ســوريا بـعد الأسد 1+2

د. خالد أحمد الشنتوت

ســوريا بـعد الأسد (1)

د. خالد أحمد الشنتوت

-1-

إن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

يتخوف بعض السوريين وبعض العرب وكثيرمن الدول الغربية ، من تغيير النظام الأسدي الذي أهلك الحرث والنسل ، في سوريا ولبنان ، وساهم في هلاك العراق ، ولن يتورع عن إلحاق الأذى بأي دولة عربية([2]).... يتخوفون من تغييره ... لأنهم يخافون من البديل الذي سيحل مكانه ، ويتصورون الفوضى التي حلت بالعراق ، لذلك يخافون من تغيير النظام الأسدي ...

لذلك ومن متابعة مسيرة المعارضة السورية الداخلية والخارجية ، تجمعت لدي معالم واضحة ، وأهداف مؤكدة ، اتفقت عليها فصائل المعارضة السورية ، داخل سوريا وخارجها ، ترسم هذه المعالم والأهداف صورة لسوريا المستقبل ، سوريا ما بعد الأسـد ، سوف أعرضها في هذه العجالة بإذن الله عز وجل .

العلويـون بعد سقوط حكم الأســد :

يتخوف كثير من العلويين من سقوط النظام الأسـدي ، ويقال لهم أن كثيراً من السوريين عامة ، والحمويين خاصة سيثأرون منكم ، لأن معظم جنود سراياالدفاع وكثير من الوحدات الخاصة التي قتلت المواطنين الأبرياء في حماة وحلب وإدلب في الثمانينات ، وكذلك تقتلهم اليوم وترتكب المجازر الوحشية في كل مكان ، هؤلاء الوحوش الذين يقتلون الشعب من الطائفة العلوية ....وقد تابعت هذه القضية من خلال أدبيات المعارضة السورية في الخارج والداخل ، ومن أدبيات جبهة الخلاص الوطني ، ومن أدبيات جماعة الإخوان المسلمين ، وتصريحات كبار قادتها ، ووصلت إلى المعالم التالية :

1- لاتحمل المعارضة السورية عامة ، والإخوان المسلمون خاصة ، أوزار النظام الأسدي للطائفة العلويـة ، لأن أوزار النظام الأسدي لاتحملها الجبال ، فكيف تحمل لطائفة من الشعب السوري ، كما أنه ليس من العدل أن تشمل الطائفة العلوية كلها بأوزار النظام الأسدي والقاعدة الربانية عندنا ( ولاتزر وازرة وزر أخرى ) ...

2- لابد من التذكير بأن بعض الجزارين الذين دمروا حماة عام (1982) كانوا من ذراري السنة ، المأجورين للنظام الأسدي ، ولابد من التذكير بأن زياد الحريري منفذ انقلاب (8/3/1963) وعلي مدني منفذ انقلاب الحركة التصحيحية ( 16/11/1970) كلاهما من ذراري حماة ....فللحق نقول ليس جميع أزلام النظام الأسدي من العلويين فقط ، بل معهم عدد لابأس به من ذراري السنة ...

ومع ذلك تنطلق أسئلة صادقـة اليوم ، بعد أن صار سقوط بشار وحكمه أمراً وارداً جداُ ، تقول هذه الأسئلة : ماذا يحـل بأزلام النظام الأسدي من العلويين وغيرهم بعد سقوط هذا النظام !!؟

وجوابـي على ذلك : 

هذه الأسئلة تفترض أن جميع العلويين مشاركون بهذا النظام ، فسقوط النظام سقوط لهم ، وهذا الافتراض غير صحيح ، نعم كثير من العلويين مشاركون في هذا النظام ، وخاصة في وحدات الأمن ، وفي الجيش ، و مايعرف بالشبيحة اليوم ... ولكنْ كثير من العلويين مسحوقون مع بقيـة الشعب السوري ، سلبت حقوقهم ، وسقاهم النظام كؤوس الذل والقهر كما سقى غيرهم ...

