السوري نجد الأمر معكوساً تماماً. فالولايات المتحدة الأميركية تخشى من ضعف نظام الأسد لا من قوّته!

و لكي نفهم ذلك علينا أن نجيب عن السؤال المهم الآتي: ماذا يعني إصرار الرئيس الأميركي على أخذ موافقة الكونغرس؟

لقد اعتبرتْ بعض القراءات السياسية أن إحالة أوباما لمشروع الضربة العسكرية الأميركية لنظام الأسد على الكونغرس دليلاً على “التردُّد”. لكنَّ قراءة متأنّية لما يمكن أن تُرتِّبه هذه الضربة على الولايات المتحدة وحلفائها سيُظهر لنا بأن أوباما ينظر إلى نقطة أبعد من النقطة التي ينظر إليها منتقدوه.

فلو أننا دخلنا إلى عقل الرئيس الأميركي لوجدنا أنه يتصوّر المشهد الآتي: ثمة رجل مريض هو النظام السوري يقف أمامك بوجه أصفر وعيون جاحظة. أنت تريد تأديب هذا الشخص الذي ارتكب الكثير من المخالفات، فتقرّر توجيه صفعة تأديبية له. لكن المشكلة الكبرى هنا أنك لا تعرف تماماً مدى تماسك هذا الرجل الشاحب الذي يمكن للصفعة التأديبية أن تؤدي إلى انهياره وسقوطه أرضاً.

المعادلة ببساطة: أنت تريد تأديب هذا الشخص من دون أن “تبتليَ” به.

ما يفكر به أوباما اليوم هو الآتي: أريد تأديب نظام الأسد من دون “الابتلاء” به. لأن هذا الابتلاء (أي انهيار النظام) سيرغم أميركا على الدفع بقوات برية لاحتلال نقاط استراتيجية ومخازن أسلحة خطرة لا تريد لها أميركا والغرب الوقوع في أيدي الجماعات الإسلامية.

فإذاً، ضعف النظام هو في الحقيقة ما يُربك أوباما وليس قوّته! وبالطبع هذه معادلة غريبة دولياً ولا سابق لها، حيث يصبح ضعف النظام حماية له!

الرئيس الأميركي يريد الذهاب إلى الكونغرس لأنه يعرف بأن الضربة “المحدودة” ربما تؤدي إلى انهيار النظام، وبالتالي سيترتَّب على الولايات المتحدة مسؤوليات عسكرية ربما تؤدي أيضاً إلى تورّطها في البرّ، مع ما يعنيه ذلك من احتمالات حصول خسائر بشرية ومادية في الجيش الأميركي.

إنّ إصرار أوباما على الذهاب إلى الكونغرس كان يجب أن يُخيف نظام الأسد أكثر مما يُطمئنه، لأن الرئيس الأميركي يُعدُّ العدَّة لضربة يعتقد أنها ستؤدي إلى إسقاط النظام.

موقفنا كسوريين

ربما ستكون الجريمة الأخيرة التي سيُسجِّلها التاريخ لنظام الأسد أنه جعلنا كسوريين نتقبَّل فكرة توجيه ضربة عسكرية خارجية.

فقد عُرفتْ عن السوري حساسيته المفرطة تجاه أي تدخّل خصوصاً حين يأتي من جهة الغرب. لقد عارض السوري كل أشكال التدخّل في الشؤون العربية، وقام بعشرات الثورات ضدّ المستعمرين بسبب هذه الحساسية الوطنية الرفيعة.

لكنَّ سوريا اليوم لم تعد دولة، بل مجرّد مستعمرة. المحتلّون كثر. والحديث عن “السيادة الوطنية” ليس هرطقة سياسية فحسب، بل خيانة موصوفة لدماء مئة ألف شهيد. لذلك أقول إنَّ الضمير الوطني الذي جعلنا نرفض التدخّل العسكري بالأمس هو الضمير الوطني ذاته الذي يجعلنا نرضى به اليوم.

ملاحظة إعلامية مهمة

لا زال بعضنا في إعلام الثورة يستخدم مصطلح “الضربة الأميركية لسوريا”… وهذا في علم النفس الإعلامي خطأ قاتل لأنه يزرع في روع الناس فكرة المماهاة بين سوريا والنظام.

“الضربة الأميركية لنظام الأسد” هو التعبير الصحيح والدقيق… لأن سوريا هي نحن وليس هؤلاء القتلة