الأدوار الاجتماعية للشركات في المجتمع

د. هايل عبد المولى طشطوش

د. هايل عبد المولى طشطوش

[email protected]

أن المسئولية الاجتماعية تعد حجر الزاوية، وأداة مهمة للتخفيف من سيطرة العولمة وجموحها، حيث يمثل القطاع الخاص والشركات الجزء الأكبر والأساسي في النظام الاقتصادي الوطني، وعليه أصبح الاهتمام بالمسئولية الاجتماعية مطلبًا أساسيًّا من اجل ما يلي:

1.  للحد من الفقر من خلال التزام المؤسسات الاقتصادية بتوفير البيئة المناسبة للعمل والانتاج.

2.  عدم تبديد الموارد واستزاف الطاقات.

3.  القيام بعمليات التوظيف والتدريب ورفع القدرات البشرية.

4.  تمكين المرأة ورفع قدراتها ومهاراتها بما يؤهلها للمشاركة في عملية التنمية المستدامة.

5.  مساندة الفئات الأكثر احتياجًا.

6.  المساهمة في التخفيف من البطالة .

إن نجاح قيام الشركات بدورها في المسئولية الاجتماعية يعتمد أساسا على التزامها بالمعايير الثلاثة المشار إليها أنفا.

وفي الدول العربية يكتسب الدور الاجتماعي للشركات في الدول العربية أهمية متزايدة بعد تخلي عديد من الحكومات عن كثير من أدوارها الاقتصادية والخدمية التي صحبتها بطبيعة الحال برامج اجتماعية كان ينظر إليها على أنها أمر طبيعي ومتوقع في ظل انتفاء الهدف الربحي للمؤسسات الاقتصادية التي تديرها الحكومات، وإن كانت في كثير من الأحيان تحقق إيرادات وأرباحا طائلة.وكان متوقعا مع تحول هذه المؤسسات إلى الملكية الخاصة وإعادة تنظيمها وإدارتها على هذا الأساس أن يتوقف دورها الاجتماعي، ولكن التطبيق العملي لتجارب الخصخصة أظهر أن الدور الاجتماعي والالتزام الأخلاقي للشركات هو أيضا استثمار يعود عليها بزيادة الربح والإنتاج وتقليل النزاعات والاختلافات بين الإدارة وبين العاملين فيها والمجتمعات التي تتعامل معها، ويزيد أيضا انتماء العاملين والمستفيدين إلى هذه الشركات، وأظهر أيضا أن كثيرا من قادة وأصحاب الشركات يرغبون في المشاركة الاجتماعية، وينظرون إلى العملية الاقتصادية على أنها نشاط اجتماعي ووطني وإنساني يهدف فيما يهدف إليه إلى التنمية والمشاركة في العمل العام، وليس عمليات معزولة عن أهداف المجتمعات والدول وتطلعاتها.وقد ترتب على ذلك تطورا في شكل العلاقة بين الحكومة والقطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني في عديد من الدول العربية، شأنها في ذلك شأن عدد كثير من الدول النامية؛حيث حل القطاع الخاص تدريجيا محل القطاع العام الذي تقلص دوره في النشاط الاقتصادي وفي توفير فرص العمل، بينما تركز اهتمام الحكومة حول السعي نحو تهيئة المناخ الملائم لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، كما زادت أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي الرقابة على كل من الحكومة والقطاع الخاص. وقد اهتمت الشركات المحلية—أسوة بالشركات العالمية—بتقييم الآثار المترتبة على نشاطها على العاملين بها ومستوى رفاهيتهم، وعلى المجتمع المحلي والبيئة المحيطة بها، ثم على المجتمع ككل، اقتناعا منها بأهمية ذلك ومردوده على نشاطها واستثماراتها وأرباحها ونموها واستدامتها([1]).

