الأهالي يناشدون الجيش للتدخل

عبد الله خليل شبيب

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

بهذه العبارة المستفزة يحاول النظام السوري عبر إعلامه المتهالك  أن يبرر اقتحامه السافر والجبان للمدن والقرى السورية, تحت ذريعة الاستجابة لرغبات الأهالي البسطاء الذين ضاقوا ذرعا بالعصابات المسلحة التي هبطت عليهم من عل وأعملت فيهم التقتيل والترهيب وبث الرعب وزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي !!

يسارع الجيش العربي السوري في الاستجابة لنداءات المواطنين , فهو لا يمكن أن يتأخر عن نداء الوطن ولايملك أن يتنكر لاستغاثات المستغيثين  وإلا خان شرف القسم العسكري وتنكب عن الهدف الذي من أجله انشئ!!

طالعنا عميد المهرجين العرب الفنان دريد لحام  بحقيقة علمية يستحق عليها براءة اختراع ووسام استحقاق بدرجة عميد نفاق حيث لفت انظارنا جميعا إلى دور الجيش معلنا في فاصل كوميدي ارتجالي وعلى الهواء مباشرة ان الجيش ما وجد إلا للحفاظ على السلم الأهلي والاستجابة السريعة والفاعلة لنداءات المواطنين الأبرياء حين يتعرضون لغزو فضائي غير معروف المصدر والتوجه  , وليست مهمته (والكلام لغوار الطوشة) تحرير البلاد واسترداد الأراضي المغتصبة وحماية الثغور من أي تهديد خارجي !!

بهذه العقلية الامنية يبرر النظام ومن يدور في فلكه من أبواق إعلامية وفنية وثقافية دخول المدن واقتحام البيوت الآمنة وترويع النساء والأطفال واعتقال الأبرياء وزجهم في المعتقلات حتى ضاقت بهم فتحولت ملاعب كرة القدم والصالات الرياضية إلى سجون في طول البلاد وعرضها , ناهيك عن المقابر الجماعية التي دفن فيه الناس أحياء في مدينة درعا الباسلة والتي بدأت تظهربعض  تفاصيلها المروعة يوما بعد آخر..

وحتى تكتمل فصول هذه المسرحية الهزلية لا بد من إضفاء بعض الرتوش القميئة فيتم جلب كومبارس بزي شعبي يناسب بيئة العمل وتمتلأ بهم حافلات المخابرات ليصلوا إلى ( اللوكيشن ) ليعطي بعد ذلك مخرج العمل أوامره بالبدء بالتصوير فترى المشهد على النحو التالي :

أرتال من الدبابات والمدرعات العسكرية وهي تخرج من طرف المدينة التي حوصرت ودمرت على رؤوس أهلها والكومبارس الشعبي على طرفي الطريق وهو ينثر الورود وحبات الرز على الجنود والفرحة الغامرة تعلو محياهم وعلامات النصر ترتفع عاليا والكاميرا تدور وينتهي المشهد بأمر المخرج ويخلع الكومبارس ثياب العمل ومعها يخلعون مابقي من أخلاقهم وضمائرهم ويستلمون مكافآتهم في انتظار موقع آخر للتصوير ..ِ

أما الدبابات التي حيت المصطفين فإنها تخرج من طرف المدينة الشرقي لتدخل من غربها وتمارس فعل الاستجابة لنداءات المواطنين بالتدخل لإزهاق أرواح الناس وامتهان كرامتهم والنيل من آدميتهم لأنهم تجرأوا على رفع أصواتهم في وجه نظام مستبد حكم شعبه بالحديد والنار ردحا من الزمن.

يبدو المشهد عبثيا في بعض جوانبه لكنه ذو دلالة بالغة على مدى رداءة الأداء الإعلامي الرسمي الذي يحاول جاهدا ان يقنع البسطاء من الناس في الداخل والخارج بممارساته الإجرامية المنكرة ,فهو يمتهن الكذب والتضليل بدرجة لم يسبقه إليها أحد ليبرر سفكه لدماء الأبرياء وهو لا يدري ان المواطن السوري البسيط بذكائه الفطري يدرك تماما تفاصيل المشهد وأبعاده وحقيقة ما يجري على الأرض.

إن محاولة زج الجيش العربي السوري في مواجهة المدنيين الذين يطالبون بالحرية يهدف إلى تشويه صورة المجند السوري في ذهنية المواطن السوري الذي ينظر الى خدمة العلم على أنها واجب وطني مقدس بعيدا عن الممارسات اللاانسانية التي تمارس في وحدات الجيش والتي تنزع إلى إهانة المجندين ومسح كينونتهم أثناء اداء الخدمة الإلزامية التي صارت كابوسا لكل مواطن سوري بلغ الثامنة عشر من عمره , حتى بات السوق إلى العسكرية بمثابة المصيبة التي تقع على رؤوس البسطاء من الناس , أما المتنفذين وأولي القربى من النظام فيقضون الخدمة في أحضان أسرهم مقابل الرشى التي تدفع إلى الضباط ومن بيدهم قرار الحل والعقد في هذا الجانب.

وفي خضم هذه المعمعة  لاننسى أفرادا وضباطا اوفياء رفضوا أن يصوبوا بنادقهم تجاه أبناء شعبهم وكلفهم ذلك حياتهم , فسقطوا شهداء على أيدي قادتهم العسكريين الذين باعوا ضمائرهم وخانوا شرف القسم العسكري الذي يقضي بحماية الوطن والمواطنين لا قتلهم وإزهاق أرواحهم البريئة لمجرد أنهم رفعوا أصواتهم منادين بالكرامة المسلوبة والحرية المنهوبة .