لماذا لا تحاور حماس "إسرائيل"؟

لماذا لا تحاور حماس "إسرائيل"؟

د.إبراهيم حمّامي

[email protected]

لا تستغربوا السؤال ...

اقرأوا حتى النهاية لتجدوا سبب السؤال لا الإجابة عليه!!

ارتفعت وتيرة وحرارة التصريحات "الحمساوية" المعترضة والمستنكرة والرافضة لما رشح من تسريبات عن طلب عبّاس الواضح و"الكريستالي" ب "حل الميليشيات المسلحة" وعلى رأسها كتائب القسام وسرايا القدس، وكذلك رفضه التام والمطلق لدمجها في الأجهزة الأمنية في غزة - الحديث ليس عن الضفة الغربية – لسبب بسيط أن "اسرائيل" ستعتبر الأجهزة الأمنية "معادية" في حال قبلت أي ضابط أو عنصر من "الارهابيين" في صفوفها.

بصراحة استغرب ومن ناحيتي الشخصية استنكر وأشجب المعارضة والرفض "الحمساوي" لهذا الموقف إن جاز التعبير، أي استخدام ذات اللغة: رفض استنكار شجب وإدانة!

عبّاس واضح ولا يوارب ويعتبر المقاومة:

·       سخيفة

·       عبثية

·       حقيرة

·       ارهاب

·       جلبت الكوارث

وأعلن أكثر من مرة وبوضوح شديد أنه ضد:

·       انتفاضة ثالثة

·       العمل المسلح

·       المقاومة العسكرية

·       أي شيء وكل شي إلا المفاوضات

عبّاس يعتبرأن المصلحة الوطنية تقتضي:

·       التنسيق الأمني

·       تجفيف منابع الارهاب

·       استئصال الارهاب

·       التنسيق الاستخباراتي

·       التعاون في التحقيق وسياسات الباب الدوار

·       ضرب البنية التحتية للارهاب

·       منع التظاهرات ضد الاحتلال بحجة منع الاحتكاك

·       حماية وتأمين وتسليم "المستوطنين من الذين ضلوا طريقهم"

·       غض الطرف عن جرائم قطعان المستوطنين الهمج وعربدتهم في الضفة الغربية

·       الانسحاب أمام أي عملية توغل أو اجتياح "اسرائيلية"

·       منع إطلاق النار وبالمطلق على أي "اسرائيلي" عسكري أو مدني

حتى وإن كانت ترجمة ذلك اعتقال وتعذيب وقتل من لا يريدهم الاحتلال، على اعتبار أن أي مقاومة أو اي عمل ضد الاحتلال بأي شكل هو ارهاب!

بعبارة أكثر بساطة، هذا هو عبّاس وهذا هو دوره الذي يمارسه ، لم يتغير ولم يتبدل.

ومن هنا نسأل وبوضوح أيضاً:

·       لماذا تستغرب حماس مطلب أو شرط عبّاس القديم الجديد؟

·       وهل تصورت للحظة أن عبّاس تحرر من وظيفته لدى الاحتلال؟

·       أو ظنت أنه أصبح وطنياً فجأة؟

·       ألم تلدغ حماس من عباس مرات ومرات قبل اليوم، ومع ذلك استمرت في طريق وعملية الحوار بلا نهاية؟

·       ألم نحذر مراراً وتكراراً أن عبّاس يستخدم الحوار فقط للخروج من مأزقه ولتحسين وضعه التفاوضي، وبأن حماس من تمنحه ذلك؟

·       أليس هذا المطلب تحديداً الخاص بالأجهزة الأمنية و"الميليشيات" هو ذاته ما عرضه ماجد فرج في دمشق في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2010؟

·       أليست حماس هي التي أعطت عبّاس الشرعية والغطاء مرة تلو الأخرى على أمل تحقيق المصالحة؟

·       ألم ترحب حماس وتبارك خطوة كارثية لعبّاس فقط ل"تطرية" الأجواء عند توجهه للحصول على دولة "مخصية" مقابل التنازل وبيع فلسطين التاريخية وحق العودة ومنظة التحرير؟

·       كيف يمكن لعبّاس - هكذا حاف بدون أي صفة - أن يكون يوماً خائن ومتنازل عن حق العودة – في 02 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 – ثم يصبح فجأة وبعدها بأيام "الأخ الرئيس أبو مازن حفظه الله"؟

·       كيف تقبل حماس أن تحاور عبّاس بصفته "رئيسا" وليس بصفته قائداً لفصيل آخر، الحوار أساساً بين فصيلين وليس بين "سلطة وشرعية" وطرف "متمرد"

·       هل تظن حماس للحظة بإمكانية التوصل لأي نوع من أنواع وأشكال المصالحة مع من لا يملك قراره؟

أنا على يقين بأنهم يدركون ويعلمون وبالتفصيل الاجابات عما سبق، لكن كانت دائماً الحجة والذريعة، أن حماس لا تريد أن تتحمل مسؤولية فشل المصالحة، لا فلسطينياً ولا عربياً، وبأنه لابد من استيعاب الآخر والعيش معه بكل عيوبه.

عفواً يا سادة، هذا أمر يناقض كل تجارب الشعوب وكل دروس التاريخ!

