الثورة.. والمنعطف ..

الثورة.. والمنعطف ..

عقاب يحيى

ياحمص .. يا قلب الثورة وعاصمتها ..

يا غوطة دمشق وجنتها ..

يا حلب الشهباء وركزتها..

يا درعا الثورة وايقونتها..

يا حماة الفداء وحميتها ..

ويا دير الزور وفروسيتها..

وإدلب الثوار وساحتها..

يا كل سورية وثورتها ..

الثورة في منعطف مهم..وهي مفصلية في مسارها  . تمتاز اليوم بهجوم واسع النطاق من الطغمة على معظم المناطق المحررة، وبكثافة من النيران قوية، وبتدمير عال المستوى، وإمكانات مستوردة ملحوظة.. ببصمة"أحزاب الله" ، وحقد التطهير، ونوعية التدريب والسلحة المتفوقة، بما في ذلك المستوى القتالي المختلف عمّا سبق، وأنواع التكتيك، وقوة النيران والإبادة والتدمير والقتل.. في حين ما زالت قوى الجيش الحر ضعيفة التسليح والذخائر، موزعة في أرجاء متناثرة، وكتائب وألوية ومليشيات متعددة، قليلها يتبع لهيئة الأركان، ولمشروع موحد، وخطط عسكرية مدروسة، بينما ينتفخ أمراء الحرب ثراء، وأعمالاً فردية، وتنتشر فكرة الغنائم وسيلة للاحتفاظ بالقائم،وعدم المشاركة في الجهد القتالي.. ناهيك عن الأثرياء الجدد، ومصاصي الدماء، وتجار الشعارات، والتضحيات.. والبشر..

ـ الشعب يعاني الكثير.. من رغيف الخبز إلى الأمن والأمان، إلى الخوف على الحياة من قنبلة، او برميل، أو راجمة صواريخ، أو ذبح على الهوية، أو عمليات تطهير مذهبي لم تعد تتجلبب بفيض الشعارات المثقوبة، وقد كشفت عن خلفيات صنّاعها، ومشاريعهم الخطيرة ..ومشاركة إيرانية معلنة تجوب حاملة مشروعها القومي ـ المذهبي ..

ـ الثورة تواجه اليوم حصاد الأوضاع الداخلية، والإقليمية، والخارجية ..

وفي حالات كهذه، وعندما يبرز الاختلال الكبير في ميزان القوى، وعندما تحرز الطغمة بعض التقدّمات هنا وهناك.. تكثر اللوات والانتقادات والسلبيات، وتصبح المظاهر الضعيفة والفجوات هي الطاغية، وهي التي يستثمرها نظام خبيث لتصدير اليأس والإحباط.. والانفضاض عن الثورة.. وضرب حواضنها الاجتماعية، خصوصاً وان بعض المجاميع المتشددة التي دخلت بلادنا بطريقة تثير اللبس والاستفهام تقوم، وبعض المسلحين بأعمال تقدّم الأوراق والخدمات للطغمة وحربها الإعلامية، وتزرع الخوف في أوساط شعبية مختلفة هي بالأصل مؤيدة للثورة، أو قريبة منها ..

ـ في هذه الوضعية، وقد أشبعنا الدنيا ندباً، واستغاثات، ولوماً للآخر الذي يستبيح دمنا، وتدمير بلادنا دون أن يقدّم سوى الوعود المثقلة بالاشتراطات المتناوبة، لا تملك الثورة سوى الاعتماد على شعبها وقدراتها، وعلى المخلصين من الأشقاء والأصدقاء.. وعبر تقويم أوضاعها، وترميم الفجوات، وتوحيد القوى والعمل العسكري وإخضاعه لقيادة واحدة تمثلها اليوم هيئة الأركان التي تحتاج المزيد من الدعم، والمزيد من الانفتاح على جميع الضباط والعسكريين المنشقين.. المهمّش كثيرهم، والبعيد عن المشاركة.. لبناء الجيش الجديد مؤسسة وطنية .. بكل ما للجيوش من نظم وتقاليد وقواعد وخطط، وإتباعه للقيادة السياسية، وليس العكس .

ـ في هذه الوضعية الصعبة.. فإن الإيمان بالثورة ومبادئها وأهدافها، وحقيقتها، والصبر والتحمل، والتمسك بالأمل المشفوع بالعمل.. العمل الذي يجعل كل منتم للثورة يقوم بما يقدر عليه في جميع المجالات الممكنة.. إنما يمثل الردّ الواجب، والدور المناط بكل الثوار وأنصار الثورة في الداخل والخارج .

ـ وفي مثل هذه الوضعية المفصل..حرّي بنا أن نفهم ونعي طبيعة اللوحة الدولية . مصالح ومشاريع ومستندات الدول الصديقة منها وتلك التي تدعم الطغمة.. كي يكون تعاملنا مبنياً على الوقائع والحقائق وليس على الرغبات والأوهام والشتائم والبكائيات، واليتم.. وغير ذلك من مواقف هروبية .

ـ وفي مثل هذه الأوضاع المنعطف.. قمين بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، طالما أنه ما يزال يافطة الممثل الشرعي للشعب السوري، وطالما أنه لا يوجد بديل آخر، أن يرتقي واقعياً إلى المطلوب، وأن يبتعد عن الحرتقات والجزئيات، والحروب الهامشية ويلتفت إلى المهم من المهام والتفعيل والعمل والارتباط بالداخل.. ووضع برنامج لعمله وحركته .. بما في ذلك العلاقة مع الجيش الحر وتجسيدها، والنهوض بالأعباء المناطة به في نكبة شعبنا المفتوحة.. وفي العلاقات الدولية، ومشروع جنيف 2، وموقفه الواضح من الحلول السياسية، وخريطة الطريق التي يتبناها للتعامل وفقها، والرؤية السياسية، والمرحلة الانتقالية لحالة التفاوض، أو لبدائلها.. ووعي قوانين العلاقات الدولية وموقع المصالح المشتركة فيها، وحدودها ، وعلاقتها بالقرار الوطني وحيثيات صيانته، وتجسيده، والوحدة الوطنية وحمايتها من مخاطر جدّية تقرع اليوم العقول والوقائع، وتهدد بالتفتيت، والتقسيم.. والمطحنة ..

وإلا فليس من العيب أن يعلن عجزه، وأن يضع مصيره بين أيدي الشعب.. ليقرر ما يراه مناسباً..