براعم الربيع الأحمر.. سلاما

نسيبة بحرو

نحن الأطفال براءتنا هي أحلى ما في هذا الكون ، وطفولتنا هي أغلى ما أهداه الله الى الأبوين

نحـن الأطـفـال نحيـيكـم ونـقـول سلاماً وأماناً ، من حـق الأطفـال عليكـم أن يلـقـوا حباً وحناناً

من حـق الأطـفـال حيـاة تـبدو رائعـة كالأحلام ، لا حـزن يداهمهم فيها ، لا هم يكون ولا آلام

 

نشيد الطفولة .. استمع اليه براعم الربيع العربي  قبل رحيلهم في قافلة الشهداء ، فألفته أنفسهم ورددته شفاههم ، ولم يعلموا أن الطفولة التي تغنوا بها لن تنجيهم من بطش الظالمين ، والبراءة التي اتصفوا بها لن تشفع لهم عند المتوحشين .. وأن تحيتهم التي أرسلوها للعالم مفعمة بالسلام والأمان ، سترد عليهم حروقاً وأكفان ..

هذا النشيد تحدث عن حقوقٍ لهم ، أدركتها عقولهم واطمأنت بها قلوبهم ، ولكن .. ما الجدوى من أن تدركها عقولهم دون أن يدركها بنو الحجر الذين يقتلون البشر؟ ، وكيف تطمئن بها قلوبهم وهي حقوق مشروعة لغيرهم من أطفال العالم ، ومحرمة عليهم ..

وفي أي زمن نحن ؟ ، كيف يقتل أطفال أبرياء بنار أذاب لهيبها أجسادهم الغضة ، بينما لم تذب هذه الجريمة قالب الثلج الذي تجمد داخله الضمير الانساني ، والعدالة !!

ومع ذكر العدالة ، تذكرت رواية خيالية قرأتها منذ فترة ، تحكي احدى فصولها أحداث محاكمة رسمية أقيمت بعد حادث سير أذهب بحياة الكثير من الأطفال داخل باص المدرسة..

 والمثير للإستغراب والاهتمام في هذه المحاكمة هو أمرين : الأول أنها محاكمة للبحث في حقوق الأطفال ومحاسبة منتهكيها ، والثاني أن القاضي هو الضحايا الأطفال الذين قضوا في هذا الحادث .. بينما يجلس سائق الباص في قفص الاتهام ، منتظراً حكمهم العادل فيه ..

تبادر الى الخاطر أن هذه المحاكمة هي واقعٌ في قضية سوريا ، فارتسمت بذهني صورة مهيبة ، حيث ارتأيت الأطفال الشهداء الأربعة وهم يجلسون في مجلس القضاة بصحبة غيرهم من الأطفال الذين سبقوهم الى الشهادة كحمزة وعفاف.. بينما لا يتسع قفص الاتهام لكل الفئات الضليعة في هذه الجرائم النكراء ، فمن ظالم إلى متعاون إلى متآمر إلى متشدق ، إلى صامت وإلى غافل و نائم  .. والويل لهم جميعاً من رب العالمين..

فكرت ملياً ، ترى ما الحكم الذي سيصدره الأطفال في حق هؤلاء المجرمين ، وهل يدينوهم ويعاقبوهم ؟ أم أن براءة الطفولة ستمنعهم من ذلك رغم دمائهم التي لم ولن تجف ؟

العزاء الحقيقي هو أنهم حتى لو لم يفعلوا ذلك على أرض الخيال ، وحتى لو لم يفعل المتخاذلين والمتواطئين على أرض الواقع .. فإن المحاكمة الالهية ستفعل !

وإني أنصح القابعين في ظلمات قفص الاتهام ، أن يتوبوا إلى الله ويقفوا موقف الحق قبل أن يأتي يوم المحاكمة الأكبر ، والحكم يومئذ لله ..

رحم الله شهداء أطفال الربيع العربي ، وكل شهداء المسلمين .. ولاحول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإنا اليه راجعون .