الحرية... و(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)

الحرية...

و(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)

عبد المعز الحصري

[email protected]

مقدمة: أقول بعد بسم الله وحده،والحمد لله الذي أعز ونصر جنده -" وإنّ جُندنا لهم الغالبون"- بالعبودية الكاملة عما سواه تعالى جد ربنا،

- الحرية (1)

  نور يتوهج في القلوب، فيتربع تاجاً على رؤوس الأحرارلايراه غيرهم، فيقدمون في سبيلها دمائهم مهراً لها وهي قصب السبق للابطال الفوارس يمتلكونها قسرا ًرغم أنوف أعدائهم .وهي منبر عال لايرقاه إلا كل ذو نفس عزيزة كريمة.

 والحرية :هي منظومة معارف وعلوم يكتسبها الانسان من بيئته، حدّ لها الشارع الحكيم حدودا لتحافظ على انسانية الانسان  بل وترقى به الى منزلة الملائكة ،فان تعدى الحدود نزلت به الى مصاف الانعام بل أضل.

لوكان للروح روح لكانت الحرية روح الأرواح، ومنبع الحياة الكريمة، وهوى العشق العذريّ، ونور يضيء للسالكين دربهم ليصلوا إلى عليين ،

يقول الاستاذ الدكتورمحمد خالد منصور(2) الحرية :منحة ربانية قيدها الشارع الحكيم بما يصلحها ولايخرجها عن حدودها، وعن الغاية التي من أجلها منحت.

ويعرف الدكتور عبد الله فرج الله(3) الحريات:منظومة الحقوق والواجبات التي تكفل للمرء أن يعيش حياته بكامل مقوماتها ومتطلباتها،مستمتعا بما له وقائما بما عليه فلا يصرعلى طلب وتحقيق ماله،ويهمل أو يغفل عن ما يجب عليه فله في الارض شركاء".

قلت: الحر الكريم:هوالذي يعرف واجباته وحقوقه فيتصرف ضمن منظومة الخلق الحسن والادب الجم كما جاء في الكتاب والسنة المطهرة .

-              متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا

يولد المرء حراً من كل شيء أي عبداًلله بفطرته ففي الحديث " كل مولود يولد على الفطرة .." ،قال الامام علي بن ابي طالب –رضي الله عنه-:"لاتكن عبداً وقد خلقك الله حراً"، وصدق الفاروق عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- في قوله (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا). ولاتعارض بين قول الفاروق رضي الله عنه وبين ماقاله مالك بن نبي-رحمه الله- :إنّ الله لم يخلق الإنسان حراً وإنما خلقه ليكون حراً. ومما سبق يتبين لنا حقيقة المجرم :هو من يعتدي على نفسه- بظلمه لها- والناس وذلك بإتباع هواه فيوصله ذلك الى تكذيبه بيوم الدين قال تعالى : "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنْ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) سورة المدثر

يقول سعد الله الجابري(1894-1947):"إنّ المجرم هو من يعتدي على سلامة الناس وحرية الشعوب " .

-              مهر الحرية

قال الشاعر أحمد شوقي

وللحرية الحمراء باب   بكل يد مضرجة يدق

قلت:عندما تمشي الحرية على أرض المكرمات فإنّ لسان حالها يردد قول الشاعر :

نطق الرصاص فمايباح كلام     وجرى القصاص فما يتاح ملام

قلت: أبت شجرة الحرية أن تثمر- العدالة والكرامة- إلا بعد أن تسقى بدم كرام الخلق بعد الأنبياء والرسل-عليهم الصلاة والسلام- والصديقين فمهرها غال تستنفد به دم الشهداء الأحرار الذين شهدوا لله بالوحدانية،-لأن الحرية المطلقة مستمدة من التوحيد لله وحده فلا طاعة لمخلوق بمعصية الخالق – و هذه الحرية على قدرها الجليل لاتقبل أن يُفتح بابها فتحاً، وإنما يُكسر كسراً بحد السيوف وعزيمة وصبر الرجال المضرجة أيديهم بالدماء الزاكيات الطاهرات، في ساعة حميَ فيها الوطيس وتطايرت الروؤس والبنان ليرتفع صوت الحق مدوياً الله أكبر وأجل وأعز، بهذا المهر النفيس نال الشهيد وسام الشرف ومنازل القرب من النبيّين والصديقين برحمة من الله رب العالمين فكانت له الحياة الكريمة والعيش الرغد فوراً من أول قطرة تهرق في سبيله تعالى"وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " الآية (169) من سورة آل عمران .

" وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ " الآية (154) من سورة البقرة .

-              حياة الأمة

إنّ الامة التي تريد الحياة يجب عليها أن تقدم دماء  شهدائها بساطاً أحمراً تمشي عليه وتخوض فيه وتكتحل به عيناها حتى لاتنسى شرف الشهداء وغلاء حريتها –وإرادتها-فلا تتنازل عنها مهما كلفها من تضحيات، فأمة لاتملك حريتها ليس لها موضع قدم بين الامم وستركلها الامم القوية إلى مزابل التاريخ، فأمة لاتغزو تغزى في عقر دارها،وأمة لاتعيش في ظل كتاب ربها لن تكون لها حياة كريمة،فبسيف الحق تحمي نفسها وتتصدر القيادة والريادة ويسود العدل والسلام،وحياة الامم في حريتها،وحريتها في قوتها،وأمة تتنازل عن بعض حقوقها،ويملي ويفرض عليها أعداءها تعاليمه،أمة مستعبدة مستعمرة ولو بعد حين،وهذه السياسة الجديدة لإبليس وحزبه من الجِنّة والناس

-الحرية الكاملة

ينتزع الحر الكريم الشهم عزته وكرامته وحريته بيده المضرجة بالدماء ليعيش عزيزاً أو يموت كريماً ًولاخير فيما سواهما "العيش بعزة أو الموت شهيداً" وصدق الشاعر في قوله

عش عزيزاً أو مت وأنت كريم    بين طعن القنا وخفق البنود

قلت: إن ّالله تعالى لم يترك الانسان  يتخبط في وحول الشهوات وبحور الظلمات بل أنزل له كتاباَ بيّن فيه أنواع الحريات منها حرية التفكر في خلق السموات والارض، وحرية التملك،وحرية المرأة،وسَنَ لها ضوابط لتمتلك حريتها كاملة،وأي حرية تشذ عما أعطاها ربها إنما هي سلب لكرامتها وإستعبادها لتحولها إلى سلعة تباع وتشرى في سوق هوى الشيطان وحزبه، ولذلك يلهث أعدائنا وراء تحرير المرأة لتدمير مجتمعاتنا من الداخل، وأي تنازل عن جزيء من الحرية يعني عدم كمالها،وعدم كمال الحرية يعني نقصان في الكرامة، ونقصان في الكرامة يعني عدم إنسانية الإنسان،كيف ولا  وقد قال الله تعالى " ولقد كرمنا بني آدم

وكمال الحرية أن تكون حراًمن كل شيء،"أقصد أن تكون عبداًًلله وحده،فتلك العبودية الخالصة لله وحده هي عين كمال الحرية،فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة ربي وسلامه ينعته ربي سبحانه بالعبودية،في أشرف المٌقامات وأجلَ المهام،

يقول ابن تيمية رحمه الله –ج10مجموع الفتاوى- وقد نعت الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أكمل أحواله،فقال "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً..."الاسراء الآيه1،وقال في الإيحاء "فأوحى الى عبده ماأوحى" النجم الآية 10،وقال في الدعوة:"وأنه لمَا قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً"الجن الآية 19،وقال في التحدي:"وإن كنتم في ريب ممَا نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله "البقرة الآية 23،وقال في نزول القرآن:"تبارك الذي نزَل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً"الفرقان الآية1،منقول من كتاب مبادىء تربوية، د مأمون صالح النعمان ، قلت :  إنّ الدافع الوحيد للسعادة الأبدية، هو بكمال الحرية وهو مابينه القرآن الكريم لكل صغيرة وكبيرة ، " مافرطنا في الكتاب من شيء

