بطش الأقلية‏!‏

بطش الأقلية‏!‏

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

يحكي الكاتب الفلسطيني فايز أبو شمالة أن الصهيوني دافيد بن جوريون أمر بإغراق سفينة تحمل سلاحا للكيان الغاصب بمن فيها من المقاتلين‏.‏

كان مناحم بيجن زعيم البالماخ قد تمرد علي الشرعية التي يمثلها آنئذ بن جوريون عشية الإعلان عن دولة الاحتلال, وسعي إلي إدخال سفينة أسلحة مع مقاتليها اليهود المتطوعين إلي أرض فلسطين. كان اليهود في ذلك الوقت أحوج إلي كل قطعة سلاح, وإلي مدد الرجال في حربهم ضد العرب, إلا أن بن جوريون ممثل الأغلبية في الكيان الغاصب اتخذ قراره بإغراق سفينة الأسلحة ألتالينا بمن عليها من المتطوعين اليهود, لأنها خارج إطار الشرعية, وتتحرك وفق رغبة الأقلية المعارضة.

بعد ثلاثين سنة انتصرت الديمقراطية لدي الصهاينة, وسلم أحفاد بن جوريون السلطة كاملة لزعيم المعارضة مناحم بيجن, ولكن بعد أن فاز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية, لينجح بعدئذ في إخضاع العرب وهم يستسلمون في كامب ديفيد!

أقلية الغزاة في فلسطين المحتلة كانت تسعي لتقوية الوجود الاحتلالي الصهيوني بالسلاح والرجال, ولكن الأقلية المناهضة في بلادنا تعمل علي تمزيق الوطن وإلغاء الديمقراطية ورفض القانون والدستور, وتزري بإرادة الشعب المصري, وتصر علي إسقاط الرئيس والشرعية, وتتوسل إلي ذلك بالعنف والدم واستخدام الملثمين والمولوتوف والشماريخ وأنابيب الغاز, والعدوان علي قصر الاتحادية وحصاره, واحتلال ميدان التحرير وتعطيل حركة المرور, ولا بأس أن تقتل بعض المتظاهرين من الطرف الآخر, وتصيب العشرات منهم, ويظاهرها إعلام بلا ضمير يملكه اللصوص الكبار ويهيمن عليه أنصار النظام البائد, يسوغ جرائمها, ويحلل ممارساتها الخارجة عن القانون, ويدعو ضمنا أو صراحة إلي مزيد من العنف والدم.

لقد عاش عدد من قيادات المعارضة وعناصرها علي حجر النظام الفاسد طوال ستين عاما, ونعموا بالامتيازات الحرام, وتربوا علي العداء للإسلام والمسلمين, والولاء للأشرار والطغاة, ثم إنهم يتعاطفون مع ضحايا الهولوكست ولا يتعاطفون مع شعبنا المظلوم, ويظنون أنهم في كل الأحوال سيعيدون عهد القهر والاستبداد واستئصال الإسلام.. ولكن هيهات! فالله أكبر من بطش الأقلية!