قبسات من درر العلماء

الشيخ عصام العطار

قبسات من درر العلماء

الشيخ عصام العطار

بعد البسملة وحمد الله تعالى يقول الشيخ حفظه الله ورعاه:

أمر طبيعي أن يجتمع علماؤنا لنصرة قطر من الأقطار العربية أو الإسلامية فأخوة الإسلام جامعة أخوة الحق أخوة العروبة أخوة الإنسانية لابد أن تجمع هؤلاء الأفاضل وهم لا يبتدعون بذلك بدعة فطالما اجتمعت قلوب العرب والمسلمين في مختلف أقطارهم نصرة لأي قطر من الأقطار يصيبها الظلم

سلام  من  صبا  بردى أرق
ومعذرة    اليراعة   iiوالقوافي
وبي  مما  رمتك  به iiالليالي
ألست  دمشق للإسلام iiضئرا




ودمع  لا  يكفكف يا iiدمشق
جلال الرزء عن وصف يدق
جراحات لها في القلب iiعمق
ومرضعة   الأبوة   لا  iiتعق

هذا أحمد شوقي سنة 1925م قالها في سورية عند الاحتلال الفرنسي لها

لولا دمشق لما كانت طليطلة        ولا زهت ببني العباس بغدان

وإذا قالوا دمشق فهم يقصدون سورية من أولها إلى آخرها

الإسلام يشد المسلمين إلى بعضهم البعض، المصائب المشتركة تشد الناس إلى بعضهم البعض، لقد تجسم هذا على امتداد تاريخنا الطويل الذي أنسيناه، الذي نسيناه، ولكن عيب أن ننساه

إذا  ألمت    بوادي   النيل   حادثة        باتت لها راسيات الشام تضطرب

وإن   دعا   في  ثرى الأهرام ذو ألم        أجابه  في  ذرى  لبنان منتخب

هذي يدي عن بني مصر تصافحكم        فصافحوها تصافح نفسها العرب

أمر طبيعي إذن أن ينتصر العرب والمسلمون في كل مكان أن ينتصروا لسوريا أن ينتصروا لتونس أن ينتصروا لمصر أن ينتصروا لليبيا ولولا ذلك لخانوا دينهم وخانوا إنسانيتهم وخانوا القيم العليا التي يطالبهم بها الإسلام، أود أن أقول أيضاً أيها الإخوة إذا تجاوزت كل رابطة وطفية أو قومية تجمع بيننا نحن العرب والمسلمين في أنحاء الأرض إن من مقتضيات ديننا وإسلامنا أن نكون مع الحق حيثما كان وأن نقف ضد الظلم في كل مكان نشأ فيه في هذه المسكونة، هذا جزء من ديننا، جزء من إسلامنا خصنا به كثيراً على صعيد بلادنا العربية والإسلامية وعلى صعيد الدنيا فنحن المسلمين لم نحبس أنفسنا قط في حدود إقليم لم نحبس أنفسنا قط في حدود قومية من القوميات، لم نحبس أنفسنا، وكنا مع الله في كل مكان، كنا مع القيم العليا في كل مكان من هذه الأرض التي نعيش عليها، عندما كنت في مطالع حياتي كنت أقرض الشعر أحيانا ومن ذلك أقول:

الله ربي وهذا الكون أجمعه        بيتي وسكانه أهلي وإخواني

(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)