والعاقل العاقل من ملك حريته والتي منبعها القلب والمؤمن الذي نور الله قلبه لاتستطيع قوى الارض حجر حريته وسلبها منه،  يقول ابن تيميه رحمه الله : (ماذا يصنع أعدائي بي ؟ إن سجني خلوة ، ونفيي سياحة ، وقتلي شهادة ، إن إيماني في قلبي ، وقلبي بيد ربي)،وصدق الشاعر في قوله

أخي أنتَ حُرٌّ وَرَاءَ السُّدُود       أخي أنتَ حُرٌّ بتلكَ القُيُود

إذا كُنتَ  باللهِ    مُستَعصِمَا       فماذا يَضِيرُكَ كَيدُ العَبِيد

وهذا شمس الائمة العلامة السرخسي يسجنه الحاكم في الجب ويقف تلامذته على فوهة الجب ويملي عليهم كتابه ( المبسوط) المؤلف من 18 مجلدا الذي يعتبر المرجع في الفقه الحنفي ، ويقول الامام : لولا ضيق المكان لتوسعنا في الشرح  ، سمعت – منذ ثلاثة عقود- هذا الكلام من سيدي علامة دمشق العالم الرباني الشيخ الدكتور محمد هشام البرهاني حفظه الله ورحم والديه والمسلمين آمين.

إنّ حرية المؤمن تجري مجرى الدم في العروق فتجعله يسبح في ملكوت الله وكأن العرش بارز ينظر اليه،

فمتى تملكت الحرية من القلب أصبح الانسان حراً، ومتى سمى بعبوديته لله وحده بلغ الكمال ،فمن رحم الحريةالكاملة-التي حصّنهاالشارع –تولد الحضارة الكاملة،فالحضارةالغربية المادية وأدت الحريةومسخت الانسان عن إنسانيته فأخذ في أكل لحم أخيه حياً وميتاً حتى يشبع غريزيته الحيوانية،فتفككت الاسرة وضاعت القيم والمبادىء، وجاء الاستعمار الجديد ليقتل ويدمر تحت شعار تصارع الحضارات والبقاء للأقوى  

-  الحرية في الاسلام

وآلمني وآلم كل حر         سؤال الدهر : أين المسلمون ؟

جاء الاسلام ليحرر الانسان من العبودية لغير الله الى عبودية الله وحده، فحرر الارقاء ونصر المستضعفين ونشر حضارته قرونا، فالكل سواسية في الحقوق والواجبات حتى يأخذ الضعيف حقه وإن كان غير مسلم ( كما حصل القبطي على حقه من ابن أمير مصرعمرو بن العاص رضي الله عنه)، فالناس سواسية كأسنان المشط لافرق لعربي على أعجمي ،ولا لأبيض على أسود ،فالاسلام ضمن للجميع حقوقهم وحريتهم ، وهذا الفاروق رضي الله عنه يلقبونه في اوروبا إله العدل والصواب أنه الامام العادل وأمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه.

يقول الدكتور محمد سعيد حوى ( أي عقيدة وشريعة حفظت الحقوق وحققت العدالة كالإسلام ) ، قلت : لقد ترك الاسلام للملل والنحل حرية إعتقادهم- "لا إكراه في الدين " - يوم كان يبسط جناحيه في مشارق الارض ومغاربها، بينما نرى أعداؤنا يقيمون محاكم التفتيش -قديما وحديثا -على مراى ومسمع ممن سموا أنفسهم المنظمات الانسانية زورإ وبهتاناً لتنكشف حقيقتهم،فالانسان البعيد عن الحرية الكاملة يقتل أخاه ليسود ويطغى بينما الحيوان يقتل ليأكل ،وهو-الانسان –في هذا أضل من الانعام،والانسان في حريته الكاملة المستمدة من الاسلام يقدم للبشرية إنسانية الانسان بأعظم صورها المتمثلة بالخلق الحسن والسلام والعدل،فالمؤمن يحمل سلاحه لتحرير الانسان وبتوجيه من كتاب ربه

