في ظل الديمقراطية ، الثقافة هي المسار الموصل للقمة

في ظل الديمقراطية،

الثقافة هي المسار الموصل للقمة

رضا سالم الصامت

الثقافة هي التراث الفكري الذي تتميز به جميع الأمم عن بعضها البعض. حيث تختلف طبيعة الثقافة وخصائصها من مجتمع لآخر، وذلك للارتباط الوثيق الذي يربط بين واقع الأمة وتراثها الفكري والحضاري، كما أن الثقافة تنمو مع النمو الحضاري للأمة، وكما أنها تتراجع مع ذلك التخلف الذي يصيب تلك الأمة، وهي التي تعبر عن مكانتها الحضارية بالثقافة التي وصلت إليها

و كما هو معلوم فان اللغة العربية هي لغة التونسيين الأولى، و لكن جل المؤسسات التعليمية في تونس تشجع على تعلم اللغات الأجنبية، مثل الفرنسية و الإنجليزية و الإيطالية و الألمانية وحتى الصينية و البولونية و اليابانية و غيرها من اللغات الأخرى 

 تونس منذ العهد البورقيبي ، و بعد الاستقلال عام 1956 راهنت على التعليم مثلما راهنت على الشباب المتعلم و المثقف بغية ضمان اللحمة بين الأجيال السابقة و اللاحقة و ضمان أيضا الوحدة الثقافية، و حفز الهمم للإبداع في شتى المجالات مثل المسرح الأدب السردي الأوبيرات القصة و الرواية الشعر الفنون التشكيلية الموسيقى السينما الترجمة الخ 

 الدولة التونسية خصصت أموالا طائلة من أجل تحقيق هذا التوجه الحداثي ،ولم تسلط أي وصاية على المبدعين و لا حتى رقابة على مضامين إبداعاتهم، سواء مضامين المسرحيات أو ما ينشر في الكتب أو الأشرطة ، الشعب التونسي و خاصة رجال الفكر و الأدب و الثقافة الذين يعتزون أيما اعتزاز بأمجاد الماضي القريب حتى يتعلم الشباب اللاحقون منهم فكريا و أدبيا و فنيا ، و حتى يشتد عود الثقافة التونسية الحديثة و التي بدأت مع ابن خلدون و خير الدين باشا و الأديب الراحل محمود المسعدي و أبو القاسم الشابي الذي قال : اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر و لا بد لليل أن ينجلي و لا بد للقيد أن ينكسر . والقيد انكسر أخيرا

 فالثقافة التونسية عانت في عهد الرئيس السابق بن علي من ظواهر التهميش و الاقصاء والتسيب و تغييب الحقائق، ولكن و بفضل نجاح الثورة أعيدت لها مكانتها واعتبارها و حتى رونقها إن صح التعبير 

 زد على ذلك فان الأعمال الفنية و الإصدارات تكثفت و قد حرصت تونس على ايلاء المبدع التونسي حقوقه الإبداعية ،و هو ما ساهم في عدم ضياع حقوق كل من أبدع عملا ما و اجتهد و ثابر

 تحديث الفكر و الإحساس و السلوك بواسطة مواكبة كل ما يجد في العالم من جديد و لا سيما تكنولوجيا الاتصال و المعلوماتية و في هذا المجال حققت تونس تقدما ملحوظا في استعمال و إتقان هذه التكنولوجيات الرقمية ، إذ تعد إضافات هامة حظيت بها الثقافة التونسية في جميع الفنون و على كل المستويات ،حيث أن التطور التعليمي الذي عرفته تونس ساهم في رفع الشأن الثقافي و لم يعد مفهوم الثقافة ترفيهيا فحسب بل صار له دور فاعل، في رفع مستوى الذوق العام و الفكر لدى المواطن التونسي و تحسن سلوكه و ساهم أيضا في الارتقاء به ليضمن تفتحه على العالم الخارجي و يساهم بالتالي في دفع عجلة التنمية بالبلاد

 و ما نشاهده من معارض للكتب لدليل على المكانة التي تلقاها الثقافة التونسية سواء في داخل تونس أو خارجها، فالثقافة هي بوابة التنمية و التقدم في تونس ما بعد ثورة 17 ديسمبر 2010 - 14 جانفي يناير 2011

فالديمقراطية كما يرى فيها البعض، أنها المنقذ أو المَعبر الإلزامي الذي تمر به الشعوب والمجتمعات ومن خلاله إلى الحرية، بعد سنين طويلة من حالات الاختناق السياسي، والممارسات السلطوية والدكتاتورية، والاستبداد التي تعرضت له هذه الشعوب، بالإضافة إلى وصول الأمور في هذه المجتمعات إلى نهاية الطريق، واصطدامها بالحائط المسدودوعلى الرغم من تشكيك البعض في جدوى مسار المسألة الديمقراطية، إلا أن هناك من يرى فيها الحل، حيث رفع كثير من النخب الفكرية والثقافية والسياسية بأصواتهم ينادون بالديمقراطية هي الحل، وسعت إلى الترويج والدعاية لها والترغيب فيها، وذلك ترجمة وتعبيرا عن المعاناة التي تعانيها شعوب المنطقة والضائقة التي تمر بها، والشوق إلى التحرر من ظاهرة سلطة الاستبداد، وتجاوز المحن التي تكبل وتعيق وتمنع تحقيق التنمية، ومعالجة الأوضاع المتردية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.

إذن ففي ظل الديمقراطية فان الثقافة هي المسار الموصل للقمة .. فلا مكانة و عزة لمجتمع بدون علم .. ولا شجاعة و قوة لأمة بلا علم .. والعلم نفسه الثقآفة ، ان الثقافة هي السلاح للأمة في جميع نواحيها ضد الأعداء ، ضد الجهل والذل والظلام والرفعةوهي احدى اركان الحضارة وتشكل الركن المعنوي فيها وتشمل كافة الجوانب الغير مادية والمتمثلة بالعقيدة الاسلامية السمحة والقيم والافكار والعادات والتقاليد والأخلاق العالية والاعراف والامزجة والاذواق واللغه والمشاعر التي تختص بها امه معينة عن غيرها من الامم واهم ما في هذه الجانب هو العقيدة اهم القواعد الاساسية التي تظل على الدوام تمد شخصية الامة بما يميزها ويمنحها في الوقت نفسه القوة والبقاء والاستمرارية.