عملية باريس: النسخة الجديدة من 9/11

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

كتب الاستاذ مجاهد ديرانية ما يلي:

(مضت ثلاثَ عشرةَ سنةً على حادثة تفجير برجَي التجارة في نيويورك، تلك الحادثة التي انكشف كثيرٌ من خفاياها وأسرارها خلال السنوات اللاحقة، حتى بات معروفاً للعالِم والجاهل أنها عملية مخابراتية ضخمة، أُعِدَّت بعناية لصناعة وضع عالمي جديد مشكلتُه الكبرى هي "الإرهاب الإسلامي"، فكانت تلك الحادثة هي القادحَ الذي فجّر أضخمَ حملة على الإسلام في العصر الحديث، حملة ما تزال الأمة تعاني من تداعياتها حتى الآن.

ثم يأتي على ذكر عملية باريس ويقول:

(... الذي نفذ العمليتين (عملية باريس الأخيرة وعملية نيويورك 2001) هو أجهزة استخباراتية محترفة...)

أقول:

ما حدث في 9/11 فعله مسلمون يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وليس عملية مخابراتية ضخمة كما يحلو لبعض المنظرين والمحللين أن يقولوا، وما حدث في باريس مؤخرا فعله مسلمون يحسبون أنهم يدافعون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولديهم فتاوى تقول أن العلماء أجمعوا على قتل شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم أو المستهزئ به، وهو كذلك ليس مؤامرة على المسلمين... وإن كان لا يمنع أن هناك من يوظف مثل هذه الاحداث ضد الاسلام والمسلمين ولكنه يبقى "توظيف" وليس "مؤامرة" كما يزعم البعض بادلة واهية وحجج لا تنهض على ساق...

إحتمال قيام حوادث اخرى مشابهة بابه مفتوح مادامت الفتاوى التاريخية موجودة، وما دام الراغبون بالشهادة متوفرون، وما دام في الطرف الثاني هناك جاهلون بالاسلام مستعدون للمارسة حريتهم –بل ظلمهم- بالاعتداء على المسلمين ومقدساتهم تارة باليد وتارة باللسان...

معادلة مكتملة العناصر جاهزة للتفجر في أي لحظة لاحداث صراع حضارات وقوده الناس والحجارة يمكن أن يُستدرج له الآلاف لو وجدت عقول خبيثة تسعر أوارها... وكلنا نعلم أن هذا الصنف الخبيث من البشر موجود...

على كل طرف من أطراف هذه المعادلة أن يراجع نفسه، وعلينا نحن المسلمين أن نكون أول المراجعين لاننا دون المراجعة سنكون أكبر الخاسرين، ولو تمت المراجعات المناسبة فان ما في أيدينا من قرآن وهداية للبشرية يرشحنا لان نكون أكبر الرابحين ولكننا نبدو أحيانا ... كمن يحمل أسفارا!!!

مراجعاتنا يجب أن تشمل الفتاوى التاريخية، وتوجيه طاقات الشباب الابطال المضحين إلى الاشتغال بما ينفع ...

الفتاوى التاريخية التي بين أيدينا هى فتاوى زمان ومكان مختلف، نحن لسنا في عصر دار الحرب ودار السلام، لسنا في عصر ابن تيمية ولا تلزمنا فتاواه...

العالم اليوم مبني على دول المواطنة المتساوية، ويطرح الديمقراطية حلا للتداول السلمي للسلطة، ولديه قوانين جادٌ في تطبيقها، علينا أن نبدأ من هذه النقطة ونتعامل معها بواقعية وايجابية، وأن نستفيد من مناخ الحرية والديمقراطية والعدالة لنشر ما نراه حقا وعدلا بالاقناع والدليل وليس بالفرض، ومن خلال تعايشنا مع غيرنا في دول المواطنة علينا أن نخضع للقوانين العامة التي اتفق عليها الناس ونحاول بالقانون وبالوسائل المتاحة المساهمة في تعديل وتطوير القوانين باتجاه ما نراه حقا وخيرا وعدلا، ولو أساء أحد إلينا علينا أن نستخدم القانون لمحاسبته ومعاقبته، ولو كان في القانون بعض الظلم والخلل فعلينا أن نجتهد في تعديله بالوسائل السلمية القانونية المتاحة... وعلينا أن نبذل جهدا مضاعفا لشرح أفكارنا وبيان جمالها وفائدتها للناس والمجتمع مستخدمين كافة وسائل الاتصال الحديثة التي لا حجة لاحد في عدم امتلاكها لرخصها وتوفرها وكثرتها...

ما دام المسلمون في الكرة الارضية لم يستطيعوا أن يوفروا العلم والامن والكفاية لمجتمعاتهم فليس من الحكمة أن يطرحوا قوانينهم وحدودهم التي صممت لمجتمع نظيف نشرت فيه الفضيلة وتوفرت فيه الحرية والعدالة الاجتماعية ووفرت فيه الدولة الرعاية الصحية والتعليمية والمادية... عندها فقط تطبق الحدود والقوانين الرادعة، ولن نجد حينها غالبا من يحتاج لتطبيق هذه الحدود عليه ... 

لن يصعب على أي فريق أن يجد أثرا من دليل هنا وهناك ليدعم أعماله، ولكن يبقى الحق بيّن والهدي العام واضح، والحكمة لا تغيب عن عين البصير، ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا...

قال تعالى: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) النحل 126

وقال: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم) فصلت 34

وقال: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) النحل 125

وقال: (إدفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون) المؤمنون 96

وقال: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون) العنكبوت 46

وقال: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) الفرقان 63

و"السام" عند اليهود "الموت"، وقد أتى اليهودُ النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك، قال: (وعليكم). فقالت عائشة رضي الله عنها: السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مهلا يا عائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف أو الفحش) قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: (أولم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في). البخاري 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) الترمذي

وفي الشعر قالوا:

إذا نطق السفيه فلا تجبه *** فخير من إجابته السكوت

إذا جاوبته فرجت عنه *** و إن أهملته كمدا يموت.

وقالوا: لو كل كلب عوى ألقمته حجراً ***لأصبح الصخر مثقالاً بدينار.