الطغاة يمشون بأرجلهم إلى نهايتهم المحتومة

تمتلئ صفحات التاريخ بأخبار الطغاة الذين قادتهم خطواتهم إلى نهاياتهم المحتومة في مواجهة أية ثورة شعبية ضد سلطتهم واستبدادهم، والنهاية المحتومة هي أن تحل عليهم لعنة الشعب ويلفظهم التاريخ غير مأسوف عليهم بعد أن ينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم من جرائم.

الكثير من الطغاة يدركون أن لا أمل لهم بالانتصار على شعبهم لكنهم عاجزون عن أن يتصوروا إمكانية انهزامهم أو تراجعهم ، لذا فإنهم يتابعون لعبة القتل والتدمير حتى النهاية.

يعيش المستبد الطاغية حالة غير طبيعية يتصور فيها أنه يملك كل شيء، يتحكم برقاب العباد وأرزاقهم، بحاضرهم ومستقبلهم، يتوهم أنه قادر على صنع المعجزات وأن أي إنسان أو مجموعة غير قادرة أن تقف بوجهه، ذلك لأنه يتحكم بأهم مصدرين لممارسة تلك السلطة : المال والجيش.

يتحول المستبد إلى ما يشبه التنين، أو إلى آلة قتل متجردة من أي حس إنساني أو عاطفة أو محبة، لا يرى بمحكوميه سوى خدم و مرتزقة أو عبيد، ومن أجل الاستمرار بالحكم، فهو لا يتوانى عن ممارسة كل أساليب الكذب والخديعة واللصوصية والقتل مهما كانت بشاعتها.

حين يتجرأ فرد أو مجموعة أفراد على الإعلان عن الغضب أو الرفض لذاك الحاكم يجن جنونه ويصاب بالهستيريا التي تمنعه من التفكير بشكل منطقي أو أن يحاول معرفة الأسباب التي دفعت الناس للغضب والرفض، فيبدأ يتصرف برد فعل وحشي من خلال استخدام القوة والقوة فقط لإخضاع "عبيده" وإرجاعهم إلى بيت الطاعة.

لا يستطيع الحاكم المستبد رؤية أن ممارسة القمع والقتل في مثل تلك الحالة هي الريح التي ثؤجج نار الثورة ضده، تملأ الصدور حقدا وكراهية واستعدادا للثأر، وحتى لو استطاع الحاكم إخضاع الناس وإسكاتهم مؤقتا فإن الشعب الثائر سرعان ما يعود بأكثر قوة وتصميما لإسقاطه مرة واحدة وإلى الأبد.

ما يدور في سورية حاليا لا يخرج عن هذا الإطار، فالحاكم يدور في حلقة مفرغة من القتل والتدمير على أمل أن يقضي على انتفاضة الشعب الثائر المطالب بالحرية والكرامة ناسيا أنه كلما ازداد عدد القتلى وكلما ازداد الدمار، كلما ازدادت كراهية الناس له وازدادوا تصميما على المضي بالثورة ضده بحيث يقترب سريعا من نهايته المحتومة وهي أن يفقد الحكم ويفقد حياته وينتصر الشعب وتلك دروس التاريخ، فالشعوب الثائرة منتصرة دائما.