قال ربعي بن عامر-رضي الله عنه لرستم "قائد الفرس" : الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله قال وما موعودالله قال الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي "

قلت:عندما يدرك المؤمن تلك المقامات والمهام وأنًه هو جنديَ من جنود الله،فلا يخاف في الله لومة لائم - وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فيهب روحه وجلَ وقته في سبيل نيل حريته بكل مااستطاع من قوة، ويشغله ذلك عن طعامه وراحته،

-              الحرية الدينية وقبول الآخر

الدكتور تيسير الفتياني ـ جامعة العلوم التطبيقية ـ في مقالته بعنوان " الحرية الدينية وقبول الآخر " قال : لا ينبغي لأي مسلم أن يحقد أو يضطهد أحداً بسبب مخالفته له في الدين ، لأن هذا الاختلاف من سنن الله ، ولا يجوز أن يُرغِم أحداً على ترك دينه واعتناق الإسلام ، ولقد وضع الإسلام شعاراً لذلك قابلاً للتطبيق وهو قوله تعالى : "  ) لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ " سورة البقرة الآية 256 ، وقوله تعالى : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ  " سورة يونس الآية 99 .

وخير مثال على ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما عقد صلحاً مع أهل بيت المقدس ، أعطاهم فيه الأمان لأنفسهم و أموالهم وكنائسهم و صلبانهم سقيمها و بريئها و أن لا تسكن كنائسهم ولا تهدم .... ، ولقد وصلت الحرية الدينية في الإسلام مبلغاً في غاية الرقي ، ففي بعض الأمور سمح لغير المسلمين ما لم يسمحه أو يبيحه للمسلمين ، مثل الخمر و الخنزير

-              مناِِبع الحرية

يولد المولود حاملا بذِرة الحرية ثم تسقى هذه البذرة بماء المكرمات من الاسرة الشريفة،فهي المنبع الاول للحرية ثم الشارع فالمدرسة والمجتمع والمسجد والاعلام....الخ،والعجيب الذي رأيته في دارالغربة أنّ بعض الناس يربون أولادهم على البلطجة "المخففة" فإذا كبرالاولاد حصد الآباء ما زرعوا أضعافاً مضاعفة ، يصدق فيهم قول معن بن أوس (4) 

فيا عجباً لمن ربيت طفلا          القمه باطراف البناني

اعلمه الرماية كل يوم           ولما استد ساعدة رماني

وكم علمته نظم القواقي       فلما قال قافية هجاني

قلت: استد: من السداد  والتسديد وهي أصح من إشتد

تقول الاستاذة منال عبد الجليل العواودة (5) : الأسرة هي مركز التدريب الأول للأبناء على تعزيز قيمة الحرية ، قال الشاعر العربي أبو العلاء المعري :

وينشأ ناشئ الفتيان منا       على ما كان عوَّده أبوه

وقد حث الإسلام أتباعه على احترام رأي الصغير منهم ، ودعاهم إلى أن يتركوا صغارهم ليعبروا عن آرائهم بحرية كاملة ، رغم حداثة سنهم وقلة خبرتهم ، وشعارهم " كيف يتعلم من لم يخطئ "، ومما روي في السيرة العطرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب فشرب منه ، وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ فقال للغلام : " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام : لا والله ، لا أؤثر بنصيبي منك أحداً، قال فتلّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده " . ( متفق عليه ) .