ولنقرأ ما كتبـه ( مواطن ســوري) ويتضح أنه ( علــوي ) في موقع ( سورية الحرة ) يوم (5/9/2006) يقول :

( في البداية، ليس من المبالغة الزعم بأن كثيراً من العلويين غير سعداء - على الأقل - بالنظامالحالي ( يقصد نظام بشار ). والأسباب الموجبة التي يروجونها هي:

الفقر (مثلاً الأحياء العلوية الفقيرة حول دمشق، والقرى الفقيرة ونسب البطالة المتدهورة في المنطقة الساحلية، إلخ ) .

- , (أمثلة: ماجرى لصلاح جديد وحزب العمل الشيوعي وعارف دليلة حالياً) ...

- - في مرحلة شباب آبائنا تحولت المدن الساحلية الواقعة في سفوح جبال الساحل مثل طرطوس وبانياس وجبلة واللاذقية من مجتمعات سنية صرفة إلى مدن حديثة متعددة الطوائف نسبياً. لكن خلال جيلنا ( يقصد حكم بشار ) تحولت هذه المدن إلى مدن فقيرة قذرة بسبب سياسات الفساد وسوء التخطيط والمحسوبية. وشاهدناها تتحول مسرحاً لمراهقي الجيل الجديد من عشيرة الأسد في القرداحة الذين يطلق عليهم أحياناً ( الشبيحة([3]))...

- أقــول :

- العلويون اليوم يرون الامبراطوريات الخيالية لرامي مخلوف ، وماهر الأسد ، وآصف شوكت ، وأمثالهم ممـن صاروا يمصـون دم الشعب السوري كله ، بجميع طوائفـه ، ويعرفون عن امبراطورية رفعـت الأسد الشيء الكثير ... وينظرون إلى مافي أيدي بعضهم من الفتات الذي لايساوي شيئاً بالمقارنة مع أولئك ...

العلويون فصيل من الشعب السوري ، ينتسبون إلى العرب وإلى المسلمين ، يسعهم ما يسـع الشعب السوري ، فيهم من وقف مؤيداً للنظام الأسدي ، كما في أهل السـنة من أيـد النظام الأسـدي ، وفيهم من عارض النظام الأسدي ، وقدم روحـه ثمناً لتلك المعارضة ، منهم اللواء محمد عمران ، واللواء صلاح جديد ، وأحمد سليمان الأحمد ، وابن أخيـه ، وأمثالهم كثير ، ومنهم من اعتقل وذاق الويلات والتعذيب في سـجون الأسـد مثل الصحافي نـزار نيـوف ، والسياسي فاتح جاموس وغيرهم ، والاقتصادي الدكتور عارف دليلة .... ومنهم من طرد من الجيش بعد عشرات السنين لأنه لم يرض بولاية بشار الأسد ، وهم عدد من الجنرالات مثل اللواء علي دوبا ، واللواء علي أصلان ، وغيرهم ...

وقد وجدنا بعض أصوات العلويين السوريين ، تنـدد بالنظام السوري ، وتعلن وقوفها مع جبهة الخلاص الوطني ، في العلـن ، وفي السـركثير ، وهذه بدايـة الطريق الصحيح الذي يعـيد الطائفة العلويـة إلى وطنها وشعبها ، ويجعلها تنـحاز إلى صف الوطـن ، وتبتـعد عن صف النظام المستبد ،ومازلنا ننتظر ونشجع العلويين على الوقوف إلى جانب الثورة السورية ، ووقوفهم سيكون القشة التي تقصم ظهر النظام الأسدي ....

... يتبع إن شاء الله

[1] - قدمت خلاصة لهذه الورقة في ملتقى الدوحة (2011) الذي نظم في الحي الثقافي يومذاك ...

