السوريون بين حلاوةِ القولِ، و مرارةِ الفعل

السوريون بين حلاوةِ القولِ، و مرارةِ الفعل

محمد عبد الرازق

لقد كدْتُ، و أنا المكلومُ بما تقترفه آلةُ النظام بحق السوريين، أن أُفتتنَ بما جاء في كلمة الوزير ( وليد المعلم )، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ( 1/10/2012م )؛ فلقد قدَّم فيها عرضًا للخطوات الإصلاحية، التي قام بها النظام للخروج بالوطن من أزمته الراهنة؛ بما لا يدع مجالاً للمتابعين إلاَّ أن يتمنَّوْا لو كانوا في تلك البحبوحة من النعيم، التي يرغد فيها أبناء هذا الوطن الذين حباهم الله بهذه القيادة الفذة.

لقد أوجع القلوب، و هو يفصِّل القول عن حجم المؤامرة، التي نُسجِت خيوطها في العالم كلِّه، ما عدا ما كان من مواقف تلك الدول التي يناصبها هذا العالم ( الظالم ) العداء نفسها؛ من خلال العقوبات المفروضة عليها، مثلما هي الحال معه.

ثمَّ بعد فراغه من الشأن الداخلي، وجد لديه متسعًا من الوقت؛ ليُعرِّج على مشكلة البعث المركزية ( فلسطين )، و مشكلة الشرق الأوسط للتخلص من أسلحة الدمار الشامل.

يقف ( المعلم ) هذا الموقف المستجلب للشفقة، في الوقت الذي كانت فيه قناة ( العربية ) تعرض عددًا من الوثائق المسربة عن رئيس النظام، و عن القيادة المشتركة ( الأسدية، و الروسية، و الإيرانية ) المعنيّة بالأزمة الحاصلة في سورية. و يظهر فيها توجيهات ( ذو الهمّة شاليش ) إلى ( هاجم إبراهيم ـ سفير النظام في الدوحة )؛ للقيام بتنفيذ الخطة المقترحة لإحراج الحكومة القطرية أمام الرأي العام، و إظهار ضعف الأمن القطري في توفير الأمن في الدوحة.

و كان أن التهمت النيران أجساد ( أربعة عشر ) طفلاً حاصرتهم النيران في أثناء وجودهم في حضانة مجمع ( فلاجيو التجاري ) في الدوحة، إلى جانب عدد من رجال الدفاع المدني الذين هبوا لإخماد ألسنة اللهب التي فاقت قدراتهم على احتوائها.

هذا هو ردّ النظام على وقوف القيادة القطرية إلى جانب الشعب السوري في محنته، التي يكتوي بها على يد شبيحة الأسد، و آلته العسكرية.

و هو الردّ نفسه الذي انهال على أبناء بلدة سلقين في ريف إدلب، من خلال البراميل المتفجرة التي ألقتها إحدى مروحياته لتحصد أرواح ( 30 شخص ) من بينهم ( 8 ) أطفال تفحمت أجسادهم بشكل كامل. هذا في الوقت الذي كان فيه ( المعلم ) يتهيَّأ لإلقاء كلمته أمام الوفود الأممية، التي بدا على وجوههم علامات الاستهجان لما يسمعونه من معسول الكلام من وزير أبعد ما يكون عن لياقة الدبلوماسيين، و هو يتوعد أبناء شعبه بالويل و الثبور، الذي ينتظرهم على يد الجيش الممتلك لقدرات غير عادية.

و كان قد سبق هذه المكرمة الأسدية مكرمة أخرى طالت عددًا من المصلين، كانوا يصلون الصبح في أحد مساجد هنانو في حلب الشهباء، قضوا جميعهم و هم يتضرعون إلى الله سُجّدًا؛ كي يرفع عنهم هذه الغمّة.

و هناك عطايا أخرى لم يضنَّ بها الأسد على أبناء المحافظات الأخرى؛ استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة ( بان كي مون ) في أن يكون أشدّ رأفة بشعبه.

لقد كانت حصاد اليوم ( 165 ) رأسًا من الشعب السوري، الذي ذاق من حلاوة قول ( المعلم )؛ ما جعله يذوب أسىً من مرارة ألم فعال القيادة المشتركة في ( دمشق، و موسكو، و طهران ).