عناصر نجاح الحزب السياسي

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

احب أن اذكُرَ أن الاشتغال بالامور الحزبية يجب أن لا يتعارض مع الثورة ويجب أن لايعيقها، فالثورة هي الاصل ودعمها أولُ الاولويات، ولكن في أثناء إنجاز الثورة وتحقيق النصر يمكن أن ينفر نفرٌ من المختصين ليبحثوا شأنا مستقبلياً أو ليرسموا ملامحاً لليوم التالي...

كيف تختار حزبك السياسي:

الحزب السياسي ليس مطعما تملّ منه أو مدرسة تتخرج منها، أو دواءً تنتهي صلاحيته مع الوقت، إنه الوعاء السياسي الذي تحتاجه للدفاع عن حقوقك ويحتاجك ليكون صوتك في البرلمان، إنه المحامي الذي تأتمنه على قضاياك فيسهر عليها وأنت نائم، إنه عصبتك و(ربعك) وسندك الذي إن أهملته أهملك وضاع صوتك، إنه الحصان الذي تعبر به المخاطر فلا تغيره في وسط المعركة، بل تتمسك به حتى تضع الحرب أوزارها.

الحالة الصحية أن تكون الاحزاب في البلد معدودة على الاصابع، يجمع بينها أنها كلها وطنية، ديمقراطية، دستورية، تهدف إلى الحرية والعدالة والمساواة، وتحترم المعاهدات والمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الانسان، وتحترم وتستقي من أديان وحضارة وتراث الوطن،

وتختلف في هويتها وبرنامجها الحزبية بين اليمين واليسار، بين المحافظة والليبرالية، بين الرأسمالية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية، بين سوق القطاع العام وسوق القطاع الخاص... كما تفترق في أولوياتها بين الاقتصاد والتنمية والتعليم والبحث العلمي والخدمات والبنية التحتية والدفاع والتسليح وزيادة الانتاج ورعاية الفنون، والاهتمام بالاخلاق والصلاح أو بالترفيه والسياحة...

سورية عاشت نصف القرن الماضي محلولة الاحزاب، مشلولة الحياة السياسية، لذا فنحن مقدمون على تجربة جديدة نسبياً على معظم السوريين وخاصة الشباب منهم، وهم يحتاجون إلى نوع توجيه حتى لا يُضيعوا وقتهم وجهودهم في الحيرة والتنقل من حزب لآخر، وهذه بعض الملاحظات التي قد تنفع في هذا الامر.

صفات الحزب الذي يناسبك الانتماء له:

طبعاً لابد أن يكون متصفاً حتماً بالصفات الاساسية التي لا بد منها لكل حزب والتي ذكرناها سابقاً. وبعد ذلك أن يكون:

1-    حزباً قوياً له شعبية كبيرة فالحزب الصغير الضعيف لن يحقق أهدافك ولو كان جميلا على الورق...

2-    يتوافق مع ميولك يميناً ويساراً أو ليبرالية ومحافظة...

3-    له أولويات قريبة من أولوياتك: الاقتصاد... الاخلاق... الدفاع... الانتاج... التعليم...

4-    يقوم عليه سياسيون ذوو خبرة يتصفون بالقوة والامانة، فان خير من استأجرت القوي الامين. والقوة تكون علماً وخبرة وشخصية... والامانة تكون صلاحاً ونزاهة وعدالة وبعداً عن الاستبداد والفساد...

عندما تنتسب لهذا الحزب، ما هو المطلوب منك؟

1-    أن تلتزم بمبادئ الحزب وسياساته ولوائحه.

2-    أن تكون موالياً للحزب متعصباً له في الحق، وأن تنصره ظالماً أو مظلوماً ونصره ظالماً تسديده وتقويمه... فتصبر عليه ولاتمل من طول الطريقوبطء التقدم، فقد تُراوح الاحزاب مكانها سنيناً وتصل  في أيام إلى السدة.

3-    كن جاهزاً دائماً للمساهمة باخلاص في مواسم الانتخابات والاستفتاءات والحراك الشعبي فان وقتها قصير ونتائجها طويلة وهي تستأهل النشاط والاستنفار...

4-    ساهم دائماً في زيادة الاعضاء أو الناخبين أو الانصار، فنجاح الحزب نجاح لما تتبناه من خير لوطنك...

5-    رسّخ الممارسات الديمقراطية في مؤسسات الحزب، وابتعد عن العصبية والمحاصصة وقدم الاصلح والاقدر، فنجاح الحزب من نجاحك ولو لم تكن أنت في المقدمة...

6-    تبرع لحزبك وحث الآخرين على التبرع له بالمال والوقت والخبرة.

7-    إعلم أن أهم فرق عملي بين الاحزاب سيكون حسن سيرة الاعضاء وخدماتهم للوطن، وقدرتهم على كسب ثقة الناس ومحبتهم.

واستطراداً حول هذا الموضوع فقد جرى بيني وبين الاستاذ منصور الاتاسي من هيئة الشيوعيين السوريين حوار بالايملات، ...  فقد أرسل لي الاستاذ منصور بياناً من الهيئة ورد فيه تعبير (اليسار الماركسي) فأرسلت إليه قائلا:

شكرا لكم، تقرير جيد وموضوعي عموماً، ورد فيه تعبير:  (اليسار الماركسي)

وباعتبار أن الظروف تتغير والايديولوجيات تتم مراجعتها، فارجو موافاتي بشرح لمعنى وأبعاد تعبير (اليسار الماركسي) من فضلكم، مع أطيب التمنيات

فأجابني، وهذا جزء من جوابه:

(تحيه طيبه وشكراً لسؤالك، 

اليسار الماركسي يهدف إلى تحقيق العداله الاجتماعيه، ينطلق من قوانين تعمل في الميدان الاجتماعي ويعتبر أن الفكر يتطور مع تتطور مجمل العلوم وهو ليس اديولوجيا جامده ..

مثلا نحن حذفنا مفهوم دكتاتورية البروليتاريا وانتقلنا نهائيا إلى الديمقراطيه...).

فاجبته: كلام جميل، يبدو أن معظم الوطنيين مع الوقت يقتربون من بعضهم يسارا ويمينا وتجمعهم مظلة المدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

واعتقد أن الفوارق الحقيقية للاحزاب لن تكون بالمنطلقات النظرية الايديولوجية التي أصبحت متقاربة ومتشابهة، بل ستكون "عملية" أي بالصدق والنزاهة والشفافية والخدمات والتطبيق...

ونحن بانتظار أحزاب سورية المستقبل التي سيؤسسها الاقوياء الامناء.