-              الحرية والهجرة

عندما تضيق الارض بما رحبت وتقف في وجه الحر الكريم قوى تمنعه من تبليغ دعوته الى الله هنا تُكتب عليه الهجرة ، فالهدف الاسمى للحرية هو بناء الانسان وتحقيق انسانيته ،ولذلك كانت عمارة المساجد – وهي أطهر بقاع الارض- بالانسان المؤمن، وليس بالحجارة والطوب الطين ،

والهجرة هي هجرة مانهى الله عنه،أي حقيقة الهجرة أن تكون لله ورسوله، قال الله تعالى "...ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ..."النساءرقم الاية100

-              السيرة الذاتية للحرية

السلام عقيدتي ، والحق لساني، وسمتي الحياء، و الارادة عزيمتي ،وعرشي في قلوب الاحرار ،والعزة قوتي ،،والكرامة تاج راسي، والعدالة والمساواة جناحيّ ،والسيف حارسي، والحضارة وصيفتي، والصراط سبيلي، والرجال الاحرار جندي، وعدوي اللدود الظلم ،والخيانة قاتلي

-              الطاغوت يصادر الحرية في دولة طاغوتستان(عصابتستان)

 النظام في دولة طاغوتستان -استغفر الله -اقصد العصابة فيها هي الحاكمة ،والحاكم هو البلطجي الاول وهو الانسان فقط وما حوله هم الذين يستحقون الحياة والحرية على طريقتهم فلا حياة ولا كرامة لغيرهم ولسان حال كبيرهم "انا احيي واميت" اقتل اذبح ادمر اغتصب افعل ما اشاء ولا اسال عما أشاء انا إلاه البشرية  فسألوا ازلامي ان كنتم لا تعلمون، وهذه قصة ليست جديدة بل هي قديمة واسألوا التاريخ عن النمرود وفرعون بل هي جديدة في زماننا حين تصادر الحرية شيئا فشيئا، هكذا يتدرج الطاغوت في انكار الحرية حتى تصبح تراود الضعفاء في الاحلام فيسكرون بها، فالهمز واللمز والكلمة وحتى الأحلام المخالفة للنظام ممنوعة ويحاسب المرء عليها، وينشر الطاغوت وأزلامه أمثالا وقصصاً تمكّن له في سلب الحرية والقبول بالذل والخنوع مع الرضا النفسي بذلك، ولنضرب مثلا واحداً كقول: ( حط راسك بين الروس وقل يا قطاع الروس )، أو الإستهزاء بالعلم والعلماء وتحويل الانسان الى مادي بحت ، كقولهم (( معك فرنك بتسوى فرنك ، معك مليون بتسوى مليون )) عندها يصبح الطاغوت –برأي عامة الشعب الغلبان والجاهل- المصلح والشريف وباني الامجاد والحال الذي هم فيد كأحسن حال وإذا ذهب الطاغوت ستخرب البلاد ، في دولة عصابتستان تتم مصادرة حياة الانسان شيئاً فشيئا فالانسان هو عدد لا يتجاوز الرقم صفر، وهو( الطاغوت) رقم واحد،فكلما زاد فتكه وقتله للناس زادت الاصفار عن يمينه وإرتفعت قيمته عند أسياده، لأنه ينفذ مخططاتهم ، وان اراد الطاغوت ان يتكلم عن الانسان وصفه بالجرذان او اصغر من ذلك، هذا لعمري صورة الطاغوت وقيمته في نفسه والالسنة مغارف القلوب فيكشف حقيقة نفسه بنفسه 

-              الحرية (6) ( شعر سيد قطب ،رحمه الله )