نحن المسلمين أصحاب رسالة لا أقول في أقطارنا فقط ولا في أقاليمنا فقط أصحاب رسالة حق وهداية وخير للدنيا كلها ويجب أن نجسم هذا الأمر أحسن تجسيم، يا إخواني: إن من إسلامنا أن نرفع صوتنا ضد كل ظلم، الظلم في ديننا ممنوع، (يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، في شريعة الإسلام لا يقبل أن يظلم فرد فردا ولا شعب شعباً، ولا دولة دولة، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، لذلك أيها الإخوة: نحن بإيماننا، نحن بتكاتفنا وتآزرنا يجب أن نكون صوت الحق في بلادنا، وأن نكون أيضاً صوت الحق في عالمنا وعصرنا، يجب أن نهتف للطغاة الظالمين في كل مكان من أرضنا في كل مكان من عالمنا وعصرنا يجب أن نهتف في وجه هؤلاء الطغاة بكل صراحة وقوة ووضوح (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) بكلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه متى استعبدتم الناس يا حكام سوريا؟ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ ولكن نحن بالمقابل يجب أن نهتف بكل مواطن بكل مسلم بكل عربي بكل إنسان بكلمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا تكن عبداً وقد خلقك الله حراً) لا تكن عبدا وقد خلقك الله حراً يجب أن نفتح صفحة جديدة في تاريخنا وفي حياتنا تردنا إلى ربنا تردنا إلى إسلامنا حتى نتمكن من أن نعود إلى صدر العالم وأن يعود بنا الحق والعدل والخير إلى صدر هذا العالم أيضاً، لا يكون مؤمناً حقاً، من يخنع ويخضع ويستسلم للباطل والطاغوت، لا يكون مؤمناً حقاً من لا يؤمن بانتصار الحق على الباطل في نهاية المطاف، ويمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور، إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب، قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب، قل جاء وما يبدئ الباطل وما يعيد، (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً)، (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون).

أيها الأخوة يبدو أنني أطلت فأختم بقضية خاصة وقد تكون عامة في نفس الوقت، عندما بدأت غربتي في عام 1964م كنا في الحج وسدوا علي طريق القدوم إلى سوريا حاولت مراراً ولكن بقي الطريق مسدوداً وخلال ذلك ثار من ثار على الدكتاتورية والظلم والباطل والطاغوت من شباب المسلمين وأنا بعيد بعيد عاجز عن أفعل أي شيء من الأشياء ولكنني رغم هذه الغربة التي بدأت من الشرق إلى الغرب ومن الشباب إلى الشيخوخة ومن الصحة إلى المرض كنت واثقاً ولم تتغير ثقتي قط، ولم تتبدل، ولم تهتز، ولم تتزعزع بانتصار الحق على الباطل وبأننا سنعود، سنعود، سنعود ونجتمع، ويجتمع شملنا كرة أخرى في سوريا ليس في دمشق وحدها، حماة وحلب وحمص وبانياس ودوما وكل هذه المناطق كنت أقول لأحبتي باستمرار وأرسل إلى إخواني وأحبائي:

أحباي    مهوى    الفؤاد    تحية
أحباي  إن  النصر  لا  بد  iiقادم
سنقطع  هذا  الليل  يوماً  ونلتقي
ونمضي على الأيام عزماً مسدداً
فيعلو   بنا   حق  علونا  بفضله
ونصنع   بالإيمان   دنيا  iiكريمة






تفوز   إن  نلتم  كل  سد  وعائق
وإني   بنصر   الله   أول   واثق
مع الفجر يمحو كل داج iiوغاسق
ونبلغ   ما   نرجوه  رغم  العوائق
على  باطل رغم الظواهر iiالزاهق
وننشر  نور  الله  في  كل شارق

هذه تباشير الفجر، فجر الحرية، فجر الكرامة، فجر اللقاء بعد الفراق، تلوح لنا على كل أفق من الآفاق، ونحن أكثر ثقة من أي وقت من الأوقات التي مضت بنصر الله عز وجل وما خالجنا قط في ذلك شك (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40) الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).

ألف ألف تحية لكم يا شباب ثورتنا في سوريا,ألف ألف تحية لكم يا شيوخ ثورتنا في سوريا يا هيثم المالح الذي يجلس الآن فيما بيننا إن سوريا خطوة في طريق أطول ,طريق تحرر الوطن العربي والإسلامي جميعا ,طريق وحدتنا وتحررنا من كل سلطان أجنبي مادي أو معنوي أيضا (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)أقولها مرة أخرى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته