حرية التعبير في الدين الإسلامي

حرية التعبير في الدين الإسلامي

سوزان حمود

((ذكر في القرا ن الكريم  تعددية الآراء وتنوعها حيث يقول: ((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين

. سورة هود  آية {118} ، أي أن الاختلاف بين البشر ليس أمراً طبيعياً فحسب بل إيجابي

  كما و يوضح القرآن أن اختلاف الآراء سيؤدي إلى النزاع والصراع .

إذ يقول : ((... فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ...)) (النساء 59) 

فالشيء المؤكد وجود آراء متعددة في المجتمع الإسلامي تعكس تنوعه وتياراته الفكرية.

كما نقرأ أن يتمتع المجتمع، رجالاً ونساءً بالحرية في التعبير عن آرائهم ومواقفهم، حيث يذكر القرآن: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)).

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع لا يقتصر على الأمور الدينية والعبادات والعقائد فحسب بل كل النشاط الإنساني في التفكير والنقد والمعارضة والتقييم في شؤون السياسة والثقافة والاقتصاد.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أعمدة حرية التعبير في الإسلام،  كان الرسول والصحابة في عهد الخلافة يستمعون إلى آراء غيرهم من المسلمين وحتى غير المسلمين، فقد كان عمر الخطاب يستشير غير المسلمين في الأمور التي هم خبراء فيها وكان أيضاً لا يقصر مشورته على الشيوخ بل يلجأ إلى الشباب ويستشيرهم على الرغم من هذا فإن في الإسلام قيود على حرية التعبير، ويمكن تصنيف هذه القيود إلى نوعين من القيود هما:

القيود الأخلاقية

الغيبة، الحديث عن شخص آخر والمس بسمعته وتجريحه.

السخرية من الآخرين وإسقاط هيبتهم والكذب عليهم.

كشف عيوب الآخرين أمام الناس.

والقيود القانونية

 إيذاء الآخرين وقذفهم بأمور يعاقب عليها الدين كشرب الخمر والرذيلة وغيرهما.

تكفير المسلم.

الافتراء على المسلم.

سب الله ورسوله محمد.

سب دين غير المسلمين أو إطلاق لقب كافر عليهم. {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون}سورة الأنعام آية رقم 108

البدعة وإضافة أمر إلى الدين ليس منه في وجهة نظر البعض بينما يري الكثيرون أن البدعة نوعان حسنة وقبيحة ومدار هذا الخلاف فيما عدى الأمور التعبدية. 

رفع الإسلام شعار المساواة بين الناس على اختلاف الأجناس والألوان واللغات استناداً إلى سورة النساء "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" واستنادا إلى الحديث "لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى".

(قال عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟) حرية التعبير حق ولكنها مثل كل الحقوق، لها ضوابطها وقيودها ولا حرية في الإسلام لنشر ما يعتبر فساداً أو فتنة أو سب أو قذف  في مفهوم الإسلام.

هذا هو الدين الأسلامي ,وهذه هي تعاليمه و شرعه لمن لا يعلمون ويحسبون أنفسهم أنهم يعلمون .

ديننا الحنيف لا يسمح بالأساءة الى الأخرين و لا بالتقليل من شأن الأنبياء والرسل أو الديانات السماوية الأخرى , فكيف نوصف بالتطرف والأرهاب من جراء ممارسات لا تبت للاسلام بصلة , وكيف يتناولون رمز الأسلام نبي الله للتعبير عن عداءهم للأسلام و جهلهم له و أختلال مفاهيمهم في حرية التعبير و ديمقراطيتهم المختلة .

حرية التعبيرعن الرأي لا تعني الوقاحة أو السخرية من الأخرين و عدم أحترام رموز الأديان السماوية والأنبياء والرسل . نبي الله محمد , خاتم الأنبياء و سيد المرسلين أعلى و أسمى من أن يزج في خلافات البشرية العقيمة وأن يكون شخصه الكريم رمزا يتناوله الأقزام من البشر للتعبير عن سخطهم و حقدهم و جهلهم لديننا الحنيف .

(بعض) الغرب يدعون  بما يسمى حرية التعبير وهم أبعد الناس عن ذلك , هي في الحقيقة أنعكاس لمفاهيمهم الخاطئة والشاذة عن الحريات , فلا صلة بين الوقاحة وحرية التعبير , فهم في ذلك لا يختلفون عن الجماعات المتطرفة و مرتكبي الجرائم الأنسانية .

أيضا  من تستروا بغطاء الأسلام و أرتكبوا الجرائم والمحرمات , ستدفعون ثمن تشويهكم لصورة الأسلام , عقابكم لن يكون أقل ممن سولت نفوسهم المريضة  بالأيذاء الى الرسول الكريم , ستلتقون في الدرك الأسفل من النار دون رحمة من الله أو شفاعة من نبيه الكريم .