[2] - انظر كتاب النظام الاسدي ضد العرب للدكتور عبد الله الدهامشة ، دار النواعير بيروت ، 2012

[3] - الأصل التاريخي لكلمة ( الشبيحة ) هم أولاد إخوة حافظ الأسد الذين يركبون سيارات ( شبح) مرسيدس ألماني ، لونها أسود ، بدون جمارك ، ويقومون بأعمال النهب والسلب من المواطنين ....دون أن يجرؤ أحد على الشكوى منهم ....

(2)

إن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

يتخوف بعض السوريين وبعض العرب وكثيرمن الدول الغربية ، من تغيير النظام الأسدي الذي أهلك الحرث والنسل ، في سوريا ولبنان ، وساهم في هلاك العراق ، ولن يتورع عن إلحاق الأذى بأي دولة عربية([1]).... يتخوفون من تغييره ... لأنهم يخافون من البديل الذي سيحل مكانه ، ويتصورون الفوضى التي حلت بالعراق ، لذلك يخافون من تغيير النظام الأسدي ...

قصور القرداحة :

في القرداحة وماحولها قصور تفوق القصور في دمشق وضواحيها . والطرق تصل للقرداحة من كل الجهات ،  تمشي وسط الجبال والصخور ، تلمع وتتلوى في الوديان والجبال كالثعبان ، وبني فيها مطار خاص لاستقبال طائرة الأسد الخاصة ....و ... و ....

و( رامي مخلوف ) بن محمد مخلوف ( خال ) بشار الأسد ، أعطي امتياز شركة الاتصالات للخليوي ، وحرمت الخزينة السورية (700) مليون دولار لأجل عيون ( ابن الخال ) ، ويصل دخل الشركة حالياً إلى (2) مليون دولار يومياً ....

أما تركة جميل  الأسد ، شقيق حافظ الأسد ، وهو رجل بسيط ، فقد وصلت ( 4 ) مليار دولار ، كما كشف ذلك خلافات ولده ( منذر ) مع آخر زوجات والده ...

أما النهب الذي وفره حافظ الأسد لأخيه رفعت ، كي يثبت حكمه ، فقد بلغ حد الخيال الذي يكاد العقل أن لايصدقه .... ) انتهى كلام الزميل البعثي . وفي مقال لمحي الدين اللاذقاني أخيراً يذكر أن ثروة آل الآسد تصل أربعين مليار دولار ..وأجزم أن هذا الرقم صغير جداً لثروة آل الأسد ، وأذكر بأن رصيد باسل الأسد في سويسرا كان كذا وعشرين مليار دولار ، كما ذكرت الصحف ، وبعد أن كتب له والده عقد زواج بعد موته ، حصل على نصف الرصيد ...

·       إذن ينبغي توسيع السؤال وتعديله ليكون : ماذا يحل بأزلام النظام الأسدي بعد سقوط بشار !!؟ فأزلام النظام ليسوا من العلويين فقط ، بل فيهم عدد كبير من المواطنين السنة ، وغيرهم أيضاً ...وهؤلاء الأزلام السنة موجودون في الجيش بنسبة قليلة جداً([2])، وفي المناصب المدنية بنسبة كثيرة، فماذا يحل بهؤلاء الأزلام كلهم من سنيين وعلويين وغيرهم !!؟

وجواب ذلك : أن المشكلة في أذهان السوريين الذين لم يعرفوا حاكماً مدنياً ، موظفاً يعمل ويسهر على راحة الشعب ، السوريون لايعرفون إلا الحاكم ( المتأله أو المتفرعن ) ، أما الحاكم الذي لايستطيع أن يقتل مواطناً واحداً إلا بعد إحالته على القضاء الحر العادل ، ومحاكمته وتمكينه من الدفاع عن نفسه ، في المحكمة الأولى ، ثم التمييز ، ثم يصدر قرار القاضي بعد محاكمة علنية نزيهة ... هذا الكلام لايصدقه الشعب السوري لأنه لم يره ، ولم يقرأ عنه ، ولم يسمع به في سوريا ...

المشكلة في أذهان السوريين ، أو قل في هذا الجيل الذي ولد في أوائل الستينات وعاش حياته كلها في قانون الطوارئ ، حتى صار أمراً عادياً عنده ، ورأى الجيش متحكماً في حياة الشعب ، يتدخل في الصغيرة والكبيرة ، حتى في قضايا الزواج والطلاق ، ويهمل أو يترك عن عمد حماية الحدود ، وتحرير الأجزاء المغتصبة من الوطن كالجولان ...ويترك الجواسيس الصهاينة يدخلون حتى دير الزور شمال الوطن ،معظم الشعب السوري الموجود اليوم لايعرف أن الجيش لايحق له الخروج من ثكناته إلا إلى ساحة المعركة مع العدو الخارجي ، ولايحق له العمل في التجارة أو الزراعة أو الصناعة ، ولايحق له المشاركة في الانتخابات إلا إذا استقال الضابط من القوات المسلحة .... لأنه طوال حياته يرى خلاف ذلك ، يرى الضابط ( الإقطاعي ) مالك المزرعة التي يعمل فيها الجنود ( بالسخرة ) كما كان   ( الأقنان ) في أوربا الإقطاعية، ويرى الضابط ( التاجر ) ويرى الضابط ( معقب معاملات ) ، ولايرى الضابط الذي يقاتل العدو الصهيوني .... 

المشكلة في أذهان السوريين اليوم الذين لم يعرفوا أن مهمة المخابرات العسكرية  حماية الجيش ( فقط ) من جواسيس العدو ، والعمل على كشف مخططات جيش العدو ، والتعرف على تشكيلاته وتسليحه ونواياه ... وأنه من العار عند الأمم المتقدمة حضارياً أن تتدخل المخابرات العسكرية في شؤون المواطنين ، وعندما تفعل ذلك جعلت المواطنين في مكانة العدو الخارجي الذي كلفت بمتابعته والتعامل معه ...ولايعرف السوريون أن الأمن السياسي هو المسؤول عن المواطنين ، من منهم خالف القانون المعمول به في البلد ، وحاول مساعدة العدو الخارجي ، وبالتالي لايتعامل مع المواطنين سوى الأمن السياسي وهو جزء من وزارة الداخلية وليس من وزارة الدفاع ...

               

 [1] - انظر كتاب النظام الاسدي ضد العرب للدكتور عبد الله الدهامشة ، دار النواعير بيروت ، 2012

[2] - كان قائد دورتنا في تخصص الدبابات العقيد عبد الله الشوا ف ( حموي ) من دورة عزة جديد ، ورجل متدين، وعزة قائد اللواء السبعين يومذاك ، والشواف مدير دورة طلاب الضباط ، وذات يوم يريد عزة أن يبين لنا ان الشواف صفر على الشمال ( مثل معظم الضباط السنة ) كنا قد حصلنا على إجازة نهاية الأسبوع بتوقيع الشواف ، واتصل عزة بالشواف يقول له احرم الدورة كلها من اجازة نهاية الأسبوع ... وكنا قد وضعنا الإجازة في جيوبنا ، ودخلنا نتغدى لنخرج من المطعم إلى الباص ...فدخل علينا الملازم أول حسين النواف ( نائب قائد الدورة ) والسم ينقط من أنفه ، أمرنا أن نكف عن الطعام ، ثم نخرج خارج المطعم ، ثم جمع منا الاجازات ..وقال عودوا تغدوا على مهلكم ... وقد عرفنا فيما بعد أن سيارة حضرة عزة جديد مرت من قرب طالبين من الدورة ولم يقدما التحية ، ولما وقفت السيارة وناداهم : قالوا ياسيدي لم نر سيادتكم ، فقال : تحيوا السيارة ...واتصل بالشواف فأمره بحرمان الدورة من اجازة نهاية الأسبوع ....