المنظور المعاصر للمسؤولية الاجتماعية للشركة([2]):

يمكن تقسيم مسؤولية الشركة الاجتماعية وأدوارها إلى الأقسام والأجزاء التالية:

أولا: المسؤولية الاجتماعية تجاه المالكين(ملاك الأسهم): حملة الأسهم هم الملاك الحقيقيون للشركة، فيجب أن تتعهد المنظمات بالإدارة الجيدة لأموالهم، و لهم الحق في معرفة الكيفية التي تدار بها أموالهم، وخاصة ان منظمات الأعمال هي المسؤولة عن على ذلك ، ويتوجب أيضا على المنظمات أن توفر لهم قدرا من عوائد استثماراتها والتي يجب أن تستخدم على النحو الأمثل.

ثانيا: المسؤولية الاجتماعية للشركة تجاه الكوادر البشرية العاملة فيها:

تتضمن مسؤولية الشركات الاجتماعية القيام بالكثير من الواجبات تجاه العاملين بها على اعتبار أن الموارد البشرية ورأس المال البشري هو أساس العمل والإنتاج والتقدم  ومن ابرز هذه المسؤوليات :

§   الاهتمام بتدريب العاملين ورفع قدراتهم وتزويدهم بالمهارات والمعارف وكل ما يستجد من علوم وتطورات.

§   إعطاء الحق للعامل في المشاركة في اتخاذ القرارات .

§    توقير الضمان الاجتماعي له وخاصة عند العجز أو البطالة وفي ظل الأزمات،  وضمان الحياة الكريمة للعاملين من خلال نظام التكافل الاجتماعي.

§   تقوية الروابط الاجتماعية بين العاملين وإقامة الحق والعدل بين العمال، ذلك أن إقامة الحق والعدل تشد علاقات الأفراد بعضهم ببعض وتقوى الثقة بين العامل وصاحب العمل وتنمي الثروة وتزيد من الإنتاج.

ثالثا:مسؤولية الشركة تجاه المجتمع :  تقع على الشركات ومنظمات الأعمال اليوم مسؤولية كبرى وأولى تجاه المجتمع حيث يمكن للمنظمات المشاركة في التنمية الاجتماعية من خلال عدة نشاطات منها:

§   تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص للجميع بلا تفريق بين جنس أو طبقة أو لون أو دين، أي أن الجهد الإنساني كله يجب أن يتعاون في إيجاد التنمية الاجتماعية الشاملة([3]).

§   التكافل الاجتماعي طريق مهم يمكن أن تساهم المنظمات من خلاله بضمان حقوق الأفراد في المجتمع، و الزكاة هي أهم مظهر للتكافل الاجتماعي.

§   منع التعسف في استعمال الحق و تحديد حرية الأفراد لصالح الجماعة، و الانتفاع بالمباح بشرط عدم الضرر بالمصلحة العامة.

§   الابتعاد عن المعاملات التجارية المحرمة والتي تترك أثاراً سلبية على المجتمع.

§    على المنظمة ان تساهم في توفير فرص العمل للقادرين وعليها واجب تقليص البطالة وذلك لحماية المجتمع من الآفات والأخطار الاجتماعية التي تنجم عن تعطل الشباب والقادرين على العمل..

§   الاستخدام الأمثل والمخطط للموارد، مما يحول دون حدوث الأزمات الاقتصادية.

§   القيام بالنشاطات الاجتماعية والأعمال الخيرية بكل ما تستطيع سواء بالعمل أو بالتمويل، ودعم المؤسسات الخيرية، وتمويل المشاريع الاجتماعية والتنموية.   

رابعا: المسؤولية الاجتماعية تجاه المستهلك:

المستهلك هو العنصر الهام والحيوي في العملية الإنتاجية ، فعمل الشركات كله من اجل المستهلك لذا فعلى المنظمات والشركات المنتجة أن تسعى إلى احترام المستهلك من خلال:

-         احترام ذوق المستهلك من خلال تقديم المنتج الصالح للاستعمال .

-         الصدق في التعامل مع العملاء .

-         عدم استغلال مشاعر المستهلكين من خلال عمليات الدعاية والإعلان.

