الدولة المدنية الديمقراطية

عقاب يحيى

بعض الشباب يقول : لنترك أمر الدولة القادمة غامضاً حتى لا نثير حساسية الناس !!! ..

ـ قسم من هؤلاء ينطلق من خلفية طيبة، ولا يريد الدخول في فهم موقع الدولة والنظام الديمقراطي، وقسم يحمل سلفاً أفكاراً وأحكاماً عدائية على كلمة ديمقراطية المقرونة بذهنه بالعلمانية مثلاً، او ضد الدين، أو " تقليد " الغرب ..

ـ وعلى ذلك يرى البعض في وثائق القاهرة للمعارضة السورية، خاصة وثيقة العهد الوطني شيئاً علمانياً مرفوضاً، ثم يجيز لنفسه التعميم ب" أنها مرفوضة من الشعب"، وكأنه مفوّض رسمي للشعب، أو قام باستطلاع حقيقي لمعرفة ما يريده.. وعند التدقيق نجد أن هناك من لم يقرأ تلك الوثيقة بتاتاً، وأنما سمع.. فحكم، ونقل، واتخذ موقفاً ..

****

وثائق القاهرة وغيرها لم تحدد شكلاً محدداً للدولة لجهة الخلفية الإديولوجية، فلم تقل أنها دولة علمانية، أو إسلامية، أو قومية.. لأنها، باختصار : دولة مدنية ديمقراطية . وتعريفها بالبسيط : إقامة نظام ديمقراطي، تعددي، تداولي، يقرر نتيجة من يحكم فيه صندوق الإقتراع وليس الفرض، والفرد، أو البسطار، أو أدلجة مسبقة .

ـ الدولة المدنية تعني أنها ليست عسكرية . ليستن أحادية تحكم من قبل فرد، أو حزب، أو فئة، تعتمد الدستور حجر رحى، والقوانين مرجعية، والمساواة في المواطنية وفي الحقوق والواجبات جوهراً.

وهي لجميع فئات الشعب بغض النظر عن الجنس والقومية والدين والمذهب والاتجاه السياسي، وهو ما يجب ترسيخه في الدستور كأساس لا يقبل التلاعب والتغيير، بمعنى أنه ليس من حق أحد، كائناً من كان، وكائناً ما حصّل في الانتخابات النيابية أن يحول نظام الدولة من ديمقراطي إلى استبدادي، أو أحادي مثلاً، بل على الجميع، وبغض النظر عن نتائج صناديق الاقتراع التي يجب احترامها، أن يحترموا ذلك مسبقاً، وبعد الانتخاب كثابت .

ـ هناك من يدعو إلى دولة علمانية إلحادية.. وهناك من يبشّر بإمارة إسلامية، أو بحكم إسلامي.. لكن وبانتفاء الصفة الإديولوجية على الدولة المدنية، وتحديد مهام الجيش بحماية الوطن وتحرير المحتل من الأرض، ومنع تدخله بالسياسة، فإن جوهر نظام الدولة هو الديمقراطية : حاضنة، ونهجاً، وسبيلاً إلى التنافس بين الأحزاب والقوى السياسية .