أسرار تقلب المواقف عند مقتدى الصدر
حسام صفاء الذهبي
ان كل مسؤول على اختلاف وظيفته ومظهره يتحتم عليه تأدية مسؤوليته ببيان وإيضاح الحكم الذي فيه صلاح الأمة بما يتناسب والمصلحة العامة لا بحسب ما يريده أصحاب الأهواء الرديئة والعقول القاصرة، وعليه حفظ مصالح الشعب والوطن والعمل على تأديتها بكل أمانة لأن ذلك من أسباب ترسيخ قيم العدالة وقطع أصول الفساد والإفساد، فلا بد ان تكون الأجواء حافلة بالإخلاص والنقاء عند من يضطلع بإدارة مراكز مهمة كالمؤسسة الدينية أو السياسية فمثل هكذا أشخاص يكون من الضرورة تمتعهم بثروات معنوية هائلة وحمل القيم الإنسانية والأخلاقية الرفيعة وان يكونوا بعيدين عن أي تأثير سلبي بحيث يتاح لهم اتخاذ المواقف المبدئية دون خوف او خلل، لأن الارتباط مع جهات أخرى ماديا أو إداريا او بأي نوع من أنواع الارتباط يؤثر سلبا على الموقف المبدئي وثباته مما يؤدي إلى الابتعاد عن تحقيق مصالح الشعب والذود عن حمى الوطن والدفاع عن حقوقه ، لأن التصدي لمثل هذه المناصب يحتاج إلى شخصية قوية مبدئية ثابتة المواقف تتصدى لسياسات الزيف والخداع وتشويش الحقائق، وفقدان مثل هكذا شخصيات يؤدي إلى ضعف هذه المؤسسات ..
ونتيجة لذلك منينا نحن العراقيين بشخصيات متقلبة المواقف ليس لها ثوابت ولا مبادئ تدور مع رياح المصالح الضيقة وتوجهات أسيادها، ففي السادس والعشرين من آب الماضي دعا مقتدى الصدر إلى تظاهرات بعد انقضاء عطلة عيد الفطر بحجة المطالبة بتحسين الخدمات بعد انقضاء مهلة الستة أشهر التي خدّر بها أتباعه وسوف بها قضية الشعب يوم 25 شباط وبرد غضب بعض المخدوعين محاولا خلط الأوراق والظهور بمظهر المطالب بحقوق الشعب والمدافع عنها حين حاول تلميع صورته أمام من يظنه الوطني الغيور على العراق ببعض العبارات التي أظهرها وكأنها تذكير للحكومة بمصير الحكام العرب الذين انتفضت عليهم شعوبهم وأسقطتهم في تونس ومصر وليبيا ..
وفي التاسع من أيلول الحالي دعا إلى التظاهر ورفع الصوت والمطالبة بالحقوق وكأنه لا هم له إلا مصلحة الشعب العراقي الذي عانى من ظلم وفساد السياسيين في الحكومة وغيرها، وكالعادة سوف القضية وأجل التظاهر ..
وبعد هذه المماطلات والتسويفات واللعب على أكثر من حبل وصل الحال بان يعلن المتحدث باسمه، صلاح العبيدي خلال مؤتمر صحفي عقده في بغداد إن التظاهرات التي ستخرج الجمعة المقبلة ستكون لتقديم الشكر على جهود الحكومة التي لبت مطالب الشعب العراقي، في إخراج المحتل !! ، وكأن المحتل فعلا قد خرج !! وكأن المحتل لم يصنع له قواعد ثابتة في العراق !! وهكذا اتضح ان غاية التظاهرات وهدفها ليس الشعب العراقي ومصالحه والمطالبة بحقوقه وإنما تبين ان الهدف منها شكر جهود الحكومة تطبيقا لأجندات خارجية وقوى دولية لها نفوذها في العراق ! ولا اعلم أي جهود بذلتها الحكومة والعراقيون قد غرقوا في فساد وظلم هذه الحكومة ؟؟!!
ولا أريد الإطالة فالكلام لا يجدي نفعا مع هكذا شخص وإنما سأتكلم مع إخوتي وأهلي العراقيين عسى ان ينتبه البعض من غفلته وحسن ظنه الزائد بهكذا شخصيات ..
اعلموا أحبتي ان الأشياء العظيمة غالبا ما تبدأ من الداخل حتى شبهها البعض بالبيضة، فإن تم كسرها بقوّة خارجية فقد انتهت حياتها أما إذا تم كسرها بقوة داخلية فان هناك حياة قد بدأت ، يعني أننا كشعب نشكل نواة هذا البلد وقلبه النابض علينا ان نصنع حياتنا نحن بأيدينا وبقراراتنا غير المرتبطة بأجندات وقوى خارجية لأننا إن خضعنا لضغوط الآخرين فسيكون مثلنا كالبيضة التي ستنتهي الحياة فيها ، علينا ان نكسر قيودا أرادها البعض ان تقيد أفكارنا وعقولنا وحرياتنا ..
أخوتي .. علينا ان نتيقن بأننا لم نُخلق للفشل والحزن والنوح والبكاء، لم نُخلق بلا هدف ولا حكمة، نحن لسنا مجرد أرقام في الحياة، نحن خُلقنا لنؤدي دورنا ولنثبت وجودنا وكرامتنا التي كرمنا بها الله تعالى، نحن موجودون لأن الكون يحتاجنا، يجب ان نثق ونرضى بهذه النتيجة وان نأخذ مما جرى علينا في الأمس الخبرة واليوم العبرة ..