تيمت كل فؤاد في هواها .... واستوت من كل نفس في حشاها

مزجت بالروح في تكوينها .... فهي لا ترضى بها شيئاً سواها

فتن الطفل بها في مهده .... وغرام الشيخ فيها قد تناهى

سبَّح العصفور شدوا باسمها .... ورآها فتنة ً لما رآها

هي روحانية في سحرها .... مزجت بالروح فازداد سناها

صوروها وتولوا وصفها .... ويحكم يا قوم شوهتم حلاها

إنها في النفس أبهى صورة .... فدعوها حيث شاءت تتباهى

هي معنى غير محدود فلا .... تحصروها في حدود تتناهى

اتركوها تسبح الأرواح فيها .... إنكم لن تدركوا يوماً مداها

ليس في الألفاظ أو بين الدمى .... مفصح عنها كما نحن نراها

هي ماذا ؟ هي معنىً قد سما  .... هي روح يبعث الموتى شذاها

هي وحي يلهم النفس فتسمو .... عن خسيسات الأماني وخناها

أرأيت الطير يشدو فرحاً .... منشداً عذب الأماني منتقاها

هو لما ذاق منها كأسها .... أسكرته فتغنى في لماها

أم رأيت الطفل إذ تكبحه ....   ظلم الدنيا ويغشاه دجاها

هو لا يرجو سواها متعة .... وهو إذ يبكي على شيءٍ بكاها

هي روح الحسن في عليائه .... صورة أخرى له أنت تراها

جاهد الأحرار في ميدانها .... ثم ماتوا بفخار في حماها

لو يضحوا في هواها غاليا .... كل ما عزَّ رخيص في هواها

-              الحرية

يقول الشاعر ظافر القحطاني "السعودية"في مجلة الفرقان عدد122

تُدغدغ آمالاً وتهفو لنيلها       جموعٌ لها تحت الهوان أنين

وتؤتى الخطايا باسمها فكأنها    على غير أخلاق الكرام تُعين

إذا أفلتت حرية من لجامها      فليس لنا حصن هناك حصين

سيقضي على كل المبادئ ركضها    إذا لم يقدها في المهامه دين

وهل أنجب الأحرار غير عبادة      تحصن قلب المتّقي وتلين

وترسم آفاق الكرامة حوله          تلوح عليها عزة و يقين

فإن لاح درب بالكرامة مورق        فَسِرْ، أنت حر في خطاك مكين

و إن لم تنل حرية و كرامة          بأرض و إن رحبت فأنت سجين

-              الحرية

يقول الشاعرالكبير أحمد مطر "العراق" في مجلة الفرقان

إن الحرية أن تحيا عبداً لله بكلية

وفق القرآن ووفق الشرع ووفق السنن النبوية

لا حسب قوانين طغاة أو تشريعات أرضية

الحرية نبت ينمو بدماء حرة وزكية

تؤخذ قسراً تُبنى صرحاً يرعى بجهاد وحميّة

يعلو بسهام ورماح      ورجال عشقوا الحرية

لن يرفع فرعونٌ رأساً   إن كانت بالشعب بقيّة

فجيوش الطاغوت الكبرى في وأد وقتل الحرية

من صنع شعوب غافلة  سمحت ببروز الهمجية

حادت عن منهج خالقها   لمناهج حُكم وضعيّة

واتبعت شرعة إبليس فكساها ذلاً ودنيّة

فقوى الطاغوت يساويها وجلٌ تحيا فيه رعيّة

لن يُجمع في قلبٍ أبداً إيمانٌ مع جُبن طويّة !  

وصلَّى اللهُ  على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين

1-                قلت : يعود الفضل – بعد الله تعالى – لسيدي الفاروق عمر رضي الله عنه لكلمته التي تخط بماء الذهب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)، ثم لسيدي العلامة  سيد قطب لقصيدته العصماء عن الحرية

2-         رئيس قسم الفقه وأصوله بكلية الشريعة بالجامعة الاردنية المرجع مجلة الفرقان العدد122

3-         مدير عام أكاديمية الثريا للتدريب المرجع مجلة الفرقان العدد122"

4-         ((وهو شاعر من شعراء العصر الإسلامي المخضرمين الذي قال معاوية بن أبي سفيان عنه ( أشعر أهل الجاهلية زهير ابن أبي سلمة وأشعر أهل الإسلام ابنه كعب ومعن ابن أوس(، ))

5-         مجلة الفرقان عدد 122

6-         قصيدة للعلاَّمة : سيد قطب . نشرتها مجلة جريدة الإخوان المسلمين في عددها العاشر – السنة الأولى – بتاريخ 25 ربيع الثاني 1352 هـ - 1933 م ، ضمن مقال للأخ الشاعر سلامة خاطر  ناظر معهد حراء الاسماعيلية في مقال له بعنوان " الحبيبة المنشودة". منقول من تشرة تحت عنوان إضاءآت 15 للدكتور موسى ابراهيم الابراهيم "مفكر اسلامي "، ومن تلاميذ سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري رحمه الله والمسلمين آمين .