نظرة في أحد قوانين حماية حقوق الإنسان في الغرب

نظرة في أحد قوانين حماية حقوق الإنسان

في الغرب

م. أسامة الطنطاوي

[email protected]

لا يملك الكثير منا سوءا المقيمين أو الزوار لبلاد الغرب المعرفة الكافية بقوانين تلك الدول والتي تصب في صالح الشخص مهما كانت صفته مما يوجب علينا حماية أنفسنا وتعليم أبنائنا بالتعرف على قوانينهم ونظمهم القضائية ، ومنها ــ مثلا لا حصرا ــ قانون ميرندا وهو اسم شخص متهم اشتهر اسمه حول العالم منذ عام 1966م.

ميرندا رايت بالإنجليزية Miranda rightوهو ما يعرف باسم حقوق ميرندا أو قواعد ميرندا، وهو التحذير الذي توجهه الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى المشتبه فيهم جنائيا عند القبض عليهم (أو في الاحتجاز للاستجواب) قبل أن يتم استجوابهم للحفاظ على مقبولية بياناتهم لاستخدامها ضدهم في الإجراءات الجنائية.

 ميرندا رايت يعود معناها إلى قرار للمحكمة العليا في سنة 1966 في قضية عرفت باسم ميرندا ضد ولاية أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كان أرنستو أرتورو ميرندا متهما بالاغتصاب، وقد شكا من أن حقوقه بحسب التعديلين الخامس والسادس للدستور الأمريكي انتهكت؛ لأن الشرطة لم تقل له ما هي هذه الحقوق بعد اعتقاله.

وقد وقفت المحكمة العليا إلى جانبه، وأعيدت محاكمته، ولم يسمح للمدعي العام اللجوء لأي اعترافات أخذت من المدعى عليه قبل إعطائه حقوقه الدستورية، من هنا عرفت بمسمى «ميرندا رايت».

وهذه الحقوق التي بدأت بها ولاية أريزونا قد أصبحت قانونا فيدراليا على كافة الولايات، وهي اليوم موجودة، بشكل أو بآخر، في بلدان كثيرة أخرى.

وقد عادت بقوة بعد أن شكا كثيرون من المعتقلين في غوانتانامو من أن حقوقهم القانونية انتهكت خلال التحقيق معهم.

ما هي ميرندا رايت؟ نصها هو كالآتي:

 «اثبت في مكانك، ولديك الحق في التزام الصمت، وكل ما تقوله من الممكن أن يستخدم ضدك في المحكمة، لديك الحق في الحصول على محامٍ، وإذا كنت لا تستطيع دفع أتعاب المحامي، فالمحكمة سوف تعطيك محاميا مجانيا، هل تفهم حقوقك؟. فيجيب المدعى عليه الرد بأنه فهمها».

عندما أطلق سراح ميرندا صار يكسب عيشه من خلال بيع أوتوغرافه، وكان عناصر الشرطة من جميع أرجاء الولايات المتحدة يبعثون له ببطاقات «حقوق ميرندا» التي كانت تصرف لهم لقراءتها على المتهمين حتى يوقعها ويعيدها لهم بريديا.

على أية حال، ففكرة تلاوة حقوق المتهم عليه بصيغة واضحة وموحدة فور توقيفه ليست حكرا على الممارسة القانونية الأمريكية وحدها، إذ تتبناها الآن كثير من الدول في التشريعات الجنائية.

كما أن هناك مساعي تبذل حاليا على مستوى الاتحاد الأوروبي لاعتماد وثيقة حقوق مشتركة من قبل البرلمان الأوروبي سميت بـ«وثيقة حقوق ريدنج»، نسبة إلى المفوضة «فيفيان ريدنج» التي اقترحت موضوعها.

ومن المزمع أن تفعل هذه الوثيقة الأوروبية بنهاية عام2014م، وسيترتب عليها إلزام عناصر الشرطة بتقديم نسخة مطبوعة من هذه الحقوق إلى الموقوفين، بحيث يكونون على بينة تامة من حقوقهم قبل الشروع في استجوابهم.

فيجب على المواطن العربي والمسلم عند تواجده في الغرب معرفة حقوق ميرندا رايت ووثيقة ريدنج؛ لحماية نفسه، ولكي لا يدين نفسه دون علم.

ومن باب قول الشاعر العباسي البغدادي:

حَنانَيكَ أنَّ الشيءَ بالشيء يُذكر      فلا تعجبي يا هنذ إذ صرتُ أضجر

فإن ما يذكر في هذا المقام حقوق المواطن العربي المهدورة والتي لم تنفع الدساتير ومواد القانون في حمايته من جور السلاطين و سطوة الجلادين على مر الازمان، علما بأننا كنا من أوائل الحضارات التي سبقت أمم الدنيا في رعاية حقوق الانسان وحمايته،

حيث تعتبر شريعة حمورابي – وهو سادس ملوك مملكة بابل القديمة – من أقدم الشرائع المكتوبة في التاريخ البشري ، هذا ناهيك عن الإعلان الخالد لمبادئ حقوق الانسان التي جاءت في القرآن العظيم ...

 فهل سنشهد يوما تطبيق مثل ذلك في بلاد العرب ولو بعد حين؟