خامسا: المسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه الدولة: منظمات الأعمال مسئولة اجتماعيا تجاه الحكومة حيث عليها أن تلتزم بدفع الضرائب المفروضة وممارسة العمليات التجارية والأنشطة وفقا للقوانين التي تحددها الحكومة، كما ينبغي أن تشارك المنظمة في الأنشطة الاجتماعية وتكون داعمة لسياسات الحكومة خصوصا تلك التي تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

  سادسا: المسؤولية الاجتماعية تجاه الموردين(العلاقات التجارية ):

على منظمات الأعمال لقيام بالمعاملات وفق القوانين والتي من أبرزها :

-         ضرورة وجود عقد مكتوب يوضح كل ما يتعلق بالتعاملات المالية و التجارية، مع التوثيق والتسجيل.

-          احترام المواعيد والصدق في التعامل وذلك لكي تتوافر الثقة بين الأطراف كلها فيتم العمل التجاري بسهولة ودون تحمل أية تكاليف وأعباء إضافية.

سابعا: المسؤولية الاجتماعية للشركة تجاه البيئة : مسؤولية الشركات تجاه البيئة هي مسؤولية عظمى وهامة وحيوية وهناك الكثير من المبادئ والأسس والواجبات التي يمكن للشركات القيام بها للحفاظ على سلامة البيئة ومنها  ما يلي([4]):

§   الحفاظ على مواردها:  على الشركات والمنظمات الحفاظ على الموارد المتاحة واستعمالها بطريقة تحقق الكفاءة والفاعلية أي الاستغلال الأمثل لهذه الموارد بعيدا عن الإسراف والاستعمال الجائر لان ذلك ضرورة هامة لتحقيق تنمية مستدامة، كذلك على الشركات الحفاظ على الموارد من  الإتلاف الذي يفضي إلى عجز البيئة عن التعويض الذاتي لما يقع إتلافه فيؤول إلى الانقراض والإتلاف قي استخدام مواردها ولو كان ذلك الإتلاف استهلاكا في منفعة.

§   الامتناع عن تلوث البيئة: وذلك من خلال الامتناع عن رمي المواد السامة والملوثة التي تؤدي إلى إتلاف التربة وتسميمها مما يؤدي إلى نشر الأمراض بين الناس وحرمان البشرية من عنصر هام وحيوي من عناصر التنمية المستدامة.

§   الاستخدام العقلاني لمحتويات البيئة من غير إسراف وتبذير:  ان الضرورة تقتضي استخدام الموارد بأسلوب التوازن والاعتدال حتى في حال توافر المواد وكثرتها وكثيرة لان  التبذير والإسراف هو تدمير لمقدرات الأرض ومواردها بغير وجه حق وبالتالي حرمان الأجيال القادمة منها .

§    العمل على تنمية البيئة وإعمارها:  إن أعمار الكون والبيئة هو من واجبات الإنسان الأولى التي كلفه بها الخالق جل وعلا ولذلك سخر له الأرض وما فيها وأمره بان يعمرها ويرعاها ويصون مقدراتها وذلك بالتثمير والتنمية([5]).

ملاحظة:

هذه المادة هي مستلة من بحث علمي قدمته إلى مؤتمر المسؤولية الاجتماعية للشركات الذي عقد في جامعة الروح القدس – لبنان في  نوفمبر -2011

               

[1] . للمزيد انظر: المصدر السابق.

[2] . للمزيد انظر: وهيبة مقدم، مصدر سابق.

[3] . محسن عبد الحميد، الإسلام والتنمية الاجتماعية، دار المنارة  للنشر والتوزيع، جدة، السعودية، الطبعة الأولى، 1989، ص : 46

[3] فؤاد محمد حسين الحمدي، مرجع سابق، ص ص : 74-75

[4] . عبد الستار أبو غدة، البيئة والحفاظ عليها من منظور إسلامي، بحث مقدم إلى: الدورة التاسعة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بالشارقة، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، ص ص: 10-12

[5] . للمزيد من التفصيل انظر: وهيبة مقدم، مصدر سابق.