جمعة شهداء المجلس الوطني

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

في الماضي والحاضر يسمى مجلس الجامعة العربية , وأصبح عند الثورة مجلس وطني , وأطلق الثوار في سورية على اسم الجمعة هذه , جمعة شهداء مجلس الجامعة العربية , وهل من الغرابة لو أطلقنا التسمية على جمعة شهداء المجلس الوطني ؟

لنرى بعد التفصيلات الواقعية ونقارن بين المجلسين , ومن هو المسئول عن سقوط هؤلاء الشهداء في كل لحظة من أحرارنا وثمرات أكبادنا في سورية الحبيبة , وليس بأيدينا إلا كلمات الضعفاء , لنقول , نحسبهم عند الله شهداء وندعو لهم بالرحمة وأن يلهم زويهم الصبر والسلوان ويعوضهم خيراً , وكذلك ندعوا لجرحانا بالشفاء العاجل ولأسرانا الأعزاء بفك أسرهم جميعاً .

فلو عرجنا على موقف الجامعة العربية , وبحثنا في الحلول والتي يمكن أن تقدمها للثورة السورية ,من إسقاط هذه الطغمة المجرمة في سوريا , نجد أمامها حل واحد وسريع يمكن أن تخدمنا فيه , فالكل يتذكر موقف الجامعة العربية من القضية الليبية , في أنها طلبت من المجتمع الدولي تأمين الحماية للمدنيين في ليبيا , وإقامة حظر جوي بالسرعة الممكنة لوقف حمام الدم والذي كان يسير فيه المقبور معمر القذافي , وبالفعل تم ذلك وأنقذت بن غازي من مجزرة حقيقية في اللحظة الأخيرة .

فالجامعة العربية تعرف حدودها وتعرف إمكانياتها , ولا يمكن أن تشارك بقواتها ضد أي نظام عربي يذبح شعبه , إلا مع غطاء دولي وضمن قوات دولية , كما عهدنا ذلك سابقاً فيما سمي بتحرير الكويت , وكذلك في ليبيا أخيراً .

فالجامعة العربية لم تطلب تلك الحماية من المجتمع الدولي , وبالتالي أي موقف منها تجاه النظام ليس له تأثير مباشر على وقف حمام الدم والذي يتعرض له الشعب السوري من قبل الاحتلال الأسدي الصفوي .

تم تشكيل المجلس الوطني السوري , وخرجت الجماهير الثائرة ترفع رايات التأييد لهذا المجلس , وتم دعمه من قبل الثوار بالكامل , واعترفت فيه ليبيا المحررة كأول دولة في العالم ,وأعلنت عن كامل استعدادها لدعم الثورة مادياً وسياسياً وعسكرياً .

شعارات الثوار في الداخل وطلبات التنسيقيات والمفكرين والداعمين للثورة في الداخل والخارج , وحتى تنتصر الثورة ويتم حماية المدنيين من آلة القمع التي يمتلكها القتلة في سورية , ولايمكن ذلك إلا :

1-    دعم الجيش السوري الحر مادياً وعسكرياً ولوجستياً , وبالتالي يكون عنده القدرة على التحرك لحماية المدنيين , وفي نفس الوقت لتفتيت آلة القمع والتي يمتلكها اللانظام الساقط في سورية .

2-    وحتى يتم للجيش الحرذلك فهو يحتاج لدعم خارجي عسكري , ولا يحتاج لتدخل عسكري على الأرض وإنما , لحظر جوي فقط كتقدير للموقف الراهن الآن .

فالمجلس الوطني يرفض رفضاً قاطعاً دعم الجيش السوري الحر , ويرفض تلك الانشقاقات التي تحصل في الجيش , وكذلك يرفض الحماية الدولية , وهو يطالب فيها بشكل هلامي غير واضح , حتى لايكون موضعاً للنقد .

ففي المؤتمر الصحفي الذي عقد في ليبيا بين رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون والسيد الفاضل مصطفى عبد الجليل , وعندما قال سيادته (نحن على استعداد لدعم الثورة السورية سياسياً ومادياً وعسكرياً ) , وكان جواب غليون (إن ثورتنا سلمية وستبقى سلمية يرد فيها على المستشار الفاضل أننا لانريد دعمكم العسكري فلسنا بحاجة إليه )

فلا أعلم هل أعضاء المجلس الموقر هذا , لم يسمعوا بمذبحة الرستن البطلة , وكيف تم ذبحها وتدميرها وقتل أهلها , ولم يروا او يسمعوا مايجري الان في أحياء حمص درة الثورة وبركانها , وكيف تقصف من جميع أنواع الأسلحة الفتاكة , وما يجري في:

دوما والحراك وريف دمشق والمجازر التي ترتكب فيها وفي كل المدن الثائرة, يقتل أبناؤها وتغتصب نساؤها وتذاب أجسدة المعتقلين وتقطع أجساد الكثير وتمزق .

فالسؤال هنا المتشعب والذي يجعلني كقنبلة تكاد ان تنفجر

هل المجلس الوطني يعتبر الجيش الحر منافساً له في المستقبل ؟ لذلك عليهم تهميشه والتخلص منه في تركه في الساحة لوحدها يصفى جسدياً من قبل المجرمين , أو يفر خارج الوطن ليصبح في طي النسيان أيضاً .

هل الشهداء الذين قدمهم الشعب السوري في تأييده للمجلس الوطني , لايوجد له اعتبار عندكم , وتريدون المزيد والمزيد ؟

وهل سأل أحد منكم نفسه لماذا الثوار في الداخل اعتبروا المجلس هو الممثل الوحيد لهم ؟

وإن لم تسألوا انفسكم هذا السؤال , وسوف أجيبكم عليه حتى لاأعذبكم في البحث عن الاجابة :

فالثورة اعتقدت بكم كممثل سياسي لها متوافق مع طلباتها وصوتها في الداخل والخارج وعلى المستوى العالمي , في مناشدة دول العالم لحمايتهم من الابادة ودعم ثورتهم وجيشهم الحر والذي يمثلهم , وهذين الطلبين هما الطلبان الوحيدان والذين يحتاجونكم فيه حالياً , وتعريف العالم بثورتهم في المرتبة الثانية فهي صارت معروفة للجميع .

إلى متى سنبقى تحت سيطرة من يمثلنا , طلبات الشعب مهملة , وطلبات الحاكم هي الوحيدة ولا مكان للشعب فيها .

واختم أسئلتي المتشعبة تلك :

لوأراد شبابنا وشاباتنا في سورية دوام هذا الحال, أي النظام يغرد لوحده مهملا شعبه

فهل تعتقدون سيكون لكم وجود , أو كانت ستكون هناك ثورة بالفعل؟

فهي جمعة شهداء المجلس الوطني , كما هي جمعة شهداء مجلس الجامعة العربية.