·       لم يحدث مطلقاً أن مقاومة احتضنت عميل أو خائن لأنه فقط يتكلم ذات اللغة واللهجة أو أنه من أبوين ينتميان لذات البقعة الجغرافية

·       لم يحدث مطلقاً أن سلطة أو حكومة في ظل احتلال كانت سلطة أو حكومة وطنية

·       لم يحدث مطلقاً أن حركة تحرر وطني أصبحت شريكا وذراعاً أمنياًً للمحتل

·       لم يحدث مطلقاً أن منظمة للتحرير أضحت ذراعاً سياسياً للمحتل

·       لم يحدث مطلقاً أن حركة مقاومة تنازلت من أجل حوار مع طرف يعمل لدى الاحتلال

·       لم يحدث مطلقاً أن العميل والخائن هو من يملي الشروط على أي طرف آخر

·       لم يحدث مطلقاً أن سلطة عميلة أعطيت غطاء وشرعية من طرف مقاوم

هذه هي دروس التاريخ، والدرس الأهم أن الصحابة الأوائل رفعوا سيوفهم وقاتلوا أولادهم وآباهم لأنهم اعتبروا أن المعركة هي بين حق وباطل، فلا مكان لعميل أو خائن أو متواطي في صفوف الشرفاء.

عندنا يحدث كل ذلك باسم المصالحة والحوار والوحدة الوطنية!

أما الخوف من تحميلهم مسؤولية الفشل، فبعد كل جولة من جولات الحوار والمصالحة اللانهائية - وصلت 8 اتفاقات حتى اليوم بمعدل اتفاقية كل عام منذ العام 2005 – كانت حماس دائماً تتحمل مسؤولية الفشل، وتكال لها الاتهامات بأنها تراجعت أو انقلبت أو وضعت عراقيل، من خلال آلة إعلامية تنفخ في هذا الاتجاه...

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن أن تكون هناك وسائل ترفع الحرج وتعرّي من يمتثل لأوامر المحتل ويعمل وكيلاً له ويتحاور نيابة عنه، ومنها:

·       نقل جلسات الحوار مباشرة على الهواء، وقد فعلت مصر ذلك في جلسات الدستور، ويفعله أبو البرلمانات -البرلمان البريطاني- يومياً وعلى الهواء مباشرة

·       الخروج بتصريح واضح لنتيجة كل جولة وعلى الهواء أيضاً، بدلاً من البيانات المكررة التي لا تعني فعلياً شيء

·       إجراء مناظرات علنية بين الطرفين، معلنة مسبقاً وليست على النشرات الإخبارية ومخصصة فقط لنقاط الحوار المفترض التي نوقشت وما تم التوصل إليه

·       الاعلان للشعب عن المحددات والأساسات للحوار، بمعنى التأكيد على الثوابت التي لا يمكن حتى مناقشتها

·       وجود مراقبين محايدين تماماً في جلسات الحوار

·       المصارحة التامة والشفافية أمام الاعلام والشعب لما يجري

هذا طبعاً إن قبلنا بمبدأ محاورة وكلاء الاحتلال أصلاً، دون أن يتراجعوا عن مواقفهم التي أقل ما توصف بأنها متواطئة.

نعود إلى العنوان والسؤال، ولماذا طُرح...

إن كانت قناعة حماس ما زالت أنه يمكن محاورة عبّاس ورهطه، وبأنه حتى وإن كان يمثل الاحتلال ويأتمر بأوامره وينقل اشتراطاته فمن الممكن التوصل لمصالحة معه...

حينها نقول:

اريحونا من وجع الراس والمماطلة تحت مسمى المصالحة...

اختصروا الطريق...

اتركوا الذيل وفاوضوا الرأس...

دعكم من خادم الاحتلال وحاوروا المحتل...

هذه بتلك ولا فرق، من يفاوض ويحاور عبّاس هو حقيقة وواقعاً يفاوض ويحاور سلطات الاحتلال بطريقة غير مباشرة...

من الممكن حينها أن نسميها وعلى طريقة كبير المفاوضين: مفاوضات تقريب أو لقاءات استكشافية!!

هذه بتلك وما الاستمرار بهذا المسلسل الممل إلا ضحك على الذات وحالة من الانكار المستمر لحقيقة المعادلة.

نقول في هذا المقام ما قاله أكرم النتشة من الضفة الغربية:

إن كان تحديد مكان مهرجان فتح الشهير بمهرجان –هز الكتف بحنية – قد احتاج شهر من المفاوضات والحوار، فإن ملف المصالحة سينجز بإذن الله بعد يوم القيامة بثلاثة أيام!

ارحمونا وارحموا أنفسكم...

أصدقوا أنفسكم وأصدقونا...

اجهروا بقناعتكم أن المصالحة مع عبّاس ورهطه لا يمكن أن تتم بشكلها وظروفها واملاءاتها واشتراطاتها...

بقوا البحصة وافقوا هالدمّل...

نختم بتوضيح ضروري حتى لا يتصيد البعض من الغوغاء والجهلة...

ما سبق ليس دعوة لمفاوضة أو محاورة المحتل، لكنها دعوة لوقف مسلسل قميء وممل اسمه "حوار ومصالحة"!

لا نامت أعين الجبناء