وما زلنا في جنيف .......

عقاب يحيى

وما زلنا في " جنيف" بين شدّ وجذب. بين متفائل ومتشائل.. وما زال الإبهام سيّد اللوحة.

ـ الإبهام يتمحور حول فكرة : موقع المجرم ـ رأس النظام ـ من أي مبادرة، أو حل سياسي. الأمريكيون، ومعهم عديدي الأوربيين، وتركيا، ومعظم الدول العربية الداعمة للثورة تقول صراحة : الأسد لن يكون جزءاً من الحل.. وقد حفظنا هذه المقولة عن ظهر قلب.. لكن الأسئلة الثقيلة تزاحم بعضها

ـ من الذي سيفرض على المجرم التنحيه ؟؟.. وكيف يكون شكل التنحي : بالخروج نهائياً من البلد هو و"من تلوثت أيديهم بالدماء"؟.. بالبقاء في البلد مع تفويض صلاحياته الرئاسية والتشريعية لنائبه، أو لرئيس حكومته ؟؟...أم بوعود أن ذلك سيحدث خلال زمن منظور..؟.. أشهراً مثلاً؟، وهناك من يمدّها غلى العام القادم ؟؟...

ـ بمعنى واضح : هل يمكن بدء مفاوضات " غير مشروطة" مسبقاً؟.. أي القبول بوعود بعض الدول بأن تنحية رأس النظام ستتم تباعاً؟، او عبر تشكيل حكومة مطلقة الصلاحيات من المعارضة وشخصيات من النظام ليست متهمة بالقتل ؟؟....

ـ هل ستكون الوعود بمثابة جزرة لجر وجرجرة المعارضة إلى مفاوضات قد نعرف بدايتها لكن لا أحد يعرف متى وكيف ستنتهي ؟؟..

ـ ربما يكون الحضور مفيداً من منطلق مشاركة المعارضة في الجهد الدولي المتعلق ببلادنا، والحضور هنا لا يعني بالقطع الحوار واللقاء والمفاوضات مع مندوبي النظام.. لكن، والأسئلة تتزاحم، أيضاً، من هو وفد المعارضة؟. من الذي سيسميه؟، وكم عدده؟، ومن يمثل؟..

ـ الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، واستناداً إلى اعتراف نحو /130/ دولة به يعتبر نفسه الجهة الوحيدة المخولة بتسمية الوفد.. لكن هنا تُطرح أسئلة : من سيخوله بذلك؟.. وهل سيعتمد إشراك الآخرين من اتجاهات معارضة خارجه؟، وبهذه الحالة يُفترض به أن يقوم بحوارات معمقة معها للتوافق على المشتركات كي لا يبدو وفد المعارضة مشرذماً، متصارعاً، ومُبهدلاً .. وفي حالة عدم التوصل للتوافق، خاصة حول موقع رأس النظام.. فماذا تكون النتيجة؟.. هل يكون وفد المعارضة وفوداً تتصارع هناك فتعطي النظام أوراقاً جديدة.. كي يؤكد على ضعف وتمزق المعارضة ؟؟؟..

ـ وعلى فرض أن الأمم المتحدة ـ عبر مندوبها ـ هي التي ستسمي وفد المعارضة..فتأخذ عينات من هيئة التنسيق والإئتلاف، وربما من خارجهما أيضاً.. كيف سيكون الوضع وكل يغني على ليلى مواقفه المختلفة ؟؟..

ـ نعم يحتاج السياسي إلى وقفة تعمق، ومتابعة في كل المعطيات والاحتمالات، ودراسة أمر جنيف بروح المسؤولية المنطلقة من مصلحة الثورة اساساً وسبل تغيير ميزان القوى على الأرض، ومن وعي اللوحة الدولية وتأثيراتها، وموقعنا فيها، واحتمالات المراهنة على وعود، او ضمانات دولية مصرة على فرض الحلول السياسية ..

ـ في كل الحالات سيبقى للعامل الذاتي دوره الحاسم. والعامل الذاتي هنا مجموعة مكوناته على الأرض، وفي الهيئات القائمة، ومجموعة المهام التي يجب النهوض بها، ومستوى وعي، وإدراك المسؤولية في القيادات السياسية، ومدى تحسسها للمخاطر الحقيقية المحيقة ببلدنا من حيث واقعيتها واحتمالات تجسيدها، وبالأساس من كل ذلك مدى معرفة القيادات السياسية للواقع على الأرض، وارتباطها وعلاقتها به ..