مثل هؤلاء الرجال نريدهم حكاماً لسورية

محمد فاروق الإمام

مثل هؤلاء الرجال نريدهم حكاماً لسورية

محمد فاروق الإمام

[email protected]

في هذا الزمن الرديء وقد قصرت قامات الرجال وخبا بريق الرجولة فيها نقلب صفحات التاريخ وسير الأعلام لنتلمس بعض ما نعتز به وقد أدمت مواقف رجال اليوم قلوبنا وكسرت شوكة عزنا وعفرت بالتراب جباهنا.. فنجد ما يعيد لنا التفاؤل في أن تلد أرحام نسائنا رجال كهؤلاء الرجال الذين كانت قاماتهم لا تنحني إلا للواحد القهار ولا تسجد جباههم إلا للعزيز الجبار.
فمن تاريخ سورية وسير أعلامها ننقل هذه الصورة المضيئة، فمن جملة ما تروى من قصص عديدة مؤثرة عن مواقف وطنية مشهودة في زمن الانتداب الفرنسي لسورية، ومنها موقف وزير الخارجية السوري جميل مردم بك تجاه المندوب السامي، ولمّا تكن جيوش فرنسا قد خرجت من سورية بعد.

يروى أنه في صباح يوم السادس والعشرين من شهر أيار عام 1945م شهدت شوارع دمشق موكباً عسكرياً حافلاً، يخترق شوارع دمشق محيطاً بسيارة فاخرة تحمل العلم الفرنسي، ويصل الموكب إلى وزارة الخارجية السورية، ونزل من السيارة الجنرال (بينيه) المفوض السامي للحكومة الفرنسية منذ آذار عام 1944م.‏‏

وقصد الجنرال مكتب وزير الخارجية آنذاك جميل مردم بك دون موعد أو استئذان، ولم يفاجأ الوزير بدخول الجنرال الفرنسي لأن الضوضاء التي أحدثها هو وموكبه الحافل، لفتت انتباه الوزير فاتجه إلى النافذة ليرى ثكنة عسكرية بحالها قد انتقلت إلى أمام وزارته.‏‏

وألقى الجنرال تحية الصباح على الوزير مردم بك، الذي رد عليه بكل برودة أعصاب وفتور وهو يشغل نفسه ببعض الأوراق التي كانت على مكتبه، فتقدم الجنرال للوزير بمذكرة تتضمن مطالب فرنسية من الحكومة السورية، فتناولها مردم بك وأخذ يقرؤها بكل هدوء.

وبعد مرور قرابة ربع الساعة قال الوزير: إن سورية لا تستطيع قبول ما جاء في المذكرة، فرد عليه الجنرال وهل تستطيع سورية عدم القبول وابتسم بسخرية قائلاً: هل تعتقد سورية أنها دولة مستقلة لكي ترفض طلبات فرنسا؟‏‏ فابتسم مردم بك هو الآخر بسخرية قائلاً: وهل تعتقد فرنسا نفسها أنها دولة عظمى لكي توجه هذه المذكرة إلى سورية؟‏‏

وأشار الوزير إلى باب مكتبه قائلاً: اخرج من مكتبي، وعقدت الدهشة لسان الجنرال، ولم ينطق بكلمة واحدة، إنما لملم نفسه وخرج من وزارة الخارجية السورية مهزوماً منكسراً.