الأداءُ البَشريُّ المُشتَركُ

حامد بن أحمد الرفاعي

حامد بن أحمد الرفاعي

ما هي معاييرُ وضوابطُ الأداءِ المشتركِ معَ الآخرِ ..؟

هُناكَ -بفهمي-مِعياران رئيسان للسيرِ الحضاريِّ الراشدِ معَ الآخرِ:مِعيارٌ عقديٌّ دينيُّ ومِعيارٌ عِلميٌّ دنيويٌّ..ما يتعلقُ بالمعيارِ العَقديِّ الدينيِّ..فقد حسمَ الإسلامُ أمرَ الجدلِ بشأنِه فقالَ جلَّ شأنُه:"لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِين"فلكل قوم وملة الحق بالاستهداء بقيم دينها في سلوكياتها وأداء مهماتها في الحياة..وعليهم جميعاً البحث عن القيم والسلوكيات المشتركة..وأمَّا ما يتعلقُ بالمعيارِ العلميِّ الدنيويِّ..فقد وضَّحَ اللهُ تعالى بنصوصٍ قُرآنيِّةٍ عَديدةٍ قيمه وقواعده وضوابطه منْها قُولُه تعالى:"قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"وقُولُه سُبحانَه"مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُون"ومنْ جهةٍ أخرى فهُناكَ نوعان من العبادةِ في الإسْلامِ:(عِبادةٌ روحيِّةٌ وعِبادةٌ عِمرانيِّةٌ) فالعبادةُ الروحيِّةُ تُمثِّلُ خُصوصيِّةَ تَعبُدِ الإنسانِ لربِه وفِقَ دينهِ ومُعتقدهِ..وهذا مِمَّا هو موضعُ اختلافٍ وافتراقٍ بينَ أتباعِ الأديانِ..والإسلامُ حسمَ الجدلَ بشأنها بقولِه تعالى:"لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ"ومن ثم التحول بالناس إلى المشرك العمراني والبناء عبر التعاون لقوله تعالى:"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"أما العِبادةُ العِمرانيِّةٌ فهي:الانصياعُ لإرادةِ اللهِ سُبحانَه بالنهوضِ بأمانةِ الاستخّلافِ في الأرضِ وعِمارتِها وفق ما يُحققُ ويحترم ويصون:قدسية حياة الإنسان وحريتهَ كرامته وسلامةِ البيئةِ وعدمِ إفسادِها والإفساد فيها..وهذه العبادةُ هي الميدانُ المشتركُ معَ الآخرِ في الحياةِ الدُنيا لِقولِه تعالى:"لِكُلٍ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون"وهذا يُؤكِدُ أنَّ معيارَ الأداءِ الراشدِ معَ الآخرِ هو التنافسُ والتسابُقُ في عَملِ الخيرِ..منْ أجلِ إقامةِ الحياةِ الكريمةِ للإنسانِ وتحقيق آماله وطموحاته.